القمة الأفريقية تدعو لتسوية سياسية سلمية للأزمة الليبية وفق «اتفاقية الصخيرات»

TT

القمة الأفريقية تدعو لتسوية سياسية سلمية للأزمة الليبية وفق «اتفاقية الصخيرات»

دعت القمة الثالثة والثلاثين للاتحاد الأفريقي، التي اختتمت أعمالها في وقت مبكر من صباح أمس في أديس أبابا، إلى تسوية سياسية سلمية للأزمة الليبية، وفق «اتفاقية الصخيرات» لعام 2015.
جاء ذلك في قرار اتخذته القمة، ودعت فيه «إلى تعزيز الجهود، بما في ذلك وقف دائم لإطلاق النار، بهدف إيجاد تسوية سياسية وسلمية للنزاع في ليبيا، وفقاً لأحكام الاتفاقية الموقعة من الأطراف الليبية عام 2015 بالصخيرات في المغرب».
يذكر أن القمة اختتمت أعمالها حوالي الساعة الرابعة من فجر الثلاثاء بتوقيت أديس أبابا (الواحدة بتوقيت غرينيتش)، وألغيت جلسة الختام والمؤتمر الصحافي الذي يلي انتهاء القمة عادة. وكان منتظراً أن تعلن القرارات التي تبنتها القمة أمس. لكن حتى مساء أمس لم يصدر أي شيء عن رئاسة القمة، باستثناء بعض التسريبات.
وفي قرار آخر، دعت قمة الاتحاد الأفريقي الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن التابع لها إلى تحمل مسؤولياتها كاملاً في ضمان سريان الحظر، المفروض على الأسلحة في ليبيا، وتنفيذه بشكل فعال، ومراقبته كجزء من الجهود المبذولة لإنهاء القتال، وتهيئة الظروف لوقف دائم لإطلاق النار، وفقاً للأحكام ذات الصلة من الاتفاقية السياسية، الموقعة من قبل الليبيين في الصخيرات.
من جهة أخرى، أقرت قمة أديس أبابا أيضاً إنشاء معهد أفريقي للسلام والأمن وفقاً لقواعد وإجراءات الاتحاد الأفريقي، وهو طلب تقدم به المغرب.
وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قد أعلن مساء أول من أمس في مؤتمر صحافي عقده في أديس أبابا أن المغرب اقترح على القمة الأفريقية إنشاء مركز تفكير وأبحاث أفريقي معني بالسلام والأمن، يكون ملحقاً بالاتحاد الأفريقي لإعداد تقارير حول القضايا الحاسمة. وقال بوريطة إنه أصبح من غير المعقول بالنسبة لمجلس السلم والأمن الأفريقي أن يعالج هذه القضايا، من دون مساهمة مؤسسات التفكير الأفريقية القوية، داعياً إلى إصلاح أساليب عمله من خلال تزويده بالوسائل، القادرة على تمكينه من تنفيذ مهامه.
على صعيد آخر، عرفت القمة أيضاً التطرق إلى النزاع في جنوب السودان، الذي أسفر عن سقوط أكثر من 380 ألف قتيل. والتقى رئيس الاتحاد الأفريقي وجنوب أفريقيا سيريل رامافوسا كلا على حدة، رئيس البلد سيلفا كير، وزعيم المتمردين رياك مشار.
وأدى توقيع اتفاق سلام في سبتمبر (أيلول) 2018 إلى تراجع حدة المعارك في جنوب السودان. لكن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عبرت الجمعة عن أسفها لتضاعف العنف المسلح، وانتهاكات حقوق الإنسان مع اقتراب تاريخ 22 فبراير (شباط)، الذي يمثل الموعد النهائي لتشكيل الحكومة.
وقالت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (ايغاد) مساء الأحد، إن تأجيل تشكيل حكومة وحدة وطنية في جنوب السودان مرة أخرى «غير مرغوب فيه، ولا قابل للتنفيذ» لاقتراب الموعد النهائي المخصص لذلك. وذكرت المنظمة، التي تتوسط في الصراع الدائر في جنوب السودان، في بيان صادر عنها أن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية «تأجل مرتين في مايو (أيار) ونوفمبر (تشرين الثاني)، وأي تمديد آخر غير مرغوب فيه، ولا قابل للتنفيذ في هذه المرحلة من مسار السلام».
ونشر البيان ليل الأحد - الاثنين، عقب لقاء بين سيلفا كير ورياك مشار، في حضور الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني ورئيس الحكومة السوداني عبد الله حمدوك، الذي يرأس «ايغاد» حالياً، على هامش قمة الاتحاد الأفريقي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».