ليبيا: المفتي يقسم مواطنيه إلى مسلمين وكفار والجيش يتهم قطر بتسليح المتطرفين

عشرات القتلى في معارك غرب طرابلس.. وتحذيرات من مجزرة لمعتقلين في بنغازى

جنود من الجيش الليبي خلال اشتباكات مع ميليشيات إسلامية متطرفة في بنغازي أمس، (ا.ف.ب)
جنود من الجيش الليبي خلال اشتباكات مع ميليشيات إسلامية متطرفة في بنغازي أمس، (ا.ف.ب)
TT

ليبيا: المفتي يقسم مواطنيه إلى مسلمين وكفار والجيش يتهم قطر بتسليح المتطرفين

جنود من الجيش الليبي خلال اشتباكات مع ميليشيات إسلامية متطرفة في بنغازي أمس، (ا.ف.ب)
جنود من الجيش الليبي خلال اشتباكات مع ميليشيات إسلامية متطرفة في بنغازي أمس، (ا.ف.ب)

بينما نظم أنصار التيار الإسلامي مظاهرات بوسط العاصمة الليبية طرابلس ومصراتة، اتهم الجيش الليبي مجددا قطر بتسليح المتطرفين، وكشف النقاب عن رصده لطائرة شحن قطرية، أمس، قامت بنقل عتاد حربي إلى ميليشيات مصراتة في غرب البلاد. تحت شعار جمعة «برلمان الخيانة ساقط لا محالة» تظاهر المئات من المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين في عدة مدن ليبية، للمطالبة بإسقاط مجلس النواب المنتخب، تخلل المظاهرة إطلاق تهديدات علنية لرئيس المحكمة الليبية العليا، كمال دهان، بإهدار دمه قبل الجلسة المرتقبة للمحكمة الأسبوع المقبل لحسم الجدل بين البرلمانين: السابق والحالي.
كما وجه مفتي ليبيا الشيخ، الصادق الغرياني، انتقادات لاذعة لمجلس النواب الحكومة الانتقالية، معتبرا في مداخلة صوتية للمتظاهرين في العاصمة، أن الصراع في ليبيا ليس سياسيا، وإنما هو صراع بين الحق والباطل.. مما يعنى أنه قسم عمليا مواطنيه إلى مسلمين وكفار.
وتجاهل المفتي في مظاهرة نظمها أنصار التيار الإسلامي في ميدان الشهداء بوسط طرابلس، تقارير عن إصدار السلطات البريطانية لقرار رسمي بمنعه من دخول بريطانيا على خلفية تورطه في دعم أنشطة الجماعات الإرهابية في ليبيا. ولم تنف بريطانيا رسميا هذه التقارير التي التزم سفيرها في ليبيا مايكل آرون الصمت حيالها؛ لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية، فرح دخل الله قالت، أمس، في تصريح، إن «توسيع العقوبات وفق قرار مجلس الأمن رقم ۲۱۷٤ لتشمل الميليشيات الذين يؤججون الصراع المستمر في ليبيا، يوجه رسالة واضحة مفادها أن المجتمع الدولي سيتحرك ضد الأطراف التي تلجأ إلى العنف لتحقيق أهداف سياسية».
وأعربت عن قلق بريطانيا من تدهور الوضع الأمني ونمو خطر الإرهاب في ليبيا، مضيفة: «لذلك نؤيد التوصية باللجوء للعقوبات وفق قرار مجلس الأمن، وإننا ندرك أهمية تأمين الحدود لمنع انتقال الأسلحة والمقاتلين عبر شمال أفريقيا، ونعمل على حظر الجماعات الإرهابية»، موضحة أن «بريطانيا تدعم أيضا جهود دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام للمساعدة في وضع ترسانة الأسلحة والذخائر تحت سيطرة الحكومة الليبية».
في غضون ذلك، وفي أحدث اتهامات علنية للدوحة بالتدخل العسكري في الأزمة الليبية، اتهم العقيد محمد الحجازي، المتحدث السابق باسم الجيش الليبي، قطر بتسليح الميليشيات المسلحة لما يسمى بـ«قوات فجر ليبيا» وحلفائها من الجماعات الإرهابية بمصراتة، بالإضافة إلى ما يسمى بـ«مجلس شورى ثوار بنغازي».
وهذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها الجيش الليبي السلطات القطرية بدعم المتطرفين في ليبيا التي تعانى من فوضى عسكرية وأمنية عارمة منذ الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 بدعم من حلف شمال الأطلنطي (الناتو).
من جهة أخرى، أعلن حجازي أن الجيش الليبي حقق أخيرا ما وصفه بـ«نجاحات كبيرة» خلال المواجهات ضد المتطرفين في بنغازي بشرق البلاد، التي قال إن «قوات الجيش تسيطر على 95 في المائة منها». وأضاف: «قواتنا تقترب من الجماعات الإرهابية بالعاصمة طرابلس، ولدينا وحدات من الجيش تتقدم نحو العاصمة غربا». وكان عضو مجلس النواب، النائب عن مدينة بنغازي، عيسى العربي، قد أعلن أن قوات الجيش الليبي مستمرة في عملية تحرير بنغازي، وأن الوضع يمضي إلى الأفضل، مشيرا في تصريحات بحسب «وكالة الأنباء الألمانية» إلى وجود نقص في المواد الغذائية، والأدوية، والأطقم الطبية في المستشفيات، وكشف النقاب عن أن زيارة النّواب الأخيرة لمنطقة «بنينا» بينت بأن أكثر من 100 منزل تعرض للهدم.
ووصف الوضع بـ«الكارثي»، إضافة إلى نزوح عدد كبير من سكان المنطقة، مشيرا إلى أن «حكومة الأزمة تواصلت مع أهالي المنطقة وأعيانها لحصر الأضرار، وإعادة المؤسسات المتبقية، وتعويض السكان عما لحق بممتلكاتهم». ودعا أهالي بنغازي للتعاون مع الجيش لتطهير المدينة، ودعت الأطراف المسلحة إلى إلقاء السلاح والرضوخ للدولة.
إلى ذلك، لقي 10 أشخاص مصرعهم وأصيب أكثر من 30 شخصا آخرين في قصف عنيف بالأسلحة الثقيلة في مدينة ككلة (التي تبعد نحو 150 كم جنوب غربي طرابلس)، ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن مصادر أن «المستشفى الميداني بالمدينة يعانى من نقص حاد في الأدوية والمعدات، نتيجة عدم وصول الإمدادات واشتداد القصف»، وقال صبحي جمعة، الناطق الرسمي باسم القوة الوطنية المتحركة، إن «ما يسمى بجيش القبائل وميليشيات الزنتان يشنون هجمات على ككلة».
وكانت القوة المتحركة قد ادعت في بيان مقتضب أن «المعارك احتدمت في سد وادي زارت الذي يقع على الطريق المؤدي إلى ككلة»، واتهمت جيش القبائل باستخدام راجمات الصواريخ في قصف المنطقة، موضحة أن «ثمة تطورات عسكرية ميدانية جديدة ومتوقعة سيكون لها تأثير كبير في هذه المعركة».
في المقابل، وجهت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان نداء عاجلا لمجلس النواب الليبي والحكومة الليبية ومنظمات حقوقية دولية، للتدخل العاجل لإنقاذ أرواح 150 معتقلا من سجناء ومعتقلي سجن بوهديمه الذي تم اقتحامه من قبل جماعات أنصار الشريعة ومجلس شوري ثوار بنغازي المسلحة أثناء اقتحامهم لسجن أبوهديمه خلال أحداث العنف بمدينة بنغازي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».