ضغوط في مجلس الأمن تعرقل مشروعاً ضد خطة السلام الأميركية

واشنطن سعت إلى حرمانه من الأصوات الـ9 للامتناع عن استخدام الفيتو

الأمن الإسرائيلي يعتقل متظاهراً فلسطينياً خلال تحرك في مخيم العروب شمال الخليل في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
الأمن الإسرائيلي يعتقل متظاهراً فلسطينياً خلال تحرك في مخيم العروب شمال الخليل في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

ضغوط في مجلس الأمن تعرقل مشروعاً ضد خطة السلام الأميركية

الأمن الإسرائيلي يعتقل متظاهراً فلسطينياً خلال تحرك في مخيم العروب شمال الخليل في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
الأمن الإسرائيلي يعتقل متظاهراً فلسطينياً خلال تحرك في مخيم العروب شمال الخليل في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

مارست الولايات المتحدة «ضغوطاً هائلة» عشية اجتماع لمجلس الأمن يشارك فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكان من المقرر أن يشهد تصويتاً على مشروع قرار أعدّته تونس وإندونيسيا رفضاً لخطة السلام (صفقة القرن) التي أعدتها أخيراً إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بوصفها مجافية للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومرجعيات عملية السلام في الشرق الأوسط.
وحيال هذه الضغوط، عقدت المجموعات الإقليمية الداعمة للجانب الفلسطيني اجتماعات متوالية «من أجل تجنيب الإخوة والأصدقاء والحلفاء وطأة هذه الضغوط الأميركية الكبرى»، وكذلك لمعرفة «ما إذا كان الوقت قد نضج لوضع مشروع قرار معدّل بالحبر الأزرق»، وهذه خطوة لا بد منها من الناحية الإجرائية قبل التصويت على أي مشروع قرار. وبدا واضحاً أن الجانب الفلسطيني والعربي «غير مستعجل» للإقدام على خطوة كهذه «لا سيما بعدما تبين أن الأصوات الـ14 ربما لا تكون متوافرة في الظرف الراهن»، حسب دبلوماسي أوروبي نبّه أيضاً إلى أن «مشروع القرار لا يناسب دولاً عدة من الأعضاء في مجلس الأمن في الوقت الحالي».
وكشف دبلوماسي آخر أن «العراق يستعد للانضمام إلى الدول المتبنية لمشروع القرار إلى جانب تونس وإندونيسيا»، مضيفاً أن «قراراً عربياً اتُّخذ في هذا الشأن». وتحدث عن إمكان انضمام جنوب أفريقيا لرعاية المشروع.
واستجابت القيادة الفلسطينية لنصائح عديدة بإرجاء التصويت، اليوم (الثلاثاء)، على المشروع الذي يعبّر عن رفض «إملاءات أميركية - إسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية»، المعروفة أيضاً باسم «صفقة القرن»، بسبب عدم توافر دعم دولي كافٍ لها. وأوضح مصدر دبلوماسي غربي أن المشروع «قد لا يحظى بدعم تسعة من أعضاء المجلس من أصل خمسة عشر، وهو الحد الأدنى المطلوب لتبنيه من دون أن يلجأ أحد الأعضاء الدائمين إلى حق النقض (الفيتو)».
وجاءت هذه الضغوط حتى بعدما «انخرطت» الولايات المتحدة في المفاوضات حول مشروع القرار وقدمت «سلسلة تعديلات شملت شطب فقرات كاملة من المشروع، خصوصاً تلك التي تشير صراحةً إلى قرارات الأمم المتحدة منذ 1967. كذلك، شطبت كل الإشارات إلى القدس الشرقية». ولم تَطُل التعديلات الأميركية ما ورد في النص حول أن الخطة التي أعلنها ترمب في 28 يناير (كانون الثاني) «بعيدة عن المعايير الدولية التي تمت الموافقة عليها من أجل سلام دائم وعادل وتام»، علماً بأنها أكدت في الوقت ذاته أنها «ترحب بمناقشة هذا الاقتراح لدفع قضية السلام قدماً». وقال دبلوماسي إن «المشاورات مستمرة»، ولكن «التباين الحاد مستمر أيضاً».
وكان معدّو القرار قد حذفوا تعبيرات تشكل إدانة صريحة لـ«صفقة القرن»، وامتنعوا عن ذكر الولايات المتحدة مباشرةً، خلافاً لصيغته الأولى. والنص الذي قُدم للدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن، السبت، ينص على أن «المبادرة التي تم تقديمها في 28 يناير 2020 بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، تبتعد عن المعايير المتفَق عليها دولياً لحل دائم وعادل وكامل لهذا النزاع كما وردت في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».
وتحدثت الصيغة الأولى لنص مشروع القرار عن مبادرة «قدمتها الولايات المتحدة». وشُطبت هذه الإشارة من الصيغة الأخيرة التي تم تسليمها، السبت، إلى أعضاء مجلس الأمن. وأكدت الصيغة الأولى لمشروع القرار أن مجلس الأمن «يأسف بشدة لأن خطة السلام التي قدمتها الولايات المتحدة تنتهك القانون الدولي والمعايير المرجعية لحل دائم وعادل وكامل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».