عبرت طليعة مقاتلي البيشمركة العراقيين الحدود التركية إلى مدينة كوباني السورية لتنسيق عملية دخول العشرات من رفاقهم محملين بالسلاح إلى المدينة الكردية لمساندتها في معركتها ضد تنظيم داعش، بينما وصفت دمشق سماح تركيا بانتقال المسلحين عبر أراضيها بـ«التدخل السافر».
وفي حين واصل التحالف الدولي ضدّ الإرهاب قصفه مواقع «داعش» قرب المدينة، قصف التنظيم خلال الساعات الماضية بكثافة المنطقة الحدودية من كوباني بعد هجوم ليلي على حي الجمرك في شمال المدينة في اتجاه المعبر الحدودي مع تركيا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «عشرة عناصر من قوات البيشمركة الكردية عبروا إلى كوباني عبر المعبر الحدودي الواصل بينها والأراضي التركية».
وأوضح المسؤول المحلي الكردي إدريس نعسان، لـ«الشرق الأوسط»، أن الدفعة الأولى من البيشمركة التي وصلت أمس إلى كوباني هي من الخبراء والقيادات الذين دخلوا للقيام بمعاينة الوضع الأمني والعسكري على الأرض والتنسيق مع وحدات حماية الشعب بغية تسهيل الطريق أمام دخول زملائهم ومعهم الأسلحة في وقت لاحق، وذلك على مجموعة واحدة أو مجموعات متتالية، بحسب الأوضاع الأمنية على الحدود. ولفت إلى أنّ دور مقاتلي البيشمركة، الذين من المتوقع أن يكون عددهم نحو 150 مقاتلا، أنهم سيقومون بدور «كتائب الإسناد» أكثر منها المشاركة على أرض المعركة، لا سيما التغطية بسلاح المدفعية. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «الوفد سيقوم بمهمة تنسيق دخول القوة» التي وصلت أوّل من أمس برا وجوا من العراق إلى تركيا، مضيفا «من المنتظر دخول بقية عناصر البيشمركة خلال الساعات المقبلة». كذلك، أكدت وكالة أنباء «الفرات» الموالية للأكراد، التي تبث من تركيا، الخبر، مشيرة إلى أن الوفد دخل كوباني عبر معبر مرشد بينار وسيلتقي مسؤولين ليبحث معهم في كيفية إدخال الأسلحة.
وأشار نعسان إلى أن هناك عائقا أمام دخول هؤلاء على المعبر الحدودي مع تركيا، حيث يعمد تنظيم داعش إلى قصفه، لافتا إلى أنّ هجوما نفذه «داعش» ليل أمس استهدف المحور الشرقي باتجاه المعبر، مضيفا «أي تقدم للتنظيم على هذا المعبر قد ينعكس سلبا على إمكانية استكمال دخول البيشمركة».
وفي ما يتعلق بمشاركة الجيش الحر في القتال إلى جانب الأكراد في كوباني، أكّد إدريس أن المجموعة التي دخلت أوّل من أمس لم يتجاوز عدد مقاتليها الخمسين، بعدما كانت قد تضاربت المعلومات حول عددهم، وقال العقيد المنشق عبد الجبار العكيدي إنهم كانوا نحو 200 مقاتل. وأكد إدريس أنّ عناصر الحر، كما الفصائل التي تشارك منذ أشهر في المعركة إلى جانب الأكراد، يقاتلون مع وحدات حماية الشعب الكردية ضمن غرفة عمليات واحدة هي «بركان الفرات».
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية أفادت بوصول قافلة من نحو أربعين آلية تقل مقاتلين أكرادا إلى مدينة سوروتش الحدودية التركية، مشيرة إلى أنهم انضموا إلى كتيبة أولى وصلت من كردستان العراق ووصلت إلى سوروتش قبل 24 ساعة جوا. ويبلغ عدد هؤلاء المقاتلين، بحسب وسائل الإعلام التركية، نحو 150.
ولقي مقاتلو البيشمركة المتجهون إلى كوباني استقبالا شعبيا حارا في القرى الكردية التركية التي عبروها، إذ أطلقت الهتافات المؤيدة ورفعت الأعلام الكردية، وصرخ بعض المستقبلين «كوباني مقبرة داعش». ووافقت تركيا أخيرا على عبور قوات من البيشمركة العراقية ومقاتلين من المعارضة المسلحة إلى كوباني لوقف تقدم «داعش».
