إردوغان يهدد بضرب النظام وداعميه في أي منطقة من إدلب

أرسل وفداً إلى موسكو بعد اتصاله ببوتين... ودمشق تقول إن الرئيس التركي «منفصل عن الواقع»

TT

إردوغان يهدد بضرب النظام وداعميه في أي منطقة من إدلب

هدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بضرب قوات النظام السوري وداعميه، سواء في مناطق «تفاهم سوتشي» أو خارجها، إذا أصيب جندي تركي آخر في إدلب، وأكد أن «الطيران الذي يقصف المدنيين لن يستطيع التحرك بحرية من الآن فصاعداً كما كان الوضع من قبل».
وأعلنت أنقرة أن وفداً تركياً سيتوجه خلال الأيام القليلة المقبلة إلى موسكو لمواصلة المباحثات مع الجانب الروسي حول الوضع في إدلب، بينما أجرى المبعوث الأميركي الخاص إلى روسيا جيمس جيفري مباحثات حول الملف ذاته مع عدد من المسؤولين الأتراك في أنقرة أمس.
وقال إردوغان إن تركيا ستضرب القوات النظامية السورية في أي مكان بشمال سوريا إذا أصيب أي جندي تركي آخر وقد تستخدم القوة الجوية، مشيراً إلى أن تركيا عازمة على طرد هذه القوات إلى ما وراء مواقع المراقبة التركية في منطقة إدلب بشمال غربي سوريا بنهاية فبراير (شباط) الحالي، بحسب المهلة التي حددها من قبل. وأضاف: «سنقوم بكل ما يلزم على الأرض وفي الجو دون تردد».
وذكر إردوغان، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان التركي في أنقرة، أمس (الأربعاء)، أن الطائرات التي تقصف المدنيين في محافظة إدلب السورية، لن تتمكن بعد اليوم من التحليق بحرية في أجواء المدينة، وأن الجيش التركي سيضرب قوات النظام السوري، في حال كرر اعتداءاته على الجنود الأتراك، حتى لو كان ذلك خارج المناطق المشمولة باتفاق سوتشي، معبراً: «في حال اعتدائه على قواتنا، سنضرب جيش النظام السوري حتى في المناطق غير المشمولة باتفاق سوتشي». وأشار إلى أن تركيا لن تظل صامتة حيال ما يجري في إدلب، رغم تجاهل الجميع للمأساة الحاصلة هناك، مضيفاً: «النظام السوري ومن يدعمه من الروس والميليشيات الإيرانية، يستهدفون المدنيين باستمرار في إدلب، ويرتكبون مجازر ويريقون الدماء، والذين يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان يتجاهلون هذه المجازر».
وتابع الرئيس التركي أن معظم هجمات قوات النظام السوري وروسيا والمجموعات التي تعمل معها، لا تستهدف الإرهابيين، بل المدنيين بشكل مباشر لإجبار المدنيين على التوجه نحو الحدود التركية كي يسهل عليهم عملية احتلال المناطق. وواصل إردوغان: «أقولها علناً، لن يكون أحد في مأمن في مكانٍ أُهدر فيه دم الجنود الأتراك، ولن نتغاضى بعد الآن عن عمالة أو حقد أو استفزاز من أي نوع».
وجدد إردوغان إصراره على خروج النظام السوري إلى ما بعد نقاط المراقبة حتى نهاية فبراير الحالي، قائلاً: «لن نتراجع عن ذلك، وسنقوم بكل ما يلزم على الأرض وفي الجو دون تردد».
وقُتل طياران في سقوط مروحية عسكرية سورية في محافظة إدلب استهدفها صاروخ أطلقته القوات التركية. وأكدت أنقرة سقوط الطائرة من دون أن تعلن مسؤوليتها عن ذلك.
وأجرى الرئيس التركي أمس اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين اتفقا خلاله على تنفيذ اتفاق «سوتشي» الموقع بينهما في 17 سبتمبر (أيلول) 2018 بشأن إنشاء المنطقة العازلة منزوعة السلاح للفصل بين قوات النظام والمعارضة في إدلب.
وقالت مصادر بالرئاسة التركية إن الرئيسين ناقشا مختلف جوانب التسوية السورية، وفي مقدمتها الوضع المتفاقم في إدلب. وتشهد الفترة الأخيرة توتراً بين روسيا وتركيا في إدلب، عقب مقتل 13 جندياً تركياً جراء قصف قوات النظام بنقاط المراقبة التركية.
وأدى تقدم قوات النظام في إدلب إلى محاصرة نقاط المراقبة التركية التي نشرتها تركيا ضمن إطار اتفاق خفض التصعيد في إدلب الذي تأسست بموجبه نقاط المراقبة التركية.
وأجرى وفد روسي جولتي مباحثات في تركيا يومي السبت والاثنين الماضيين لكنه فشل في التوافق على نقاط محددة لتهدئة الوضع في إدلب.
في السياق ذاته، قال وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، أمس، إن وفداً من بلاده سيزور موسكو خلال الأيام المقبلة لبحث الصراع المتصاعد في منطقة إدلب السورية، لافتاً إلى أن نحو مليون شخص نزحوا هناك بسبب الهجمات السورية التي تدعمها روسيا. وأضاف: «نواصل العمل مع روسيا لضمان استمرار وقف إطلاق النار. لكن حتى لو لم تكن هناك نتيجة لهذه العملية، فإن تصميمنا واضح... سنفعل ما هو مطلوب».
وتابع جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي في تيرانا، أن ألمانيا قدمت 40 مليون يورو دعماً لخطط تركيا لتوطين السوريين الفارين من إدلب.
إلى ذلك، واصل الجيش التركي حشد تعزيزاته العسكرية في إدلب، وأنشأت قواته نقاطاً عسكرية جديدة لها بريف إدلب الشمالي وغربي حلب، لمنع تقدم قوات الأسد في المنطقة.
وأفادت مصادر محلية أن الجيش التركي أنشأ نقطة عسكرية جديدة بين مدينتي بنش – طعوم بريف إدلب الشمالي، بعدما ثبَّت نقطة له، ليل أول من أمس، على الطريق الواصل بين بلدة الجينة ومدينة الأتارب غرب حلب.
وأوضحت المصادر أن قوات عسكرية تركية مدعومة بالدبابات وصلت مساء أول من أمس، لريف حلب الغربي، وثبتت نقطة تمركز لها في منطقة قريبة من مدينة الأتارب على الطريق المؤدي إلى بلدة الجينة.
ودفعت تركيا خلال الأيام الماضية بعدة أرتال عسكرية ضخمة إلى نقاط المراقبة في إدلب ومحيطها، كما نشرت نقاطاً جديدة في محيط مدينة سرمين ومطار تفتناز شرق إدلب.
وتأتي تحركات القوات التركية المكثفة، بعد التهديدات التي أطلقها الرئيس التركي «إردوغان» بأن بلاده ستنفذ عملية عسكرية واسعة النطاق ضد قوات الأسد في إدلب، في حال لم تنسحب الأخيرة من المناطق التي تقدمت إليها، نهاية شهر فبراير الحالي.
من جانبه، طالب وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، حلف شمال الأطلسي (ناتو) بتقديم دعم ملموس لحماية سكان مدينة إدلب من هجمات النظام وداعميه. وقال أكار، في مقابلة مع وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية، إنه أصدر تعليماته لجنود بلاده بالرد الفوري على أي هجمات للنظام تستهدف نقاط المراقبة التركية أو النقاط العسكرية بإدلب. وجدد أكار التأكيد على أن نقاط المراقبة التركية الـ12 ستواصل أداء مهامها في إدلب، مشيراً إلى أن بلاده تواصل الضغط على روسيا لدفعها لاستخدام ضغوطها على نظام الأسد وإجباره على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، والتراجع لما بعد الطريق الدولي «إم 5». ولفت إلى أن أنقرة طلبت من موسكو إيقاف فوري لهجمات النظام السوري على إدلب، والالتزام بالهدنة، الأمر الذي سيساهم في عودة المدنيين لديارهم.
وأشار أكار إلى أن الجيش السوري بسط سيطرته على أراضٍ في منطقة إدلب، تضم 4 نقاط مراقبة تابعة للجيش التركي، من أصل 12 نقطة في منطقة إدلب لخفض التصعيد، إضافة إلى موقعين عسكريين للجيش التركي.
وشدد أكار على أن بلاده لن تنسحب من أي من نقاط المراقبة الـ12 في إدلب، مشيراً إلى أن العسكريين الأتراك تلقوا أوامر بالرد على أي هجوم من جانب القوات السورية على هذه المواقع، باتخاذ «إجراءات جوابية أشد».
وأعلنت تركيا، أول من أمس، أنها قتلت 51 جندياً سورياً في شمال غربي سوريا عندما شنّ مسلحون تدعمهم تركيا هجوماً على القوات الحكومية المدعومة من روسيا والتي حققت مكاسب في حملتها للقضاء على آخر معقل للمسلحين في البلاد. وقالت وزارة الدفاع، في بيان، إنه تم تدمير دبابتين سوريتين ومخزن للذخيرة أيضاً.
في غضون ذلك، بدأ المبعوث الأميركي الخاص إلى روسيا جيمس جيفري مباحثات مع عدد من المسؤولين الأتراك في أنقرة أمس شملت مباحثات مع نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط سادات أونال حول التطورات في إدلب. وصفت دمشق الأربعاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأنه شخص «منفصل عن الواقع» بعد تهديده باستهداف القوات السورية في «كل مكان»، وفق ما نقل الإعلام الرسمي عن مصدر في الخارجية.
وقال مصدر في وزارة الخارجية السورية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «يخرج علينا رأس النظام التركي بتصريحات جوفاء فارغة وممجوجة لا تصدر إلا عن شخص منفصل عن الواقع (...) ولا تنم إلا عن جهل ليهدد بضرب جنود الجيش العربي السوري بعد أن تلقى ضربات موجعة لجيشه من جهة ولإرهابييه من جهة أخرى».
وتشهد محافظة إدلب في شمال غربي سوريا منذ عشرة أيام توتراً ميدانياً قلّ مثيله بين أنقرة ودمشق تخللته مواجهات أوقعت قتلى بين الطرفين، آخرها الاثنين.
ويأتي ذلك بالتزامن مع هجوم لقوات النظام بدعم روسي مستمر منذ ديسمبر (كانون الأول) في مناطق في إدلب وجوارها تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة أقل نفوذاً. وأرسلت تركيا مؤخراً تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة تتألف من مئات الآليات العسكرية، دخل القسم الأكبر منها بعد تبادل لإطلاق النار قبل أسبوع بين القوات التركية والسورية خلف قتلى من الطرفين.
وتكرر التوتر الاثنين، إذ أعلنت أنقرة عن استهداف قوات النظام السوري مواقعها في إدلب.
وقتل في الحادثتين، وفق ما أعلن إردوغان الأربعاء، 14 تركياً وأصيب 45 آخرون بجروح. وصعد إردوغان من نبرة تهديداته لدمشق.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.