الفخفاخ يواصل مشاورات تشكيل الحكومة التونسية

TT

الفخفاخ يواصل مشاورات تشكيل الحكومة التونسية

واصل إلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة التونسية المكلف، سلسلة مشاوراته حول تشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة، حيث التقى أمس أربعة أحزاب هي «البديل التونسي» و«آفاق تونس» و«مشروع تونس» و«نداء تونس» في محاولة لإقناع قياداتها السياسية بضرورة دعم الحكومة المرتقبة وسط ضبابية في المشهد السياسي، وتجاوز أزمة تشكيل الحكومة قبل انتهاء الآجال الدستورية المحددة في 20 من فبراير (شباط) الحالي. لكن وإثر اجتماع أمس مع الفخفاخ، أكدت ريم محجوب، القيادية بحزب آفاق تونس، أن الرئيس المكلف متمسك بالحزام السياسي الذي تم الإعلان عنه سابقا، والذي يستثني حزب قلب تونس، وهو ما يتناقض مع مخرجات الاجتماع الذي نظمه الغنوشي، وضم نبيل القروي والفخفاخ، موضحة أن حزبها «لم يطلب حقائب وزارية، كما أن هذا الموضوع ليس من اهتمامات الحزب حاليا».
وبدخول حزب «قلب تونس» إلى المشاورات السياسية، وطلب دعمه لحكومة الفخفاخ المرتقبة، تكون حكومة «الخط الثوري»، التي دعا لها رئيس الحكومة المكلف قد اختفت لتفسح المجال لـ«حكومة التوافق» أو «حكومة الوحدة الوطنية الموسعة»، التي تمسكت بها حركة النهضة الإسلامية طوال مسار المفاوضات حول تشكيل الائتلاف الحكومي. ونتيجة لانضمام حزب نبيل القروي للائتلاف الحاكم، أعلن حزب التيار الديمقراطي الذي يتزعمه محمد عبو، وتحالف «ائتلاف الكرامة»، الذي يقوده سيف الدين مخلوف، عن انسحابهما من المشاورات احتجاجا على وجود «قلب تونس» ضمن التركيبة الحكومية.
وكان الفخفاخ قد صرح عند بداية المفاوضات في أول مؤتمر صحافي يعقده أن الحزام السياسي للحكومة سيتكون من أربعة أحزاب فقط، وهي حركة النهضة (كتلة برلمانية تضم 54 صوتا) وحركة الشعب (15 صوتا)، وحزب التيار الديمقراطي (22 صوتا)، إضافة إلى حركة تحيا تونس (14 صوتا)، وهو خيار استمده رئيس الحكومة المكلف من نتائج الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، وفسر اختياره بضرورة التلاؤم مع ما اعتبره «مسارا ثوريا» للحكومة المقبلة.
غير أن تخوف حركة النهضة من إمكانية إقصائها من الائتلاف الحكومي من خلال تحالف أحزاب حركة الشعب والتيار الديمقراطي وتحيا تونس وحزب قلب تونس، وبالتالي التصويت ضد حكومة الفخفاخ، التي تدعمها كما دعمت حكومة الحبيب الجملي قبله، جعل الحركة تبحث عن سبل «تفتيت هذا التحالف الممكن»، وذلك بالدعوة في البداية إلى عدم إشراك حزب «قلب تونس» في الائتلاف الحاكم بذريعة وجود «شبهة فساد»، ثم التمسك في مرحلة لاحقة بضرورة مشاركته في الحكم والابتعاد عن أي شكل من أشكال الإقصاء السياسي.
وأدى شرط النهضة، الداعي إلى توسيع تمثيلية الأحزاب في الحكومة، إلى إلحاق سبعة أحزاب أخرى، من بينها «قلب تونس»، وهو ما يضع النهضة أمام حتمية تقاسم الحكم مع تسعة أحزاب على نفس القدر، ويجبرها على التخلي عن مبدأ حصولها على أكثر عدد من الحقائب الوزارية. غير أن عددا من الأحزاب السياسية التي كانت تقدم شروطا خلال المفاوضات المتعلقة بحكومة الحبيب الجملي باتت أقل وزنا سياسيا، مثل حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب على وجه الخصوص. كما أن دخول قلب تونس المعادلة السياسية، ووعده بدعم حكومة الفخفاخ بـ38 صوتا أضعف بقية الأحزاب الصغرى التي لا يتجاوز عدد نوابها أربعة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».