التشكيلات القضائية في لبنان محكومة بالولاء لقوى السلطة

TT

التشكيلات القضائية في لبنان محكومة بالولاء لقوى السلطة

اقترب مجلس القضاء الأعلى في لبنان، من إنجاز التشكيلات والمناقلات القضائية، المتوقع أن تشمل نحو 500 قاضٍ، موزّعين على مختلف المراكز في جميع قصور العدل والمحاكم الجزائية والمدنية.
وتعدّ هذه التشكيلات الاختبار الأول لقدرة الدولة على محاربة الفساد، بدءاً من السلطة القضائية، التي تعترف مراجعها بأن خللاً يصيب جسم العدالة، ولا بدّ من تنقية ذاتية تقوم على مبدأ الثواب والعقاب، ما يشكل اختباراً للقاضي سهيل عبود الذي عيّن قبل أشهر رئيساً لمجلس القضاء، بالإضافة إلى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. ويعكف مجلس القضاء الأعلى منذ شهرين، وبعيداً عن الأضواء، على دراسة مشروع التشكيلات، وتعترف مصادر مواكبة لهذا المسار، أن «شيئاً ما تغيّر في ذهنية المتعاطين مع التشكيلات» وتؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «النموذج الذي كان معتمداً في السابق لم يعد قائماً الآن، حيث كانت المرجعيات السياسية ترسل إلى مجلس القضاء لائحة بأسماء القضاة المحسوبين عليها سياسياً وطائفياً ومناطقياً وتفرض تعيينهم»، مشيرة إلى أن «القاضي سهيل عبّود أوصل رسالته إلى من يعنيهم الأمر بأن هذا الأسلوب غير وارد لديه، وهذا الأمر أبلغه للقضاة بأن أي وساطة تأتيه من أي مرجع سياسي سيدفع القاضي المعني ثمنها». ومع أهمية هذا التحوّل في السلوك والأداء، إلا أن ذلك لا يعني خروج القضاء نهائياً من تأثير السلطة السياسية، لسبب مهم، وهو أن التشكيلات تصدر بمرسوم يوقّعه بداية وزير العدل ثم وزير الدفاع فوزير المال، مروراً برئيس الحكومة وصولاً إلى رئيس الجمهورية، وبالتالي فإنه لا يمكن القفز فوق أصحاب هذه التواقيع، لأن تجاهل مطالبهم أو اقتراحاتهم يبقي التشكيلات حبراً على ورق، في غياب سلطة قضائية مستقلة، تكون مسؤولة وحدها عن تعيين القضاة ومراقبتهم ومحاسبتهم على أدائهم.
وفيما ينتظر أن تسوّق الحكومة الجديدة التشكيلات القضائية، على أنها المحطة الأولى على طريق الإصلاح، عبر إطلاق يدها لملاحقة الفاسدين وناهبي المال العام، فإن ثمة مؤشرات لا تبشّر بالخير، وترى المصادر المواكبة لمسار التشكيلات، أن «لا مشكلة في المناقلات التي تطال مراكز قضائية، بدءاً من القضاة المنفردين إلى الرؤساء والمستشارين في محاكم الاستئناف والجنايات، وبعض المحامين العامين». وأشارت إلى أن «الأزمة تكمن في مراكز المدعين العامين، ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، وقضاة التحقيق الأول، لكون هذه المراكز تشكل مفاتيح القرار لدى السلطة السياسية، وهي صاحبة السلطة في عمليات التوقيف والاعتقال، وتأمر الأجهزة الأمنية وتفرض عليها إجراءاتها، خصوصاً في مرحلة المواجهة الحادّة بين قوى وأحزاب السلطة وبين الانتفاضة الشعبية وناشطيها».
وعلى أهمية هذا الاستحقاق القضائي، فإن التشكيلات ستبقي القديم على قدمه في كثير من المراكز، ومنها على سبيل المثال، المدعي العام الاستئنافي في شمال لبنان القاضي نبيل وهبة (يتردد أنه محسوب على تيار المستقبل)، المدعي العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان (الذي يتردد أنه من حصة رئيس مجلس النواب نبيه بري)، المدعي العام الاستئنافي في البقاع منيف بركات (الذي يتردد أنه محسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر)، فيما يجري نقل القاضية غادة أبو علوان (وهي درزية يتردد أنها من حصّة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط)، إلى منصب رئيسة الهيئة الاتهامية في جبل لبنان، على أن يُعيَّن قاض مكانها يتردد أنه محسوب على جنبلاط أيضاً. وتشدد المصادر المذكورة، على أن «المعركة الأساسية في التشكيلات، تدور حول موقعين أساسيين، هما مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، ومن سيخلف القاضي بيتر جرمانوس الذي قدم استقالته، والمدعي العام الاستئنافي في جبل لبنان مكان القاضية غادة عون، المغضوب عليها بسبب أدائها غير المرضي، والقرارات التي اتخذتها مؤخراً وتسببت بإحالتها على التفتيش القضائي، وآخرها الإشكال الذي حصل بينها وبين النائب هادي حبيش، على أثر قرار القاضية عون بتوقيف رئيسة دائرة تسجيل السيارات والآليات المهندسة هدى سلوّم المقربة جداً من حبيش، بتهمة الرشوة والإثراء غير المشروع».
والمفارقة أن هذين المنصبين التابعين للطائفة المارونية، محسوبان على العهد الذي يتمسّك بهما، لكنّ ثمة مشكلة حقيقية في اختيار من سيشغلهما، وتشير المصادر إلى أن «الاسمين المقترحين من قبل فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحرّ، لا يتوافقان مع المعايير المعتمدة في التشكيلات، فالقاضيان المرشحان هما أدنى درجة من زملاء لهما يستحقون الوصول إلى هذا الموقع كونهم أرفع درجة وأكثر خبرة من الأسماء المقترحة، وهو ما يعيد إنتاج نفس الأزمة التي اعترت التشكيلات السابقة»، لافتة إلى «مكمن الخلل في التشكيلات السابقة، أنها وضعت على قاعدة الولاء السياسي والحزبي، بحيث تم تعيين قضاة في مناصب رفيعة، ليصبحوا رؤساء لقضاة أعلى منهم درجة وعلماً وكفاءة، وكانوا أساتذة القضاة المعينين خلال دراستهم الجامعية وفي معهد القضاء».



انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية المستمر للشهر الحادي عشر تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب، الخميس.

وجاء هذا الهجوم في وقت تتوعد فيه الجماعة المدعومة من إيران باستمرار هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، إذ تزعم أنها تمنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغضّ النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت هدفاً حيوياً في «تل أبيب» بعدد من الطائرات المسيرة من نوع «يافا».

وادّعى المتحدث الحوثي أن العملية «حقّقت أهدافها بنجاح بوصول المسيرات دون أن يرصدها العدو أو يسقطها»، حيث جاءت ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، واستمراراً في الانتصارِ لمظلوميةِ الشعبينِ الفلسطينيِّ واللبنانيِّ وإسناداً للمقاومتينِ الفلسطينيةِ واللبنانيةِ».

صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وإذ توعد سريع باستمرار الهجمات من قبل جماعته «حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة، وكذلك وقف العدوانِ على لبنان»، قال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض «هدفاً جوياً مشبوهاً» قبالة وسط إسرائيل خلال الليل من دون تقديم تفاصيل، وفق ما نقلته «رويترز».

وهذه هي المرة الخامسة التي تتبنى فيها الجماعة الحوثية مهاجمة تل أبيب منذ الهجوم الأول بطائرة مسيرة في 19 يوليو (تموز) الماضي، الذي أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين بعد أن أصابت الطائرة شقة سكنية.

استمرار التصعيد

أشار زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطبته الأسبوعية، الخميس، إلى استمرار جماعته في تصعيدها، وأفرد مساحة واسعة للحديث عن الهجمات الإيرانية الصاروخية الأخيرة على إسرائيل.

وفي حين زعم الحوثي أن مقتل حسن نصر الله لن يؤثر على «حزب الله» اللبناني، قال إن جماعته هاجمت 188 سفينة منذ بدء التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وكانت الجماعة ادّعت إطلاق 3 صواريخ مجنحة باتجاه تل أبيب، الأربعاء، دون تأكيد إسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، وذلك غداة مهاجمة الجماعة سفينتين في البحر الأحمر.

ويوم الثلاثاء الماضي، زعمت الجماعة مهاجمة هدف عسكري في تل أبيب بطائرة مسيرة من نوع «يافا» ومهاجمة أهداف عسكرية أخرى في «إيلات» بـ4 مسيرات من نوع «صماد 4»، وهي الهجمات التي لم يشر الجيش الإسرائيلي إلى آثار ناجمة عنها.

من آثار الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

وفي 15 سبتمبر (أيلول) أطلقت الجماعة صاروخاً «فرط صوتي» من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب، حيث أدت عملية اعتراضه إلى إشعال حرائق في أماكن مفتوحة دون تسجيل أي إصابات بشرية. كما تبنت في 27 سبتمبر الماضي إطلاق صاروخ في النوع نفسه باتجاه تل أبيب، وإطلاق مسيرة من نوع «يافا» باتجاه منطقة عسقلان.

وإزاء الهجمات التي تبنتها الجماعة الحوثية ضد إسرائيل كان أول ردّ للأخيرة في 20 يوليو الماضي حيث استهدفت مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية، الأحد الماضي، الموافق 29 سبتمبر الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقرّ به الحوثيون.