شيطان التفاصيل يدخل مبكراً إلى مشاورات تشكيل الحكومة العراقية

علاوي اصطدم بالمحاصصة

TT

شيطان التفاصيل يدخل مبكراً إلى مشاورات تشكيل الحكومة العراقية

عند حساب الحصص في أي مشاورات لتشكيل الحكومات العراقية لا بد من مراعاة «شيطان التفاصيل» الذي يختار هو الوقت المناسب للتدخل لضمان حصته فيما لو حاولت الكتل والقوى والأحزاب السياسية الاستعاذة بالله من شره أو اتباع طريقة الاستخارة المعمول بها كثيرا لديها لكي تبعده عن طريقها.
مع ذلك وبرغم الحديث عن استقلالية رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي في اختيار كابينته، فإن ما يتم تداوله سرا أو علنا يشير إلى أن الشروط التي وضعتها القوى السياسية أمامه تتراوح بين عدم التنازل عن حصصها الوزارية بما في ذلك الحقائب السيادية، مثلما يعلن الكرد، أو حفظ التوازن الوطني وعدم السماح بغبن المكون، مثلما يطالب العرب السنة. أما مواقف الكتل الشيعية فتتراوح بين القبول المشروط بالاستقلالية على أن يلتزم بها الآخرون أيضا أو إعطاء تفويض شامل لكن غير مضمون النتائج في حال اختار علاوي وزراء ليسوا طبقا للمواصفات.
وفي هذا السياق، أعلنت كتلة «سائرون» النيابية المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن تعرض محمد علاوي إلى ضغوط من كتل سياسية. وقال رئيس الكتلة، حسن شاكر، في تصريح أمس إنه «ضمن التعهدات التي أطلقها رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، فإنه سوف يشكل كابينة وزارية مستقلة، وعليه السعي لتطبيق هذا التعهد، خصوصاً أن هناك عليه ضغوطات سياسية من قبل بعض الكتل السياسية، من أجل الحصول على بعض الوزارات في الحكومة المرتقبة». وشدد شاكر على أن «الكابينة الوزارية، يجب أن تكون مستقلة عن كافة المكونات، وليست مكوناً على حساب مكون آخر، فإذا وافق المكون الشيعي على أن تكون الكابينة الوزارية مستقلة، فعلى المكون السني والكردي العمل على ذلك أيضا، لكن هذا صعب جداً، خصوصاً أن ضغوطات تمارس على علاوي».
والمطلوب من محمد علاوي، ومثلما تعلن كتل سياسية مختلفة، أن يتولى مهمة فضح الكتل التي تريد فرض شروطها عليه. لكنه، وطبقا للمتابعين للشأن السياسي، لا يستطيع الكشف سواء عن مشاوراته التي يجريها مع هذا الطرف أو ذاك أو عن الجهات التي تحاول فرض شروط عليه لأنه بحاجة لها حتى يحقق أغلبية برلمانية مطلقة لتمرير كابينته (أي نصف زائد واحد من عدد أعضاء البرلمان). لذلك فإنه في الوقت الذي لا يستطيع فيه علاوي التراجع عن تعهده بعدم تشكيل حكومة على أساس المحاصصة الحزبية والطائفية، فإنه يحاول تحقيق مبدأ التوازن الوطني مع مراعاة الاستحقاق الانتخابي المبني على حجم الكتل داخل البرلمان المكون من 329 عضوا. ومع أن مبدأ التوازن الوطني يصر عليه العرب السنة والأكراد، فإن معظم الكتل الشيعية التي تنازلت عن استحقاقها الانتخابي، مثلما تعلن، قد تضطر إلى العودة إلى شرط الاستحقاق الانتخابي فيما لو أصر الكرد على «المحاصصة» عن طريق عدم التنازل عن حصصهم الوزارية، والعرب السنة على التوازن الذي يفتح جبهة جديدة في جدار معظم مؤسسات الدولة وليس الحكومة فقط.
القيادي البارز في كتلة بدر البرلمانية والوزير الأسبق للداخلية محمد سالم الغبان يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه «من حيث المبدأ يجب أن يكون هناك منهج واحد في التعامل، فإذا كان رأي محمد علاوي أن تشكل الكابينة من التكنوقراط عليه أن يطبق ذلك على الجميع بمن في ذلك الكرد والسنة». ويضيف الغبان أن «المؤشرات التي لدينا أن الكرد والسنة رافضون لهذا المبدأ». وبشأن الطريقة التي يمكن فيها حفظ التوازن أو تمثيل المجموعات الثقافية والمكونات، يقول الغبان إنها «لا بد أن تجرى عن طريق المشاورات والمفاوضات مع مختلف الأطراف، لكني أجهل الآلية التي يعتمدها المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة لأن (الفتح) ليس جزءا من فريق رئيس الوزراء المكلف».
في السياق نفسه، يرى الباحث الأكاديمي فرهاد علاء الدين المستشار السابق لرئيس الجمهورية في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «التوازنات عادة سياسية وليست وطنية، بينما الاستحقاق الانتخابي هو ما يبحث عنه الجميع»، مبينا أن «كل الأحزاب دون استثناء سوف تضغط على المكلف لأخذ ما يستحقونه من مناصب ومواقع في الدولة سواء كانت جزءا من استحقاقهم الطبيعي أو أكثر منه». وتوقع علاء الدين أن «الضغط سيكون كبيرا ولن يكون بإمكان علاوي التوفيق بين مطالب ساحات التظاهر والاعتصام وبين الوفاء بتعهداته أمام الأحزاب السياسية».



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.