تحولت أزمة ولاية تورينغن الصغيرة في ألمانيا إلى امتحان لمدى صلابة الائتلاف الحاكم، ولزعيمة «الاتحاد المسيحي الديمقراطي»، أنغريت كرامب كارنباور، التي تشغل كذلك منصب وزيرة الدفاع في الحكومة الفيدرالية.
وتتعرض كرامب كارنباور لاتهامات بأنها ضعيفة وسلطتها لا تصل بعيداً داخل حزبها، وذلك بعد أن صوت أعضاء حزبها في ولاية تورينغن إلى جانب حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف، في خلاف لأوامر زعيمتهم، وخروج عن التوجيهات بعدم التحالف مع الحزب اليميني المتطرف. ويعتقد كثيرون بأنها لن تكون قادرة على الصمود طويلاً في منصبها، بصفتها زعيمة للحزب، وأن طموحها بأن تخلف ميركل مستشارة للدولة ربما بات بعيد المنال.
وبعد مرور 4 أيام على تصويت «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» و«البديل لألمانيا» لصالح مرشح حزب الليبراليين توماس كيريش، ليصبح رئيساً للحكومة المحلية في تورينغن، لم تتمكن كرامب كارنباور من تحقيق الكثير لإخراج حزبها هناك من الدوامة التي دخل فيها. ورغم توجهها إلى تورينغن، في محاولة لحل الأزمة التي هزت الوسط السياسي في ألمانيا، فإنها فشلت بإقناع حزبها بضرورة إجراء انتخابات جديدة. وأبدى أعضاء حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» في تورينغن تخوفهم من أن انتخابات جديدة قد تفيد حزب اليسار «دي لينكا» و«البديل لألمانيا»، وتحقق لهم نتائج أسوأ. وغادرت كرامب كارن تورينغن كما وصلتها، من دون أن تحقق أي نتائج.
وكانت الولاية قد انتخبت برلماناً محلياً في الخريف الماضي، حيث حل حزب «دي لينكا» في الطليعة، و«البديل لألمانيا» جاء ثانياً. وكان الحزب اليساري يأمل بأن يحكم في حكومة أقلية، بعد التحالف مع حزبي الخضر والاشتراكي، ولكن حزب ميركل فاجأ الجميع بالتصويت مع البديل لألمانيا لانتخاب زعيم الليبراليين، الحزب الذي لم يحصد أكثر من 5 في المائة من أصوات الناخبين في الانتخابات. كل هذا حصل فيما كانت ميركل في جولة أفريقية، حيث وصلتها الأخبار الصادمة، لتخرج في مؤتمر صحافي مع الرئيس الجنوب الأفريقي، وتبدأ المؤتمر بالحديث عن التطورات الداخلية في بلدها، وتصف ما حصل بأنه «لا يمكن التسامح معه، ويجب الرجوع عنه». وما إن عادت ميركل إلى برلين يوم أمس حتى استضافت محادثات عاجلة لحزبها والحزب البافاري الشقيق مع الحزب الاشتراكي، الشريك في الائتلاف الحاكم، لبحث تأثير ما حصل في تورينغن على تحالفهما. وفور انتهاء المحادثات، دعت الأحزاب الثلاثة إلى إجراء انتخابات جديدة عاجلة في تورينغن لفتح الباب أمام تشكيل حكومة جديدة. ووصف بيان صادر عن الأحزاب الثلاثة ما حصل في تورينغن بأنه «لا يمكن مسامحته»، في تكرار لكلام ميركل الذي قالته من جنوب أفريقيا.
وفي حين تقدم أمس رسمياً رئيس الحكومة المنتخب كيريتش باستقالته من منصبه، أقالت ميركل مفوض الحكومة الفيدرالية لشؤون شرق ألمانيا كريستيان هيرته من منصبه بسبب تهنئته لكيريتش عقب انتخابه. وأصدر المتحدث باسم ميركل بياناً أكد فيه أن المستشارة دعت هيرته للاستقالة من دون ذكر السبب. وكان هيرته قد كتب على «تويتر» يهنئ كيريتش بعد انتخابه، غاضاً النظر عن أنه انتخب دعماً من حزبه لتحالف مع «البديل لألمانيا».
وقبل الاجتماع الثلاثي في برلين، صعد الاشتراكيون من هجومهم على زعيمة الحزب كرامب كارنباور، وقالوا إنها فاقدة للسلطة داخل حزبها. وقبل الدخول للاجتماع، حدد الزعيمان المشتركان للحزب الاشتراكي شروط استمرار التحالف مع «الاتحاد المسيحي الديمقراطي»، وقال والتر بوريانز لصحيفة «بيلد» الشعبية: «لا يمكن لنا أن نتشارك بالحكم مع حزب يمهد الطريق أمام النازيين لدخول الحكومات».
وازدادت المقارنات بين ما حصل في تورينغن قبل أيام وبداية صعود هتلر إلى السلطة عام 1930، التي بدأت كذلك من الولاية نفسها (تورينغن). وبعد انتخاب كريتش، كتب بودو راميلو، رئيس حكومة تورينغن السابق، وهو ينتمي لحزب «دي لينكا»، على «تويتر» جملة مقتبسة من هتلر تقول: «النجاح الكبير تم تحقيقه في تورينغن، نحن الآن الحزب المقرر هنا. الأحزاب السابقة التي شكلت الحكومة لا يمكنها أن تقوم بشيء من دون أغلبيتنا». ووقع راميلو الجملة باسم هتلر، والتاريخ الذي قالها فيه، وهو 2 فبراير (شباط) 1930.
أزمة تورينغن تتحول إلى امتحان لصلابة الائتلاف الحاكم في ألمانيا
أزمة تورينغن تتحول إلى امتحان لصلابة الائتلاف الحاكم في ألمانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة