السفير البريطاني يعود إلى إيران بعد أزمة احتجازه الشهر الماضي

وزير خارجية الاتحاد الأوروبي يُطلع واشنطن على نتائج زيارته إلى طهران

السفير البريطاني يعود إلى إيران بعد أزمة احتجازه الشهر الماضي
TT

السفير البريطاني يعود إلى إيران بعد أزمة احتجازه الشهر الماضي

السفير البريطاني يعود إلى إيران بعد أزمة احتجازه الشهر الماضي

أعلن السفير البريطاني لدى إيران في منشور على الإنترنت، عودته إلى طهران بعدما غادرها الشهر الماضي إثر احتجازه من قبل قوات الأمن الإيرانية لفترة وجيزة، ما أثار تكهنات بأنه قد لا يعود إلى طهران. وقال السفير روب ماكير، باللغة الفارسية في فيديو على موقع «إنستغرام»: «عدت مؤخراً من لندن إلى طهران. فقد كانت زيارة مهمة خُطط لها من قبل». وأشار إلى أنه اجتمع مع وزير الخارجية البريطاني وغيره من كبار المسؤولين خلال زيارته.
واحتجز ماكير لفترة وجيزة في الشهر الماضي، فيما قال مسؤولون إيرانيون إن ذلك كان بسبب مشاركته في احتجاج غير قانوني ضمن موجة غضب شعبي أعقبت اعتراف إيران بأن جيشها أسقط طائرة أوكرانية، ما أودى بحياة جميع من كانوا على متنها، وعددهم 176 شخصاً. وقال السفير إنه كان يحضر وقفة تضامنية مع ضحايا حادث تحطم الطائرة، لكن لندن قالت إن احتجازه ينتهك المواثيق الدبلوماسية. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن وزارة الخارجية الإيرانية استدعت ماكير، الذي تولى منصبه في 2018، للاحتجاج على الواقعة، ووصفه القضاء بأنه «عنصر غير مرغوب فيه».
وقال رجل دين إيراني كبير حينئذ إن طرد السفير كان أفضل الخيارات نظراً لأن أنصار قائد عسكري إيراني (قاسم سليماني) قُتل في ضربة جوية أميركية بطائرة مسيرة في الشهر الماضي كان من الممكن أن «يمزقوه إرباً». وتصاعد التوتر في الشرق الأوسط الشهر الماضي بعدما قتلت الولايات المتحدة سليماني قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني في ضربة جوية بطائرة مسيرة في العراق، ما دفع طهران للرد بهجوم صاروخي على قواعد أميركية هناك. وقالت إيران إن أحد صواريخها أصاب الطائرة الأوكرانية عن طريق الخطأ.
وقال ماكير، في الفيديو، إن بريطانيا تريد استخدام آلية تسوية المنازعات في الاتفاق النووي متعدد الأطراف مع إيران لإيجاد مسار للمضي قدماً، مضيفاً أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يؤثر على التزامها تجاه الاتفاق.
في غضون ذلك، أطلع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، المسؤولين الأميركيين أمس على نتائج الرحلة التي قام بها إلى إيران بهدف تخفيف حدة التوتر في المنطقة. وفي زيارة هي الأولى إلى واشنطن منذ توليه منصبه في ديسمبر (كانون الأول)، التقى بوريل وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو. وقال بعد اللقاء إنهما ناقشا «كثيراً من الأمور». ورداً على سؤال من الصحافيين، وهو يغادر، عما إذا كان بحث مع بومبيو قضايا إيران والشرق الأوسط، أجاب بوريل: «بحثنا كل شيء». وكان بوريل قد توجه في وقت سابق إلى طهران حيث التقى الرئيس حسن روحاني، وعبّر عن أمله في تخفيف التوتر والإبقاء على اتفاق عام 2015 حول برنامج إيران النووي.
على صعيد آخر، نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية أمس (الجمعة) عن أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوفضائية في «الحرس الثوري» الإيراني، قوله إن بلاده ستكشف قريباً عن معلومات جديدة بشأن هجومها الصاروخي على القاعدة الأميركية في العراق الشهر الماضي.
وعرض التلفزيون الإيراني الرسمي، مساء أول من أمس، صوراً ومقاطع فيديو تظهر ما قال إنه حطام طائرة «الدرون» الأميركية التي أسقطتها القوات الإيرانية في يونيو (حزيران) 2019. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية على لسان قائد القوة الجوفضائية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، العميد أمير علي حاجي زادة، إعلانه «التوصل إلى جميع تفاصيل الطائرة الأميركية المسيرة MQ - 4»، مؤكداً: «قادرون على إبطال مفعول هذه الطائرة على بعد آلاف الكيلومترات».
وأضاف حاجي زاده في حديثه للتلفزيون الإيراني: «قطع جديدة من حطام الطائرة MQ - 4 المسيرة تم انتشالها مؤخراً من قبل القوة البحرية لـ(الحرس الثوري) من أعماق مياه جنوب إيران»، مضيفاً: «هذه الطائرة المسيرة تعتبر أكبر طائرة للتجسس من دون طيار، وتمتاز بخصائص فريدة، ونظراً لقدرتها على التحليق على ارتفاع عالٍ جداً، فإنها قادرة على التحليق دون قيود ودون أن تؤثر على مسارات الطيران، فمثلاً يمكنها أن تقلع من أميركا وتهبط في الخليج الفارسي». وتابع قائلاً: «بما أن هذه الطائرة المسيرة كبيرة جداً، فقد تم نصب مختلف أنواع معدات التجسس فيها، وتحتوي على مجموعة من المجسات والكاميرات ورادار وأجهزة استشعار ومعدات إلكترونية لجمع المعلومات، وكذلك لديها سوبر كومبيوتر يقوم بتحليل جميع هذه المعطيات لحظة بلحظة، ويحولها إلى معطيات. هذه الطائرة غالية الثمن، لكن من الآن فصاعداً ينبغي أن نشطب عليها بالأحمر، ولم تعد ذات فاعلية بالنسبة لإيران، لأننا توصلنا إلى جميع تردداتها ورموزها، ونحن قادرون على إبطال فاعليتها من طهران إلى مسافة عدة آلاف من الكيلومترات».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».