واشنطن: إجراءات أمنية مشددة حول المباني الحكومية

خوفا من إرهاب قادم من كندا

شرطي أميركي يمر بدراجته بجانب سيارة تابعة لشرطة شيكاغو تحرس المجمع الفيدرالي للولاية (أ.ف.ب)
شرطي أميركي يمر بدراجته بجانب سيارة تابعة لشرطة شيكاغو تحرس المجمع الفيدرالي للولاية (أ.ف.ب)
TT

واشنطن: إجراءات أمنية مشددة حول المباني الحكومية

شرطي أميركي يمر بدراجته بجانب سيارة تابعة لشرطة شيكاغو تحرس المجمع الفيدرالي للولاية (أ.ف.ب)
شرطي أميركي يمر بدراجته بجانب سيارة تابعة لشرطة شيكاغو تحرس المجمع الفيدرالي للولاية (أ.ف.ب)

قال الجنرال راي أوديرنو، رئيس هيئة الأركان المشتركة في القوات البرية الأميركية، أمس، إنه على الدول العربية التي تهمها تهديدات تنظيم داعش أن تضع خطة طويلة المدى لمواجهة هذه التهديدات، وإن الولايات المتحدة تركز أكثر على حماية مواطنيها ومصالحها من تهديدات «داعش» وغيره من المنظمات الإرهابية.
وقال أوديرنو، في مؤتمر صحافي، ردا على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستستخدم قوات برية في العراق أو سوريا لمواجهة «داعش»، بأن ذلك يمكن إذا هدد «داعش» مواطنين أو مصالح أميركية. وأضاف «إذا كان يجب علينا حماية قواتنا ومواطنينا، فيمكن وضع خطط متعددة لعمليات في المستقبل. لكن، ليس الخطر كبيرا في الوقت الراهن». وقال إن الحكومات العراقية والسورية والعربية «هي التي تحمي ديارها» من «داعش»، وهي التي يجب عليها وضع خطط طويلة المدى لمواجهتها.
في الوقت نفسه، أعلنت وزارة أمن الوطن الأميركية تشديد الإجراءات الأمنية حول آلاف المباني الحكومية الفيدرالية، في واشنطن، وفي الولايات، الأخرى وذلك على خلفية الهجوم الإرهابي في كندا، الأسبوع الماضي. لكن، كررت الوزارة عدم وجود «أي تهديدات أمنية معينة» خلف هذه الإجراءات، وقالت إنها إجراءات «احترازية».
وقال وزير الأمن الداخلي جيه جونسون إن القرار يشمل أكثر من 9500 مكتب فيدرالي. لكنه لم يكشف تفاصيل الإجراءات الأمنية الجديدة. وقال إنها «ستختلف باختلاف المواقع»، وإنها تدابير وقائية ضد الدعوات العلنية، والمستمرة، من قبل المنظمات الإرهابية لشن هجمات على أرض الوطن، وعلى أماكن أخرى.
وقال مدير مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) جيمس كومي إن جماعة خراسان الإرهابية ستضرب الولايات المتحدة «قريبا جدا». وحذر من أن الأميركيين الذي يقاتلون الآن في صفوف «داعش»: «لا يمكن منعهم من العودة إلى بلادهم». لكنه رفض، في مقابلة مع تلفزيون «سي إن إن»، أن يحدد ما سيحدث لهم بعد عودتهم.
وطمأن كومي الأميركيين بأن التغييرات التي أجريت منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 «جعلت الحمايات الأمنية أفضل، وجعلتنا قادرين على سحق أي محاولة لخرق أمن الأميركيين». وأشار إلى الهجوم الإرهابي في كندا الأسبوع الماضي، وقال «نحن نزيد حذرنا من تسلل إرهابي من الشمال».
وكان مسؤولون أميركيون حذروا بأن «(داعش) قادم من كندا». ورغم أن وزير خارجية كندا قال إنه «لا توجد دلائل حتى الآن» تربط الإرهابي الذي هجم على البرلمان بمنظمة «داعش»، فقد قال مسؤولون استخباراتيون كنديون إن هناك أدلة تثبت ارتباط الإرهابي بالتنظيم.
وكان جون بيرد، وزير الخارجية، قال لتلفزيون «بي بي سي»، إن الإرهابي مايكل زيهاف بيبيو «كان يبدو متطرفا دون أدنى شك»، لكن «لم يكن اسمه مدرجا ضمن لائحة الأفراد الأكثر خطورة». وقال إن حكومة كندا «قلقة للغاية» بسبب ارتفاع عدد المواطنين الكنديين الذين توجهوا للقتال في سوريا والعراق، وإن تقارير تشير إلى سفر ما لا يقل عن مائة كندي إلى هناك للقتال. وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن في البرلمان الكندي، دانيال لانغ، إن الهجوم المسلح «أثبت عدم حصانة كندا، وأثبت سهولة تعرضها لمثل هذا النوع من الاعتداءات الخطيرة.. تسبب هذا الحادث في تغيير نمط الحياة في كندا بشكل مؤثر».
والأسبوع الماضي، كان الإرهابي زيهاف قتل جنديا كنديا قرب النصب التذكاري في أوتاوا، قبل أن يصل الإرهابي إلى مبنى البرلمان المجاور. وفي الأسبوع الماضي، أيضا، قتل مجهول عسكريا كنديا في مقاطعة كويبيك بعد أن صدم سيارة العسكري، ثم أطلقت الشرطة النار عليه، وقتلته. ويستمر التحقيق في معرفة إذا كانت للقاتل صلة بتنظيم «داعش»، أو أي منظمة إرهابية أخرى، أم لا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.