«أعراس سيناء» تجمع الفارين من «داعش»

الرقصات الشعبية لها حضور بارز خلال أفراح السيناوية (الشرق الأوسط)
الرقصات الشعبية لها حضور بارز خلال أفراح السيناوية (الشرق الأوسط)
TT

«أعراس سيناء» تجمع الفارين من «داعش»

الرقصات الشعبية لها حضور بارز خلال أفراح السيناوية (الشرق الأوسط)
الرقصات الشعبية لها حضور بارز خلال أفراح السيناوية (الشرق الأوسط)

تحت ظل خيمة تشغل مساحة فضاء واسعة تتوسط بنايات مرتفعة، وعلى بعد مئات الأمتار عن شاطئ مدينة العريش في مدينة شمال سيناء المصرية، انشغل رجلان تجاوزت أعمارهما الستين بحديث هامس، غير عابئين بضجيج الآخرين. اتخذ الرجلان من بساط الخيمة فراشاً لمجلسهما في صفوف طولية تتزايد أعدادها بالقادمين الذي يعلنون حضورهم بالقول: «مبروك فرحكم».
«منذ زمن ما تلاقينا»، يقول الستيني سليمان عايد، وهو يشير إلى صديقه، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لقد فرقتنا رحلة البحث عن الأمان بعيداً عن (الإرهاب)، ولم نلتقِ منذ 5 سنوات مضت، وكانت وسيلة تواصلنا مكالمات هاتفية بين الحين والآخر».
وبسبب ظروف «الحرب على الإرهاب» التي تنفذها قوات الأمن المصرية لملاحقة عناصر مسلحة ومتطرفة تدين في معظمها بالولاء لتنظيم «داعش سيناء»، اضطر بعض العائلات لمغادرة منازلهم في المناطق التي كانت مسرحاً للعمليات ضد المتشددين.
ووفقاً لقاعدة البيانات الرسمية لمركز معلومات محافظة شمال سيناء، فإن مركز الشيخ زويد يقع على مساحة 783 كيلومتراً مربعاً، من إجمالي مساحة شمال سيناء البالغة 27 ألف كيلومتر مربع، ويقدر عدد سكان المركز بنحو 60 ألفاً من إجمالي سكان شمال سيناء البالغ 455 ألفاً حتى عام 2016.
كان الرجلان يتجاوران بجنوب مدينة الشيخ زويد (أقصى شمال شرقي سيناء)، ويمتهنان زراعة الخوخ والزيتون، وظلا يلتقيان مساءً بشكل شبه يومي لنحو 40 سنة، ويقول عايد: «حضرت من محافظة الإسماعيلية التي اتخذتها سكناً لحين استقرار الأوضاع في مناطقنا والعودة إليها، وحضر جاري وصديقي (محمد مصلح) من منطقة بئر العبد أقصى شمال غربي سيناء، لنشارك جاراً آخر لنا حفل زواج نجله في مدينة العريش حيث انتقل ثالثنا، واستقر».
وقدّرت إحصائية رسمية غطت الفترة بين 2013 ومنتصف 2017، أعداد النازحين من نيران الحرب على الإرهاب في مراكز شمال سيناء كافة إلى مناطق آمنة داخل المحافظة نفسها بنحو 6700 أسرة تضم أكثر من 26 ألف شخص، ولم تعلن رسمياً أي إحصائيات محدثة كما لم تعلن أعداد من نزحوا خارج سيناء فراراً من الإرهاب.
ويتحدث الطرف الثاني من لقاء الأصدقاء، محمد مصلح إلى «الشرق الأوسط»، قائلاً: «بعد أن تعرضت منطقتنا لوجود مسلحين إرهابيين تطاردهم قوات الجيش والشرطة، أصبح وجودنا في المكان يهدد حياتنا وكانت بداية رحلات البحث عن مكان آمن منذ عام 2016، وبعضنا اتخذ ضواحي مدينة العريش (الهادئة نسبياً) مستقراً له، وآخرون اتجهوا صوب مدينة بئر العبد، وهناك من رحل لمحافظات مجاورة لسيناء، ومنها الإسماعيلية والشرقية وجنوب سيناء ومحافظات أبعد، منها البحيرة والمنوفية».
فرحة الرجلين بلقاء بعد تشتت بفعل «الإرهاب»، تبدو مكررة في الآونة الأخيرة، وباتت الأفراح فرصة للقاء الأشخاص والعائلات التي غيرت مقار إقامتها بسبب الأوضاع غير المستقرة. ولم تمنع أجواء الاحتفالات والأفراح الصديقين من تذكر نجل صديقهما الثالث عبد الرحمن، الذي اختطفته عناصر «داعش» وقتلته ذبحاً، و«لا يزال والده يعيش حالة نفسية صعبة بعد فراقه، وانتقل إليه بمنطقة جلبانة شرق قناة السويس وبنطاق محافظة الإسماعيلية»، بحسب عايد.
ويشرح محمد عليان سواركة، وهو من رموز قبليته لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأفراح باتت مناسبة لإحياء تقاليدنا في الزواج، وطبيعتنا البدوية التي تأثرت كثيراً بطباع أخرى بدأت الأسر النازحة في اكتسابها من محال إقامتها الجديدة».
وتمتد طقوس إقامة الأفراح في سيناء لمدة يومين، حيث تبدأ في الليلة السابقة للعرس، حيث تقام أُمسية تنظم فيها احتفالات ورقصات تقليدية شعبية يقدمها الشباب وتنتهي في اليوم الثاني بوليمة غداء موسعة، ثم المشاركة في زفاف العروسين.
وشكلت محافظة شمال سيناء، لجنة مختصة بمتابعة «أحوال أبناء المحافظة المنقولين من مناطق الحرب على الإرهاب لمحافظات أخرى، وتتولى توزيع مساعدات وتوفير خدمات استخراج الأوراق الثبوتية مجاناً لمن تخلفوا عن القيد في السجلات الرسمية للدولة». وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلنت اللجنة استخراج 120 شهادة ميلاد لأبناء المحافظة المقيمين في محافظة الإسماعيلية، كما نظمت قافلة طبية للأهالي، ووزعت مساعدات غذائية.
وأعلنت الحكومة المصرية، الأسبوع الماضي، توفير مساكن بديلة للمضارين من مواجهات «الحرب على الإرهاب» التي ينتظر أن تستفيد منها 1176 أسرة.


مقالات ذات صلة

قائد «قسد» يناقش الوضع السوري والعمليات ضد «داعش» مع قائد القيادة المركزية الأميركية

المشرق العربي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي (رويترز)

قائد «قسد» يناقش الوضع السوري والعمليات ضد «داعش» مع قائد القيادة المركزية الأميركية

قال القائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي، الجمعة، إنه عقد اجتماعاً مهماً مع قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا لتقييم الوضع في سوريا والعمليات ضد «داعش».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عبدي لتوحيد الصف الكردي قبل الحوار مع الإدارة السورية

عبدي لتوحيد الصف الكردي قبل الحوار مع الإدارة السورية

عقد مظلوم عبدي، قائد «قسد»، اجتماعاً مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني في أربيل، هو الأول من نوعه فرضته التطورات المتسارعة بسوريا.

كمال شيخو (دمشق)
أفريقيا حاكم ولاية بورنو حذر المزارعين من التعامل مع الإرهابيين (صحافة محلية)

«داعش» يحاصر 500 مزارع في نيجيريا

قالت نيجيريا إن الحرب التي يخوضها جيشها ضد مقاتلي «داعش» وجماعة «بوكو حرام»، أسفرت خلال هذا الأسبوع عن مقتل 76 مسلحاً.

الشيخ محمد (نواكشوط )
خاص معتقلون من تنظيم «داعش» في سجن الغويران بالحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

خاص «قسد» ترفض تسليم معتقلي «داعش» لدمشق بلا ضمانات أمنية

نفى قيادي من قوات «قسد» التي تسيطر على مساحات واسعة شمال شرقي سوريا، وجود اتفاق مع الإدارة السورية الجديدة على تسليمها معتقلي تنظيم «داعش».

كمال شيخو (دمشق) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي امرأة تحمل طفلها تمر من أحد الأنفاق في دمشق ويظهر خلفها بعض الباحثين عن مأوى (أ.ب)

الشيباني يؤكد العمل على دستور شامل لسوريا ويطالب بالضغط على إسرائيل

أكد وزير الخارجية في الإدارة السورية أسعد الشيباني أنه سيتم خلال المرحلة الانتقالية وضع دستور على أساس الحوار الوطني يضمن حقوق جميع السوريين على قدم المساواة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».