مجلس الأمن يطالب بوقف الاستيطان الإسرائيلي.. ويحذر من اندلاع موجة عنف جديدة

واجهت إسرائيل انتقادات وإدانات موسعة من أعضاء مجلس الأمن اعتراضا على خططها لبناء وحدات استيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبصفة خاصة في القدس الشرقية، وطالبت الدول الـ15 الأعضاء في المجلس خلال خطاباتها في الجلسة الاستثنائية لمجلس الأمن، مساء أول من أمس، بوقف كل الخطط الإسرائيلية الاستيطانية، وحذروا من مخاطر اندلاع موجة عنف جديدة، مشددين على ضرورة تهدئة التوتر واستعادة الثقة، واستئناف المحادثات للتوصل إلى حل الدولتين.
وخلال الجلسة الاستثنائية التي طالب الأردن، نيابة عن السلطة الفلسطينية، بعقدها، حذر جيفري فيلتمان، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، من أن خطط إسرائيل لبناء مزيد من المستوطنات في القدس الشرقية تثير «شكوكا خطيرة بشأن نية إسرائيل التوصل إلى حل سلام شامل ودائم مع الفلسطينيين».
وقال فيلتمان إن «الأمين العام للأمم المتحدة أعرب عن قلقة إزاء خطط الحكومة الإسرائيلية لبناء نحو ألف وحدة استيطانية جديدة، ودعا تل أبيب إلى تجميد برنامج البناء، والالتزام بتعهداتها في إطار القانون الدولي وخريطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية بشأن تسوية الصراع في الشرق الأوسط».
من جهته، قال رياض منصور، مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة، إنه «إذا لم يستطع المجتمع الدولي إقناع المحتل الإسرائيلي بالتفاوض من أجل إقامة دولة فلسطين، فإن حل الدولتين لن يكون متاحا، وعندها لا يقع اللوم إلا على السلطات الإسرائيلية التي تصر على أنها ليست سلطة احتلال، وعلى عدم الإنصات للمجتمع الدولي»، وطالب منصور مجلس الأمن الدولي بدعوة إسرائيل إلى وقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية والقدس، مشيرا إلى معاناة سكان القدس الشرقية من التمييز من قبل المتطرفين والمستوطنين الإسرائيليين، بما في ذلك عمليات القتل والاختطاف والاعتداء على دور العبادة، وإلى قيام السلطات الإسرائيلية بمصادرة ممتلكات ومساكن مئات العائلات الفلسطينية وتدمير مساكنهم، وانتهاك حقوقهم، إضافة إلى تمرير تشريعات لتغيير وضع وهوية القدس.
وطالب منصور بالوقف الفوري لكل الأنشطة الاستيطانية، ومحاسبة إسرائيل على انتهاكها لالتزاماتها. كما شدد على التزام السلطة الفلسطينية بالسلام وبحل الدولتين بناء على حدود ما قبل 1967 وأن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، مطالبا مجلس الأمن بإصدار قرار «يضع معايير لحل إقامة الدولتين وإطار زمني لذلك».
من جانبه، شدد رون بروس أور، مندوب إسرائيل، على أن السلطات الإسرائيلية ليست سلطة محتلة، وقال: «ما يعرقل عملية تحقيق السلام ليس المستوطنات، وإنما عدم رغبة فلسطين بالتوصل إلى اتفاق، وعدم اعتراف فلسطين والدول العربية بدولة إسرائيل، والقدس هي عاصمة لشعب واحد هو الشعب اليهودي». وتجاهل المندوب الإسرائيلي مناقشة قضية المستوطنات، وركز في خطابه على الجانب التاريخي والديني للقدس، وحاول إلقاء اللوم على السلطة الفلسطينية في إصدار تصريحات تحمل لهجة الكراهية، كما اتهم الفلسطينيين بعدم احترام الحرية الدينية وإحراق كتب يهودية، وتدمير إحدى الكنائس.
