مبعوث «النواب الليبي» يتشبث بدور المغرب في حل الأزمة السياسية

TT

مبعوث «النواب الليبي» يتشبث بدور المغرب في حل الأزمة السياسية

قال عبد الهادي الحويج، مبعوث رئيس مجلس النواب الليبي صالح عقيلة، إن المغرب «قادر إلى جانب الدول الأخرى على الاضطلاع بدور في إيجاد حل دائم ومستدام للأزمة الليبية».
وأوضح الحويج في لقاء صحافي، عقب مباحثات أجراها مع ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، مساء أول من أمس بالرباط، أن مجلس النواب الليبي يؤمن بأن «الوصفة المغاربية هي الأقرب من الوصفات الأوروبية والدولية، وهي القادرة على إيجاد حل دائم ومستدام للأزمة الليبية».
ورحب المبعوث الليبي بالجهود، التي يبذلها المغرب في حل الأزمة الليبية، داعياً الرباط إلى «الاستمرار في رعاية دور مغاربي ومتوسطي وأفريقي لحل هذه الأزمة»، طالما أن ليبيا والمغرب «يتقاسمان الجغرافيا والتاريخ والفضاء المغاربي». مشيراً إلى رغبة مجلس النواب الليبي في الاستئناس بتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة المغربية «لبناء ليبيا جديدة لكل الليبيين، من دون إقصاء، وبناء دولة القانون والمؤسسات والمواطنة».
وأوضح الحويج أن المباحثات، التي أجراها مع بوريطة تطرقت إلى آخر تطورات الأزمة الليبية، منوهاً بالجهود التي بذلها المغرب «ملكاً وحكومة وشعباً»، خلال المناقشات التي أفضت إلى اتفاق الصخيرات، الذي وصفه بـ«الجيد». وأعرب عن أسفه لعدم تنفيذ مقتضياته. مؤكداً في المقابل أن مجلس النواب الليبي سيقبل «أي حل يفضي إلى دولة مواطنة ودولة حقوق إنسان، ودولة من دون فوضى وسلاح وميليشيات وإرهاب».
من جانبه، جدد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى لليبيا، تمسك بلاده باتفاقية الصخيرات، وأعرب «عن ترحيبه بأن يستضيف المغرب مرة أخرى الحوار الليبي لحل هده الأزمة»، وذلك في تصريح أدلى به للموقع الرسمي لوزارة الخارجية المغربية، بعد مكالمة هاتفية أجراها بوريطة معه، تناولا فيها التطورات الأخيرة للملف الليبي.
وكان المغرب، قد ندد خلال الاجتماع الثامن للجنة رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي حول ليبيا، التي عقدت في برازافيل نهاية الشهر الماضي، على لسان وزير خارجيته بـ«النزعة التدخلية اللاأخلاقية من طرف بعض الأطراف في الشؤون الداخلية الليبية»، مسجلاً أن اتفاق الصخيرات السياسي لا يزال يشكل «مرجعاً مرناً بما فيه الكفاية لاستيعاب الوقائع الجديدة».
وقال بوريطة، خلال الاجتماع إن «الوضع يتدهور أمام أعيننا بشكل لا يصدق، خارجاً عن كل سيطرة، وضدا على الجميع، وعلى حساب المصلحة العليا للشعب الليبي».
ولخص الوزير المغربي موقف بلاده من الأزمة الليبية في أربع نقاط، وهي أن الخروج من الأزمة في ليبيا «لا ينبغي أن يتم تصوره عبر حل عسكري، بل يتعين أن يكون من خلال حل سياسي شامل أو لا يكون»، مشدداً على أنه ينبغي دعم جهود الأمم المتحدة، وجهود الممثل الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة.
وبالنسبة للنقطة الرابعة في الموقف المغربي إزاء هذه الأزمة، اعتبر بوريطة أن «الاتفاق السياسي، الذي وقع في الصخيرات في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015، لا يزال يمثل مرجعية مرنة بما يكفي لإدراك الوقائع الجديدة، وحلاً يضع حداً ليس فقط للأعمال العدائية المفتوحة، ولكن أيضاً للنزاعات المتجاوزة، ويسمح بتوحيد القوات العسكرية الليبية». موضحاً أن تشبث المغرب القوي والمستمر بهذه الاتفاقية «ليس نابعاً من منطلق ذاتي من حيث تسميته أو مكان توقيعه»، ولكن «يتم تفسيره من خلال حقيقة أن هذا الاتفاق هو ثمرة مناقشات طويلة بين الليبيين أنفسهم، وليس نتيجة اجتماعات دبلوماسية».
وجدد المسؤول المغربي استعداد بلاده لمواكبة الأطراف الليبية «على طريق الحوار والمصالحة الوطنية، من دون عُقد ومن دون تحفظات»، مشدداً على أن المغرب «ليس له أجندة في النزاع الليبي. بل لديه فقط أسف صادق إزاء استمرار أمده، وعزم متجرد على رؤيته يتجه صوب الحل».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.