الأمم المتحدة تعلن إغلاق مستشفيين في مأرب بسبب القصف الحوثي

عامل يجر عربة تحمل مساعدات غذائية يوزعها برنامج الغذاء العالمي في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)
عامل يجر عربة تحمل مساعدات غذائية يوزعها برنامج الغذاء العالمي في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تعلن إغلاق مستشفيين في مأرب بسبب القصف الحوثي

عامل يجر عربة تحمل مساعدات غذائية يوزعها برنامج الغذاء العالمي في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)
عامل يجر عربة تحمل مساعدات غذائية يوزعها برنامج الغذاء العالمي في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة توقف مستشفيين عن العمل في محافظة مأرب (شرق صنعاء) جراء استهدافهما بالقصف الصاروخي من قبل الميليشيات الحوثية قبل أيام، وهو ما يعني حرمان الآلاف من المرضى اليمنيين من تلقي الخدمات.
وجاء الإعلان الأممي في بيان صادر عن مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، حيث أشار إلى تعرض مستشفى الجفرة والمستشفى الميداني السعودي بمديرية مجزر في مأرب لضربات يوم 7 فبراير (شباط) الجاري من قبل الميليشيات الحوثية.
وتحاشى البيان الأممي - كما يبدو - تحميل الجماعة الانقلابية الموالية لإيران المسؤولية عن القصف الصاروخي، مكتفياً بالقول إن الضربات التي أصابت المستشفيين حدثت «أثناء الاشتباكات».
وأفاد البيان الأممي بأن المستشفيين اللذين يبعدان 75 كيلومتراً شمال غربي مدينة مأرب يقدمان الخدمات الصحية لنحو 15 ألف شخص أغلبهم من النازحين. وأشار إلى أن المرفقين الصحيين تعرضا إلى «أضرار بالغة شملت أقسام العناية المركزة والعلاج الطبيعي والرقود والصيدلية في مستشفى الجفرا الذي يعدّ المستشفى الرئيسي في المنطقة» في حين «تعرض المشفى السعودي الميداني، وهو عبارة عن عيادة متنقلة، لأضرار هيكلية إضافة إلى إصابة أحد المسعفين».
وبسبب استمرار الأعمال القتالية في المنطقة - بحسب البيان - تم إغلاق المشفيين حرصاً على سلامة العاملين والمرضى.
وقالت المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي في تعليقها على استهداف المنشأتين الطبيتين: «هذا خرق غير مقبول كلياً للقانون الإنساني والدولي، ومن المروع أن تتعرض مرافق يعتمد عليها آلاف الأشخاص للبقاء على قيد الحياة لمثل هذه الأضرار الجسيمة».
وأكدت غراندي أن القطاع الصحي في اليمن تعرض لضربات شديدة وأنه من أولويات الأمم المتحدة «الحدّ من وقوع المزيد من هذه الأضرار والمساعدة في إعادة البناء».
وأوضح البيان الأممي أن تصاعد القتال في مديريات في مأرب والمحافظات المجاورة منذ منتصف شهر يناير (كانون الثاني)، أدى إلى تشتت ما يصل إلى 673.4 أسرة في أرجاء محافظات مأرب وصنعاء والجوف، والعديد منهم فروا من مناطق المواجهات الأمامية، وأجبروا على النزوح للمرة الثانية واستنفدت مواردهم.
وسارعت المنظمات الإنسانية - بحسب البيان الأممي - للاستجابة لآلاف الأشخاص النازحين في أنحاء المنطقة خلال الأسابيع الماضية. ويشمل ذلك تقديم أطقم المواد الطارئة من غذاء ومواد نظافة وأدوات إيواء والمواد الأخرى الضرورية لنحو 884.1 أسرة، إضافة إلى توفير الخدمات المنقذة للأرواح من مياه وصرف صحي ونظافة وخدمات صحية وتغذوية وحماية اجتماعية.
ولفت البيان إلى أن اليمن يشهد «أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ يعاني 80 في المائة من سكانه من الاحتياج لشكل من أشكال المساعدات الإنسانية والحماية. إذ أصبح عشرة ملايين شخص على شفا المجاعة وسبعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية».
في غضون ذلك، لم تتوقف الميليشيات الحوثية عن القصف العشوائي على مناطق المدنيين السكنية في مدينة مأرب، منذ التصعيد الأخير باتجاه غرب المحافظة ومحافظة الجوف.
وذكرت مصادر أمنية في المدينة أن آخر استهداف حدث بالصواريخ الحوثية طاول حي الروضة السكني يوم الاثنين، وتسبب في سقوط جرحى وإصابة عدد من المنازل بأضرار بالغة.
وكانت وزارة الصحة اليمنية استنكرت استهداف الميليشيات الحوثية، المدعومة إيرانياً، عدداً من المستشفيات في مختلف محافظات اليمن التي كان آخرها استهداف المستشفى الحكومي بمنطقة الجفرة بمفرق الجوف، والمستشفى السعودي الميداني بمحافظة مأرب. وأعربت الوزارة في بيان عن «استغرابها ودهشتها للصمت المطبق للمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني والتي لم تقم حتی بإصدارها بيانا يحدد موقفها الصريح والواضح» تجاه ما وصفته بـ«العمل الإجرامي» الذي قالت إنه «يعد انتهاكاً صارخاً للمواثيق والأعراف الدولية، إضافة إلى ما سبقه من حوادث مماثلة استهدفت المنشآت وطواقم الإسعاف والعاملين الصحيين».
وفي حين شدد البيان الحكومي على ضرورة ألا تقف المنظمات الدولية موقف المتفرج حيال جرائم الميليشيات الحوثية، أشار إلى أن استهداف المستشفيات التي تعمل علی مساعدة المرضی النازحين بمحافظة مأرب وتقديم الخدمات الإنسانية «يعكس مدی إفلاس هذه الجماعات أخلاقياً ويدل علی سقوط قيمها الإنسانية لتسجل اسمها وبجدارة في خانة المنتهكين للقانون».
من جهته، ندد وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني بشدة باستهداف ميليشيات الحوثي في شكل متعمد المستشفى السعودي الميداني الذي يقدم خدماته للمواطنين، والمستشفى الحكومي بمنطقة الجفرة الذي تسبب بأضرار بالغة بأقسام الطوارئ وعدد من سيارات الإسعاف.
وأكد الوزير اليمني في تصريح صحافي أن «استمرار ميليشيا الحوثي في استهداف المستشفيات العامة والميدانية والأعيان المدنية يعد جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني، ويؤكد على مسار الجماعة التصعيدي للأزمة وعدم اكتراثها بدعوات المجتمع الدولي للتهدئة والتكلفة السياسية والإنسانية لهذا التصعيد».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.