فرنسا تحاسب وزيرة الثقافة لأنها لم تقرأ كتابا منذ عامين

الفرنسي يقرأ 10 ــ 15 كتابا سنويا والإصدارات الجديدة أكثر من 70 الفا في العام

فلور بيرلان
فلور بيرلان
TT

فرنسا تحاسب وزيرة الثقافة لأنها لم تقرأ كتابا منذ عامين

فلور بيرلان
فلور بيرلان

اسمها فلور بيرلان. وظيفتها الراهنة: وزيرة الثقافة في حكومة مانويل فالس منذ شهر أغسطس (آب) الماضي. وسبق لها أن تنقلت في عدة مناصب وزارية منذ وصول فرنسوا هولاند إلى رئاسة الجمهورية. وحتى أيام قليلة، كانت فلور بيرلان، هذه المرأة الجميلة التي يعني اسمها الأول «فلور» الزهرة، وزيرة من غير مصاعب، تتحمل أعباء وظيفتها الثقيلة من غير ضجيج. وحياة هذه المرأة العصامية التي هي أول امرأة من أصول آسيوية تصل إلى مرتبة الوزارة جديرة بأن تروى. فقد ولدت في سيول (كوريا الجنوبية) في عام 1973 من أب وأم مجهولين إذ تركت في أحد أزقة العاصمة الكورية بعد 3 أو 4 أيام من ولادتها فأرسلت إلى أحد ملاجئ العاصمة وهناك تبنتها عائلة فرنسية وهي في الشهر السادس من عمرها فأعطتها اسمها الذي تحول من كيم جونغ سوك إلى فلور بيرلان.
لكن إذا سار اسم فلور بيرلان على ألسنة الناس في فرنسا هذه الأيام فلسبب آخر وليس للتوقف عند محطات حياتها التي قادتها إلى أرقى المدارس الفرنسية ثم إلى معهد العلوم السياسية والمعهد الوطني للإدارة وهما المدرستان اللتان تخرجان النخبة الفرنسية. السبب أن فلور بيرلان ارتكبت هفوة وضعتها في موقف صعب. ولهذه الهفوة قصة.
يوم 9 أكتوبر (تشرين الأول)، منح الكاتب والمفكر الفرنسي باتريك موديانو جائزة نوبل للآداب التي تعد وعن حق أرفع جائزة تكريمية يمكن أن يحصل عليها أديب أو كاتب. وهذه الجائزة لم تكن الأولى التي يحصل عليها موديانو الذي صدر له نحو 30 كتابا في القصة والرواية والمسرح.. وبهذه المناسبة، وفي جوقة التهليل للعبقرية الفرنسية في الآداب، أصدرت وزيرة الثقافة بيانا تعبر فيه عن «ابتهاجها» بالتكريم الذي حصل عليه موديانو واعتبرت ذلك اليوم «يوما سعيدا» و«فخرا لفرنسا» منح لمن ترجمت كتبه إلى 36 لغة في العالم. وذكرت بيرلان من هذه الكتب اثنين «من ساحة النجوم» وروايته الأخيرة التي تحمل عنوان «حتى لا تكون الخاسر في شارعك». وجاء في البيان مديح لـموديانو الذي تغلب على كتابته «مسحة خفيفة من الحزن وهو الغائص على خفايا ومنحنيات الذاكرة». كل هذا جميل ويدخل في اختصاصات الوزيرة. لكن المشكلة جاءت عندما كانت فلور بيرلان ضيفة أحد البرامج التلفزيونية في 26 الشهر الماضي. وانغلق الفخ على الوزيرة عندما طلبت منها مقدمة البرنامج أن تذكر لها عنوان كتاب واحد لباتريك موديانو. عندها تغيرت ألوان وجه الوزيرة التي بدا عليها الحرج واختارت الصراحة بقولها إنها «منذ عامين لم تجد الوقت لتقرأ كتابا واحدا» وإنها تقرأ «الكثير من التقارير ونصوص القوانين وبرقيات وكالة الصحافة الفرنسية».
هذه الإجابة صدمت الكثير من الفرنسيين وخصوصا أهل الفكر والثقافة. وكان السؤال المتردد: هل يجوز أن تشغل امرأة لم تقرأ كتابا منذ عامين وعاجزة عن ذكر اسم كتاب واحد لأشهر أديب فرنسي كرمته جائزة نوبل ودعته الوزيرة إلى العشاء منصب وزيرة الثقافة؟ ثم ما معنى البيان الصادر عنها وفيه تحليل لأسباب حصوله على الجائزة كما أنه يتضمن عنوان كتابين من كتبه؟ وأخيرا، ألم تجد الوقت لقراءة شيء صادر باسمها؟
بيرلان حاولت لاحقا أن تخفف من وقع تصريحها ولتنفي قولها إنها «لا تقرأ أبدا» لا بل إنها ذهبت إلى حد التهجم على من انتقدها معتبرة أن ما قد قيل خرج عن المقبول لا بل إنه بمثابة «فضيحة» مسيئة لها.
لم تُجد حجج بيرلان نفعا في بلد القراءة فيه إحدى أهم الهوايات. وذهب الكاتب كريستيان كومباز إلى توجيه رسالة مفتوحة للوزيرة عبر فيها عن «استهجانه» لكيفية تعامل الوزيرة مع هذه الجائزة وصاحبها وانعدام حشريتها واطلاعها على شؤون الثقافة والمثقفين والأدباء في بلد يصدر سنويا أكثر من 70 ألف كتاب في كافة المجالات.
وتفيد الإحصائيات الرسمية أن 72139 كتابا صدرت في فرنسا عام 2012 بمعدل 8 آلاف نسخة للكتاب الواحد. كذلك تبين الإحصائيات أن الكتب الجاهزة وقيد التداول تبلغ 650 ألف كتاب. وفي عام 2011 بيع في فرنسا 690 ألف كتاب وقد ارتفعت المبيعات في العام التالي إلى 705 آلاف كتاب. وتنشط في ميدان نشر الكتب 265 دار نشر رئيسية موزعة بشكل رئيسي على العاصمة باريس وعلى المدن الكبرى.
أما على صعيد القراءة المترسخة في العادات الفرنسية التي يلاحظها المرء عندما يركب القطار صباحا ومساء، فإن إشكاليتها في الوقت الحاضر تتركز على «الصراع» القائم بين الكتب الإلكترونية والكتب الورقية ومستقبل الصراع بينهما. ويبدو أن المستقبل للكتب الإلكترونية التي أخذت شيئا فشيئا تحتل مساحات كبيرة كانت حكرا في السابق على الكتب الورقية.
ويفيد آخر استطلاع عن القراءة جرى في فرنسا أن ممارسة المطالعة تتراجع بعض الشيء. رغم ذلك، فإن الاستطلاع يبين أن الفرنسي يقرأ في العام الواحد ما معدله 15 كتابا أو 10 كتب إلكترونية. ويبين الاستطلاع أن فرنسيا من أصل اثنين يقوم بالقراءة كل يوم (لكن من غير تحديد مدة القراءة).
هل تكفي هذه الأرقام لإقناع وزيرة الثقافة المولجة الترويج للقراءة أن تكرس وقتها لهذه الممارسة بدل قراءة التقارير؟
ربما تكون فائدة الجدل الذي اندلع في فرنسا أنه شد الأنظار إلى مسألة أساسية ولكن تائهة بين مشاكل الاقتصاد وأرقام الموازنات وما بينها.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.