أزمة انتخابات غينيا بيساو تقضّ مضجع «سيدياو»... ومهلة لتسويتها

نائب رئيس غامبيا بكى خشية أن يتكرر فيها ما جرى في بلاده

TT

أزمة انتخابات غينيا بيساو تقضّ مضجع «سيدياو»... ومهلة لتسويتها

شكّل الوضع في جمهورية غينيا بيساو، هذا البلد الواقع في غرب أفريقيا بين كماشتي السنغال وغينيا كوناكري، إزعاجاً دائماً للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو)، كان آخره في اجتماع المجموعة مساء الأحد الماضي ضمن اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي الـ33 بأديس أبابا، والذي بحث الأزمة الانتخابية التي تعرفها البلاد منذ الإعلان عن نتائج الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية، التي جرت في 29 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ووصف مصدر أفريقي الاجتماع، الذي ترأسه رئيس المجموعة الدوري، رئيس النيجر محمدو إيسوفو، بأنه كان صاخبا. وقال المصدر ذاته، الذي حضر الاجتماع، لـ«الشرق الأوسط» إن السنغال في شخص رئيسه ماكي سال دعّم الرئيس المنتخب عمر سيسوكو إمبالو، بينما تدعم غينيا كوناكري في شخص الرئيس ألفا كوندي منافسه دومينغوس سيموس بريرا. مضيفا أن الاجتماع دام حتى ساعة متأخرة من ليلة الأحد.
وبينما طعن دومينغوس في نتائج الاقتراع لدى المحكمة العليا في البلاد، واتهم اللجنة المستقلة للانتخابات بالفساد، تحدث الرئيس المنتخب إمبالو دائما عن شرعية نتائج الانتخابات، بل اتهم غينيا كوناكري بالتدخل في الشأن الداخلي لبلده، وأنها تزعزع من خلال ذلك التعايش الهش القائم فيها، نظراً لكونها عرفت حرباً أهلية، والكثير من الانقلابات، ووفاة رئيسين للبلاد قبل اكتمال فترة رئاستيهما.
وقال الرئيس السنغالي في الاجتماع: «لقد تعبنا من غينيا بيساو... ولا ينبغي العودة إلى الوراء».
ويرى الرئيس سال أن رفض النتائج التي تعلنها اللجان المستقلة للانتخابات، واللجوء إلى المحاكم العليا، كلها أمور ستجعل مؤسسات الدول هشة، وسيصبح بإمكان كل واحد لم تعجبه نتائج الاقتراع أن يلجأ إلى المحكمة العليا.
وأدلى نائب رئيس غامبيا أوساينو داربوي بدلوه، وترافع من أجل التهدئة قبل أن يبدأ في البكاء، وهو يقول: «تعيدون في غينيا بيساو نفس المشهد الذي وقع في بلدي غامبيا». بيد أن الرئيس غينيا كوناكري تدخل ليقول إن ما وقع في غينيا بيساو «مغاير لما وقع في غامبيا»، مشيرا إلى أن «المحكمة العليا في غامبيا هي من أعلنت نتائج الانتخابات. أما في غينيا بيساو فليس هي من أعلنتها».
ومثّل غينيا بيساو في القمة الأفريقية الوزير الأول (رئيس الوزراء)، بينما حضر الرئيس المنتخب إلى أديس أبابا، وأقام في فندق «شيراتون»، لكنه لم يشارك في القمة.
ولم يتمكن اجتماع مجموعة «سيدياو» من الوصول إلى حل، إذ اكتفت المجموعة بمنح مهلة للعدالة في غينيا بيساو من أجل تسوية النزاع الانتخابي القائم، وهي مهلة تنتهي منتصف فبراير (شباط) الجاري.
ويأتي تحديد مهلة جديدة، بينما تقدم رئيس الحزب الحاكم، ومرشحه للانتخابات الرئاسية سيموس بريرا بطعن جديد أمام المحكمة العليا في غينيا بيساو للمطالبة بإلغاء انتخابات 29 ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وكانت لجنة الانتخابات المستقلة قد أعلنت فوز مرشح المعارضة إمبالو في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. غير أن مرشح الحزب الحاكم طعن في النتائج، وطلبت «سيدياو» مراجعة المحاضر، فأعلنت اللجنة عقب القيام بذلك فوز إمبالو، ليطعن دومينغوس مجددا.
وعاشت غينيا بيساو خلال السنوات الأخيرة على وقع أزمة سياسية بين الرئيس المنتهية ولايته، جوزي ماريو فاز، والحزب الحاكم، وهو ما جعل الأخير يختار مرشحا غيره للرئاسة، فيما خاض هو السباق الرئاسي مستقلاً، ودعم في الجولة الثانية مرشح المعارضة إمبالو.
يذكر أن رئيس غينيا بيساو المنتخب من مواليد 23 سبتمبر (أيلول) 1972 في بيساو، من أم مالية وأب غيني، وهو حاصل على شهادة في العلاقات الدولية من المعهد العالي للعلوم الاجتماعية والسياسية في الجامعة التقنية في لشبونة، وعلى شهادة الماجستير في العلوم السياسية من معهد الدراسات الدولية في مدريد، وعلى شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة كومبلوتنس بمدريد. ويتحدث إمبالو الكثير من اللغات، منها الإسبانية والعربية والفرنسية والبرتغالية.
وسبق لإمبالو أن تولى مسؤوليات كثيرة، منها وزير دولة ووزير الشؤون الأفريقية والشرق الأوسط والتعاون، كما عمل مستشارا لغالبية رؤساء البلاد خلال العقدين الماضيين، قبل أن يعين في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 رئيسا للوزراء من قبل الرئيس جوزي ماريو فاز. بيد أن هذا التعيين قوبل بالرفض من قبل الحزب الحاكم في البلاد، حيث اعتبروه مناقضا لمضمون الاتفاق الموقع بوساطة من مجموعة «سيدياو».
في غضون ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن محاولة وساطة من شخصية أفريقية، غير رسمية، جرت الليلة قبل الماضية في أديس أبابا بين رئيس غينيا كوناكري ورئيس غينيا بيساو المنتخب. لكن هذه الشخصية لم تتوصل إلى نتائج إيجابية. وقال مصدر على صلة بالطرفين إن إصلاح ذات البين بين الرئيس كوندي والرئيس المنتخب إمبالو يتطلب مزيداً من الوقت، خاصة أن هذا الأخير سبق له أن قام بحملة إعلامية شرسة ضد شخص الرئيس كوندي، حيث أدلى خمس مرات بتصريحات صحافية، وصف فيها رئيس غينيا كوناكري بأقدح النعوت.



الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
TT

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)

أعلنت القوات العسكرية متعددة الجنسيات التي تحارب جماعة «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، أن قيادياً بارزاً في الجماعة الإرهابية سلم نفسه لوحدة عسكرية تتمركز في منطقة كوكوا، التابعة لولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا.

القوات العسكرية متعددة الجنسيات، يوجدُ مركز قيادة عملياتها في العاصمة التشادية أنجمينا، وتشارك فيها دول تشاد ونيجيريا والنيجر والكاميرون وبنين، حيث تخوض منذ عدة سنوات حرباً شرسة ضد مقاتلي جماعة «بوكو حرام»، الموالين لتنظيم «داعش»، والساعين لإقامة ما يسمونه «إمارة غرب أفريقيا».

وقال الضابط المقدم أولانيي أوسابا، وهو المسؤول عن الإعلام العسكري في القوة العسكرية متعددة الجنسيات، إن «إرهابياً معروفاً في المنطقة بسمعته السيئة، يدعى بوتشو أباتشا استسلم، وسلم نفسه وسلاحه لقوة عسكرية متمركزة في شمال شرقي نيجيريا».

شخصية محورية في التنظيم الإرهابي

وأضاف الضابط أن «أباتشا شخصية محورية في التنظيم الإرهابي، ولعب أدواراً رئيسية في العديد من العمليات الإرهابية»، مشيراً إلى أنه «اعترف بمشاركته في عمليات إرهابية متعددة على محور مونغونو-باغا».

وأوضح الضابط أن القيادي في التنظيم حين سلم نفسه برر ذلك بتضييق الخناق على التنظيم بسبب العمليات العسكرية المكثفة التي تشنها القوة العسكرية متعددة الجنسيات، كما أعلن أنه «لم يعد مؤمناً بأفكار وعقيدة التنظيم الإرهابي».

وقال الضابط إن القيادي الإرهابي كانت بحوزته حين استسلم «بندقية من نوع (آكا 47)، ومخزن ذخيرة يحتوي على 11 رصاصة من عيار 7.62 مم، وهاتف جوال، وشريحة إحدى شركات الاتصال المحلية، ومبلغ من المال».

وبدأ التحقيق مع القيادي الإرهابي حول العمليات التي أشرف على تنفيذها والتخطيط لها، وقال الضابط أولانيي أوسابا إنه «بالفعل بدأ يقدم معلومات استخباراتية قيمة للسلطات»، حول خطط التنظيم الإرهابي وأساليب عمله.

وفي سياق متصل، أعلن الضابط أولانيي أوسابا أن وحدة تابعة للقوات العسكرية متعددة الجنسيات «بالتعاون مع عملاء الاستخبارات، نصبت كميناً لإرهابيين من جماعة (بوكو حرام) كانوا ينقلون إمدادات لوجستية كبيرة في ثلاث مركبات من نوع (تويوتا) تحت جنح الظلام».

وأوضح الضابط أن «الوحدة العسكرية اشتبكت مع الإرهابيين في معركة شرسة»، مشيراً إلى أن الاشتباك «أسفر عن مقتل أحدهم وفرار الآخرين، في حين صادرت القوة العسكرية المعدات والإمدادات التي كانت بحوزة الإرهابيين»، مشيراً إلى أنها تمثلت في «ثلاث مركبات (تويوتا) محملة بمواد غذائية متنوعة ومستلزمات أخرى ومبلغ مالي معتبر».

ونجحت هذه القوة العسكرية المشكلة من طرف دول حوض بحيرة تشاد في تقليص كثير من قوة «بوكو حرام»، ولكن التنظيم ما يزال قادراً على شن هجمات عنيفة بين الفينة والأخرى، وهو الذي يسعى منذ 2009 لإقامة إمارة إسلامية في شمال نيجيريا، الدولة الغنية بالنفط وصاحبة الاقتصاد الأقوى في غرب أفريقيا.