تشكل أولى ملامح الحكومة المرتقبة في تونس

TT

تشكل أولى ملامح الحكومة المرتقبة في تونس

كشفت أحزاب سياسية مرشحة للمشاركة في الحكومة التونسية المرتقبة، عن الأسماء التي تقدمت بها لتولي الحقائب الوزارية، لتتضح بذلك ملامح حكومة إلياس الفخفاخ التي قال عنها إنها ستكون مصغرة لا تتجاوز 28 حقيبة، فيما أكدت «حركة النهضة» (صاحبة الغالبية في البرلمان) أنها ترغب في «حكومة وطنية موسعة» تتسع لكل الأطراف سوى من يريد إقصاء نفسه في إشارة إلى «الحزب الدستوري الحر» برئاسة عبير موسى القيادية السابقة في حزب التجمع المنحل.
ومن المنتظر أن يعلن الفخفاخ عن تشكيلته الحكومية قبل انتهاء الآجال الدستورية المحددة بيوم 20 فبراير (شباط) الحالي.
وخلال جلسات التشاور حول التمثيل السياسي في الحكومة، أكد الفخفاخ استئثاره بتعيين وزيري الداخلية والعدل وتحييدهما عن الأحزاب السياسية. وأكدت مصادر شاركت في المفاوضات أن الفخفاخ رشّح غازي الجريبي الوزير السابق لحقيبة الداخلية، وشفيق صرصار الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لحقيبة العدل، وفي حال رفض الجريبي الداخلية، فقد اقترح الإبقاء على هشام الفراتي.
وشدد الفخفاخ طوال المشاورات على رفض تدخل أي حزب في وزارات السيادة. وأبقى الفخفاخ على وزارتي الخارجية والدفاع خارج حسابات الأحزاب السياسية، إذ أن التعيين على رأسي هاتين الوزارتين يتم بتشاور بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، كما ينص عليه الدستور.
وطالبت «حركة النهضة» بمشاركة في الحكومة تراعي «التمثيل البرلماني»، أي حصولها على أكبر عدد من الحقائب باعتبارها الفائزة بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية لعام 2019. ومن أبرز الوزارات التي تسعى «النهضة» لترؤسها، الصحة والتشغيل والشؤون الاجتماعية وتكنولوجيا الاتصالات.
من ناحيته، اقترح حزب «تحيا تونس» الذي يترأسه يوسف الشاهد، الأمين العام للحزب سليم العزابي لتولي حقيبة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، وسنية بالشيخ لحقيبة وزارة الشباب والرياضة أو حقيبة الصحة. كما رشح «حزب التيار الديمقراطي» أسماء محمد عبّو، وغازي الشواشي، ومحمد الحامدي، لتولي حقائب وزارية لم يحددها بعد، غير أن اشتراطه الحصول على وزارتي الداخلية والعدل اصطدم برفض قوي تقوده «النهضة». واقترح الفخفاخ على «التيار الديمقراطي» ثلاث حقائب هي الإصلاح الإداري لمحمد عبو، وأملاك الدولة للشواشي والتربية لمحمد الحامدي.
بدوره، أكد زهير المغزاوي رئيس «حركة الشعب» (حزب قومي) لـ«الشرق الأوسط»، أنه اقترح 6 أسماء لشغل حقائب وزارية بينها وزارات التجارة والفلاحة والتشغيل والرياضة. وذكر المغزاوي أن حزبه قادر على تحمّل أعباء هذه الحقائب الوزارية. وخلافا لتوجهات رئيس الحكومة المكلف و«حركة النهضة»، تمسك المغزاوي بتشكيل «حكومة سياسية»، غالبية أعضائها من المتحزبين، وهو ما يوفر للحكومة «الحزام السياسي اللازم»، على حد تعبيره. واعتبر المغزاوي قرار تحييد وزارات السيادة ليست من مشمولات رئيس الحكومة المكلف وحده، بل يجب التشاور بشأنها مع بقية الأحزاب. ويرى المغزاوي أن حكومة الفخفاخ المرتقبة في نظر «حزب الشعب» هي «حكومة الرئيس»، وأن «المقاربة في شأنها ليست برلمانية، غير أنه هناك توازنات سياسية يجب أخذها بعين الاعتبار»، وفق تعبيره.
يذكر أن «حركة الشعب» طالبت منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بتشكيل ما سمته «حكومة الرئيس» وهو اقتراح رفضته «حركة النهضة». وفي رده على سؤال بخصوص الحزام السياسي للحكومة وإشراك حزب «قلب تونس» في الائتلاف الحاكم، قال المغزاوي إن حركته لا ترى تغييراً في مواقف رئيس الحكومة المكلف مقارنة بما أعلنه الأسبوع الفارط، خاصة بعد أن أعلن حزب «قلب تونس» أنه غير معني بالحقائب الوزارية، معتبراً أن «حركة النهضة» لم تنتصر بإصرارها على توسيع الحزام السياسي، على حد تعبيره.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.