من جانبه، اتهم مندوب المملكة الأردنية الهاشمية إسرائيل باتباع سياسة ممنهجة تهدف إلى طمس الطبيعة التاريخية والديمغرافية للقدس، مطالبا العالم بالالتفات إلى خطورة الأوضاع في القدس الشرقية وما تقوم به إسرائيل في تنفيذ مخططاتها للتوسع الاستيطاني، ومخالفة أحكام القانون الدولي وقواعد لاهاي لعام 1907، واتفاقية جنيف الرابعة، ومخالفة قرارات مجلس الأمن.
وأكد ممثل البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة على قلق بلاده من مضي إسرائيل في خططها الاستيطانية، مطالبا باستجابة واضحة من القادة من الجانبين لاستعادة الثقة وإقامة السلام. وأشار المندوب الأميركي إلى قلق بلاده من المشروعات الإسرائيلية للمياه والصرف وغيرها داخل المستوطنات، مشيرا إلى أن الأنشطة الاستيطانية تزيد من وتيرة العنف، وشدد على أن الاستيطان غير قانوني.
كما وجهت كل من فرنسا والصين وروسيا وبريطانيا ونيجيريا ولوكسمبورغ انتقادات لسياسات إسرائيل الاستيطانية، حيث قال المندوب الفرنسي إن بلاده تدين بناء مستوطنات إسرائيلية في القدس الشرقية وتشعر بالقلق من التوتر والاستفزازات التي تقوم بها الجمعيات الدينية الإسرائيلية، ووصول انعدام الثقة بين الجانبين إلى مستويات غير مسبوقة.
وطالب المندوب البريطاني السلطات الإسرائيلية بالوفاء بالتزاماتها وتعهداتها بوصفها سلطة احتلال بحماية المناطق المقدسة، وقال إن «الاستيطان الإسرائيلي غير قانوني ويمثل عائقا يبعدنا عن حل الدولتين، ونحن نأسف أن إسرائيل تمضي قدما في خطط استيطانية بالقرب من بيت لحم والقدس الشرقية، وهي تطورات تصعب على أصدقاء إسرائيل الدفاع عنها».
وخلفت هذه التصريحات المدينة للاستيطان الإسرائيلي ردود فعل غاضبة في إسرائيل، حيث عقب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على اجتماع مجلس الأمن الدولي باتهام المجتمع الدولي بالنفاق، وقال غاضبا: «أبناؤنا يتعرضون للقتل في شوارع القدس نتيجة لتحريض السلطة الفلسطينية وحلفائها من حماس، والعالم يجتمع لبحث إجراءاتنا ويهاجمنا على أننا ندافع عن أنفسنا».
وقالت وزيرة القضاء، تسيبي ليفني، التي تتولى أيضا ملف المفاوضات المجمدة حاليا مع الفلسطينيين، إن البحث في مجلس الأمن حاليا رمزي، «فالمجلس لم يلتئم وفقا للبنود الخطيرة، بل لإجراء بحث أولي يقترب من إعلان النيات. ولكن كل من توجد في رأسه عينان يدرك بأن الأبحاث الخطيرة في مجلس الأمن قادمة حتما إذا استمر الجمود في المفاوضات».
وكان السفير الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة، ران فريشاور، قد هاجم المبادرين للبحث (الأردن وفلسطين) قائلا: «القدس تحت حكم إسرائيل فقط تتمتع بالحريات الدينية. ولكن المتطرفين الفلسطينيين هم الذين يمنعون جعلها مدينة سلام بواسطة عملياتهم الإرهابية». وأضاف: «توجد مشكلات كبيرة في الشرق الأوسط، وكنت أتوقع أن تطرحوها هنا. كنت أتوقع أن تبحثوا في موضوع أنهار الدم في سوريا والعراق. لكن من الأسهل عليكم شتم إسرائيل».