غزاوي على كرسيه المتحرك يصنع السيوف والخناجر

يهتم بإنتاج نوعين منها الأول حاد والثاني يستخدم للزينة والمعارض

جلال خلال عمله داخل ورشته (الشرق الأوسط)
جلال خلال عمله داخل ورشته (الشرق الأوسط)
TT

غزاوي على كرسيه المتحرك يصنع السيوف والخناجر

جلال خلال عمله داخل ورشته (الشرق الأوسط)
جلال خلال عمله داخل ورشته (الشرق الأوسط)

لا يمل الشّاب جلال أبو لحية من الساعات التي تمر وهو يتنقل على كرسيه المتحرك بين أرجاء ورشته الصغيرة التي تقع في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، حيث ينشغل بتصنيع السيوف والخناجر الحديدية عبر استخدامه لآلات بسيطة، في محاولة منه لإعادة الروح لتلك المهنة العربية التراثية التي غيّبها انتشار المصانع الأوتوماتيكية الحديثة.
الشاب جلال الذي أصيب بطلق ناري إسرائيلي أفقده القدرة على الحركة، خلال مشاركته في فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار التي نظمتها الفصائل الفلسطينية على طول الحدود مع قطاع غزة، على مدار أكثر من عامٍ ونصف، يوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن العيار الناري استقر في وسط ظهره على مقربة من العمود الفقري، الأمر الذي سبب له الإعاقة وجعله لا يقدر على الحركة إلا باستخدام كرسي متحرك.
وخلال رحلة العلاج الطويلة التي خاضها، حاول أبو حية أن يكون صلباً ليتحمل كل الآلام التي أصابته، وليكون قادراً بعدها على العودة للحياة من جديد، ويروي خلال حديثه أن الوقفة الجادة التي وجدها من أسرته وأصدقائه كان لها دور كبير في تحفيزه على التفكير بتجاوز مرحلة الإعاقة بشكل إبداعي، فاندفع نحو مهنة الحدادة وقرر أن يبتكر شيئاً مختلفاً، ليكون متميزاً عن أقرانه من أصحاب ذات المهنة.
ويبين أن عمله قبل الإصابة كان في مجال الدفاع المدني والإنقاذ البشري، لافتاً إلى أنه لطالما شارك في عمليات إجلاء أشخاص في أوقات الأزمات والتصعيدات الإسرائيلية، وكثيراً ما رأى حالات لإصابات متنوعة، لكنه لم يكن يتخيّل أن يصير في يومٍ من الأيام واحداً من بين تلك الإصابات التي تحتاج لمتابعة دائمة ورعاية خاصة.
وعن السبب وراء لجوء الشاب جلال للعمل في صناعة السيوف والخناجر القديمة، يقول، إنه «منذ صغره كان يحب التراث العربي والإسلامي كثيراً، وكان يتابع باستمرار المسلسلات والأفلام التاريخية التي يبرز فيها استخدام تلك الأدوات القتالية»، مشيراً إلى أن صناعة المعادن بشكل عام في قطاع غزة، ضعفت في الفترة الأخيرة، بسبب ظروف الحصار المفروض منذ حوالي 13 سنة. وينوه بأن عدد المصانع أو المعامل التي تركز في غزة على صناعة الأدوات الحادة من سكاكين وسيوف وخناجر صغيرة، محدود جداً، ولا ينتج معدات بجودة عالية، الأمر الذي يدفع المواطنين للاتجاه نحو شراء القطع المستوردة التي تتصف غالباً برداءة جودتها، شارحاً أنه يأمل بأن يكون عمله بداية طريق لإعادة الحيوية لتلك الصناعة المهمة، التي يمكن أن تُوفر في حال الاهتمام بها أكثر، مصدر دخل للعشرات.
وتكتسب السيوف والخناجر مكانة مهمة في التراث العربي والإسلامي، إذ إن كثيراً من العرب يحرصون على اقتناء الجميل منها، وتُعتبر باباً للتفاخر بين القبائل والأعيان، ويلجأ أصحاب «المجالس العربية» لاقتناء تلك القطع، لتعليقها داخل مجالسهم التي يؤمها الناس، لما تعطيه من دلالات القوة والشجاعة، ولها علاقة أيضاً بالمعاني المرتبطة بالفروسية والمعارك.
وتبدأ رحلة صناعة السيوف لدى الشاب منذ الصباح الباكر، حيث ينتقل إلى مشغله البسيط الذي يقع على مقربة من بيته، وهناك يبدأ برسم المسودات الأولية للقطع التي سينتجها خلال النهار، وبعدها يختار الحديد المناسب، الذي يستخدم في قصه آلة كهربائية، ثمّ يتجه بعد القص، لبرد القطع وتسنينها بدقة شديدة، لتكون جاهزة للدخول لمرحلة الطلاء النهائية، التي يحرص فيها على اختيار ألوان لامعة جذابة.
ويتابع جلال: «أتعامل خلال شغلي بسلاسة ويُسر مع مختلف الآلات الخاصة بالحدادة، التي تشمل المنشار وماكينة اللحام والمبرد والمقدح وغيرها، ولم أشعر في لحظة أن إصابتي تقف حائلاً دون الاستمرار بالعمل»، مؤكداً أن السوق المحلية في القطاع غير مهيأة لاستقبال كميات كبيرة من مثيلات منتجاته، وذلك بسبب ارتفاع سعرها قليلاً إذا ما قورنت بالمستوردة.
ويصنع جلال القطع بنوعين، الأول وهو الحاد الذي يستخدم في عمليات «ذبح المواشي» وقطع اللحوم والأحبال والخضراوات وغيرها، والثاني وهو الخاص بالزينة والمعارض، حيث إنه يأخذ منه وقتاً أطول خلال عملية التصنيع، ويلفت إلى أنه يواجه عدّة صعوبات في عمله، منها انقطاع التيار الكهربائي لمدّة تزيد على 12 ساعة يومياً، وكذلك عدم توافر المواد الخام في غزة بسبب الحصار الإسرائيلي.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.