وتعليقا على سماح تركيا لمقاتلي الحر والبيشمركة بعبورها للانتقال إلى كوباني، اعتبرت وزارة الخارجية السورية في بيان صدر عنها أمس أن تركيا أقدمت على «خرق الحدود السورية في منطقة عين العرب بالسماح لقوات أجنبية وعناصر إرهابية تقيم على أراضيها بدخول الأراضي السورية»، ووصفت ذلك بـ«الانتهاك السافر للسيادة السورية». وقالت إن «الحكومة التركية كشفت عن نواياها العدوانية ضد وحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية بمحاولة استغلالها لصمود أهلنا في عين العرب لتمرير مخططاتها التوسعية من خلال إدخالها عناصر إرهابية تأتمر بأمرها وسعيها لإقامة منطقة عازلة على الأراضي السورية». وختمت بيانها بالقول «سوريا تدين وترفض هذا السلوك المشين للحكومة التركية والأطراف المتواطئة معها المسؤولة بشكل أساسي عن الأزمة في سوريا.. وتؤكد مواصلتها العمل على إفشال المخطط الخطير».
في غضون ذلك، نفذت طائرات التحالف الدولي ضدّ الإرهاب أمس ثلاث ضربات، بحسب المرصد، على «تجمعات لتنظيم داعش في القسم الشرقي من كوباني». وقالت القيادة المركزية الأميركية إن القوات الأميركية وجهت عشر ضربات جوية لأهداف تابعة للتنظيم قرب كوباني السورية منذ الأربعاء.
وكانت الغارات في محيط كوباني ضمن 12 غارة شنتها مقاتلات وقاذفات أميركية في سوريا. وقالت القيادة إن الضربات في محيط كوباني أصابت وحدتين صغيرتين للتنظيم ودمرت سبعة مواقع قتالية وخمسة مبان. كما ألحقت الضربات أضرارا بمقر لـ«داعش» بالقرب من دير الزور ومبنى أمني قرب الرقة.
وأسهمت الغارات الجوية التي نفذها التحالف الدولي ضدّ الإرهاب منذ نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مواقع وتجمعات للتنظيم في إعاقة السيطرة الكاملة على ثالث المدن الكردية السورية.
وميدانيا، قصف تنظيم داعش خلال الساعات الماضية بكثافة المنطقة الحدودية من كوباني بقذائف الهاون والأسلحة الرشاشة الثقيلة، بالتزامن مع هجوم جديد شنه ليلا على حي الجمرك في شمال المدينة في اتجاه المعبر الحدودي مع تركيا. وصد المقاتلون الأكراد الهجوم، وتخوف المرصد السوري من أن يؤدي استهداف المنطقة الحدودية إلى تأخير دخول قوات البيشمركة. وذكر المرصد بعد الظهر أن 11 مقاتلا من «وحدات حماية الشعب» قتلوا في الاشتباكات المستمرة من ليل أوّل من أمس. كما أفاد عن مقتل عدد كبير من عناصر «داعش»، ونقل عن «مقاتلين وشهود رؤيتهم العديد من جثث هؤلاء ملقاة في الشوارع لساعات من دون أن ينتشلها أحد». وأعلن منسق التحرك الدولي ضد «داعش» الجنرال الأميركي جون ألن، الأربعاء، أن «كوباني لن تسقط بيد (داعش)».
واستولى تنظيم «داعش» خلال هجومه على كوباني الذي بدأ في 16 سبتمبر على مساحة واسعة وعدد كبير من القرى والبلدات في محيط المدينة. وقتل في المعارك المتواصلة منذ أكثر من ستة أسابيع أكثر من 800 شخص، معظمهم مقاتلون.
خبراء وقياديو البيشمركة يدخلون كوباني للتنسيق الأمني.. ودمشق تدين تدخل تركيا
«داعش» يكثف هجومه على الحدود.. وتخوّف من أن يؤدي استهدافه إلى تأخير دخول المقاتلين
خبراء وقياديو البيشمركة يدخلون كوباني للتنسيق الأمني.. ودمشق تدين تدخل تركيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة