قادة إسرائيل يهاجمون الظهور المشترك لأولمرت وعباس

تزامناً مع بدء شركة الكهرباء خطوات عملية لضم المستوطنات

أعمال إنشاءات في مستوطنة رامات شلومو اليهودية شرق القدس (أ.ف.ب)
أعمال إنشاءات في مستوطنة رامات شلومو اليهودية شرق القدس (أ.ف.ب)
TT

قادة إسرائيل يهاجمون الظهور المشترك لأولمرت وعباس

أعمال إنشاءات في مستوطنة رامات شلومو اليهودية شرق القدس (أ.ف.ب)
أعمال إنشاءات في مستوطنة رامات شلومو اليهودية شرق القدس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي باشرت فيه شركة الكهرباء الحكومية الإسرائيلية خطوات عملية استباقية لضم أراضي المستوطنات ومنطقتي غور الأردن وشمالي البحر الميت، هاجم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ورئيس المعارضة، بيني غانتس، وعدد كبير من الوزراء والمسؤولين، أمس الأربعاء، كلاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، على ظهورهما المشترك في نيويورك بعد كلمة عباس في جلسة مجلس الأمن حول خطة السلام، أول من أمس (الثلاثاء).
واعتبر نتنياهو تصرف أولمرت «سقطة تاريخية». وقال، إنه «ظهر في خندق واحد مع عباس ضد أهم صديق وحليف في تاريخ إسرائيل، ووجّه له طعنة في الخلف. وهذه تعتبر حضيض السياسة في التاريخ الإسرائيلي». وأضاف نتنياهو، أن «الخطة الأميركية للسلام، أفضل خطة بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين. إنها تعترف بالواقع وبحقوق الشعب الإسرائيلي، التي يرفض عباس الاعتراف بها دائماً».
وقال بيني غانتس رئيس «كحول لفان» المعارض، إن «لقاءً كهذا لا يخدم عملية السلام». كما علق حليف غانتس في الحزب، موشيه يعلون، بقوله، إن «تصرف أولمرت مخزٍ ويشكل وصمة عار على جبينه». وقال مندوب إسرائيل الدائم في الأمم المتحدة، داني دنون، وهو أيضاً قائد في الليكود، إنه «في اليوم الذي مُني فيه عباس بهزيمة في مجلس الأمن واضطر إلى سحب مشروعه ضد إسرائيل، وجد رئيس سابق للحكومة الإسرائيلية نفسه مسانداً للإرهاب السياسي الذي يديره الرئيس الفلسطيني. وبهذا؛ لا يكون قد عمل ضد إسرائيل وحسب، بل ضد أميركا ومشروعها المثير للسلام».
وكان عباس قد رفض خطة ترمب، في مؤتمر صحافي مشترك عقد على هامش اجتماع مجلس الأمن الدولي، ودعا إلى استئناف المحادثات التي أجراها مع أولمرت عندما كان الأخير رئيس وزراء إسرائيل قبل 12 عاماً. وأصر عباس على أن الاثنين «حققا تقدماً حقيقياً»، قائلاً إنه «مستعد تماماً لاستئناف المفاوضات، حيث تركناها معك، السيد أولمرت، تحت مظلة اللجنة الرباعية الدولية، وليس على أساس خطة الضم وإضفاء الشرعية على المستوطنات وتدمير حل الدولتين».
أما أولمرت، فقال إن عباس «رجل سلام حقيقي. يعارض الإرهاب بصدق ومثابرة. بالتالي هو الشريك الوحيد الذي يمكننا التعامل معه. وأعتقد أنه الشريك الوحيد في المجتمع الفلسطيني الذي يمثل الشعب الفلسطيني، وقد أظهر أنه مستعد للتفاوض».
من جهة أخرى، كشفت مصادر في تل أبيب، عن أن شركة الكهرباء الإسرائيلية، بأمر من وزير الطاقة في حكومة نتنياهو، يوفال شتاينتس، شرعت في توسيع شبكة الكهرباء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على أن يتم تطوير شبكة الضغط العالي لتقديم الخدمات لجميع المستوطنات. وقالت إن هذه الإجراءات تمت بموجب خطة أعدتها وزارة الطاقة الإسرائيلية، وتشمل إقامة محطات كهرباء صغيرة في مناطق مختلفة بالضفة الغربية.
وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم»، المقربة من نتنياهو، أن الخطة الرئيسية التي وضعتها شركة الكهرباء الإسرائيلية تهدف إلى إمداد الطاقة على المدى الطويل في الضفة الغربية لتدعيم المشروع الاستيطاني. ووفقاً للخطة، فإن الشبكة التي يتم تحديثها ستقدم الخدمات للمستوطنات وأيضاً للبلدات الفلسطينية، بحيث تقوم الخطة على أساس أن إسرائيل ستبقى صاحبة السيادة وصاحبة المسؤولية عما يحدث في الضفة الغربية حتى عام 2040. ونتيجة لذلك؛ تم تقسيم الفترات الزمنية لتنفيذ الخطة إلى ثلاث فترات: بحلول عام 2025، سيتم إنشاء محطتين فرعيتين لتزويد المستوطنات بالتيار الكهربائي، وعلى ما يبدو سيتم أيضاً إقامة محطتين لبيع الكهرباء للفلسطينيين. وبعد ذلك، بحلول عام 2040 سيتم إنشاء أربع محطات فرعية للمستوطنات وعدد مماثل للفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، سيتم وضع أكثر من 300 كيلومتر من خطوط النقل ذات الضغط العالي على مدار الثلاثين عاماً المقبلة.
ونقلت الصحيفة عن شتاينتس قوله: «عندما توليت منصبي، أصبح من الواضح لدي أن حالة البنية التحتية للمياه والكهرباء في الضفة الغربية في حالة سيئة، وأنهم جميعاً - اليهود والعرب - يعانون من انقطاع في الماء، ومشاكل في إمدادات الكهرباء. وعليه، وكما تم تحضير خطة في قطاع المياه، أنجزت خطة في مجال الكهرباء والطاقة في الضفة الغربية، والتي تأخذ في الاعتبار الزيادة في السكان والاحتياجات المتزايدة للمجتمعات المحلية والمستوطنين. وستعمل الخطة على تحسين جودة إمدادات الكهرباء بشكل كبير في جميع أنحاء الضفة الغربية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم