«اتفاق ضرورة» للطاقة بين روسيا وبيلاروسيا بعيد عن الطموحات

بغية كبح تدهور العلاقات بين البلدين

TT

«اتفاق ضرورة» للطاقة بين روسيا وبيلاروسيا بعيد عن الطموحات

أكدت بيلاروسيا استمرار المحادثات مع كازاخستان حول تصدير النفط الكازاخي إلى بيلاروسيا. وجاء هذا الإعلان بعد ثلاثة أيام على جولة جديدة من المحادثات، الأولى هذا العام، بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، أسفرت عن «حلول» لبعض النقاط الخلافية في ملفات الطاقة بين البلدين، إلا أنها كانت على ما يبدو بعيدة جداً عن «الآمال» البيلاروسية، فيما يخص أسعار صادرات النفط الروسي إلى أسواق بيلاروسيا، وأدنى بكثير من النتائج التي كانت تطمح إليها روسيا، بأن تؤدي إلى طي جميع الخلافات بين البلدين، وتفضي إلى توقيع ما تبقى من 31 خريطة طريق للتكامل الاقتصادي العميق بين البلدين، في إطار اتفاق الدولة الاتحادية الروسية - البيلاروسية.
كانت شركة النفط البيلاروسية «بيلنفط خيم» كشفت، أمس، عن محادثات «مفصلة» جرت الأسبوع الماضي في كازاخستان، حول إمدادات النفط، وقالت إنها عقدت اجتماعات مع ممثلي وزارة الطاقة الكازاخية والشركات النفطية التي يمكن أن تصدر النفط إلى بيلاروسيا، لافتة إلى أن الجانبين بحثا حجم التوريد، والمسائل اللوجستية. ويعكس هذا الإعلان، وفق ما يرى مراقبون، تمسك بيلاروسيا بخطة توفير مصادر بديلة عن النفط الروسي، في أعقاب خيبة أمل بيلاروسية بنتائج المحادثات الأخيرة بين الرئيسين بوتين ولوكاشينكو، التي انتهت دون أن يدلي أي منهما بتصريحات، على غير العادة.
وقام بهذه المهمة عن الجانب الروسي دميتري كوزاك، نائب مدير الديوان الرئاسي، الذي أكد حينها للصحافيين الاتفاق على أن تستمر إمدادات الغاز الروسي لبيلاروسيا العام الحالي، بموجب شروط اتفاقية العام الماضي. وبالنسبة للنفط، أكد أن الرئاسة ستعمل مع الحكومة لمساعدة بيلاروسيا في الاتفاق مع شركات النفط الروسية حول حجم الإمدادات والأسعار، وأحال عدم إمكانية منح تخفيضات على سعر النفط لبيلاروسيا، إلى أنه «يتطلب فرض تنظيم من جانب الدولة على عمل القطاع النفطي»، وقال: «لا يمكننا القيام بذلك، وأن نغير قواعد العمل لشركاتنا».
وفي أول تصريحات بهذا الصدد من مينسك، قال دميتري كروتوي، نائب رئيس الوزراء البيلاروسي، للصحافيين، أمس، إن «الجانب الروسي وافق على أن تقوم مصانع تكرير النفط البيلاروسية بشراء النفط بموجب اتفاقات مع الشركات الروسية، على أساس الأسعار في السوق العالمية»، وأكد أن بلاده «لا تحتاج أي شروط حصرية»، وأضاف: «نريد شراء النفط بالأسعار العالمية، وليس أسوأ من ذلك».
كان الرئيس البيلاروسي قال، في وقت سابق، إن روسيا تريد بيع نفطها لبلاده بأسعار أعلى من سعر البرميل في الأسواق العالمية. كما أكد كروتوي الاتفاق خلال محادثات بوتين - لوكاشينكو على أن تستمر واردات الغاز الروسي، بموجب ذات الشروط المعتمدة في اتفاقية الغاز للعام الماضي، أي أن يبقى السعر للسوق البيلاروسية هذا العام عند 127 دولاراً لكل ألف متر مكعب من الغاز.
ويرى مراقبون أن نتائج المحادثات لم تكن بحجم تطلعات وآمال الطرفين، لافتين إلى أن الرئيس البيلاروسي كان يأمل بالحصول على تخفيض سعر إمدادات الطاقة من روسيا، انطلاقاً من طبيعة العلاقة «الخاصة جداً» بين البلدين، المنبثقة من شراكتهما الاستراتيجية ضمن اتفاقية الدولة الاتحادية الروسية - البيلاروسية، التي يُذكّر الجانب البيلاروسي دوماً، بأنها ومع اتفاقيات الاتحاد الاقتصادي الأورواسي، تنص على تهيئة شروط متساوية للاعبين في أسواق البلدين، وضمنها توحيد أسعار النفط والغاز.
وبالنسبة لروسيا لم تثمر المحادثات في سوتشي عن تفاهمات سعت إليها، وتؤدي إلى طي جميع الملفات الخلافية، ومواصلة توقيع «خرائط طريق التكامل الاقتصادي العميق» مع بيلاروسيا.
ضمن هذه التباينات، يقول خبراء إن التوصل لاتفاق حول أسعار النفط والغاز، يشكل لبيلاروسيا بمثابة اتفاق «ضرورات» المرحلة، نظراً لحاجتها للنفط والغاز في موسم الشتاء، وريثما تتفق مع موردين آخرين للطاقة، وبالنسبة لروسيا «اتفاق متطلبات المرحلة» يساهم في كبح تدهور العلاقات بين البلدين، بانتظار تهيئة ظروف مناسبة لمواصلة المفاوضات حول خرائط التكامل الاقتصادي العالقة.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.