مشروع قرار «يأسف» لخطة ترمب ينهي مهمة سفير تونس في الأمم المتحدة

TT

مشروع قرار «يأسف» لخطة ترمب ينهي مهمة سفير تونس في الأمم المتحدة

أنهت تونس، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، بصورة مفاجئة ودائمة، مهمة مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، منصف بعتي، بعد إعداد مشروع قرار تونسي - إندونيسي «يأسف بشدة» لأن خطة السلام الأميركية بين الفلسطينيين والإسرائيليين «تنتهك القانون الدولي». وجاءت إقالته، بالتزامن مع تحميل جاريد كوشنر، المستشار الخاص للرئيس دونالد ترمب وصهره، التبعات للرئيس الفلسطيني محمود عباس عن تصاعد أعمال العنف أخيراً بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، إثر إعلان «صفقة القرن» قبل نحو 10 أيام.
وبيّنت وزارة الخارجية التونسية، في بيان نشرته الجمعة على صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، أن قرار إعفاء المندوب الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة يعود لـ«اعتبارات مهنية بحتة تتعلق بضعف الأداء وغياب التنسيق والتفاعل مع الوزارة في مسائل هامة مطروحة للبحث في المنتظم الأممي». وأشار البيان، الذي أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن «عضوية تونس غير الدائمة بمجلس الأمن تقتضي التشاور الدائم والتنسيق المسبق مع الوزارة، بما ينسجم مع مواقف تونس المبدئية ويحفظ مصالحها». وتشغل تونس منذ بداية يناير (كانون الثاني)، ولعامين، مقعداً في مجلس الأمن، وتمثل البلدان العربية.
ويعرف عن الرئيس التونسي قيس سعيّد دعمه المطلق للقضية الفلسطينية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة تأكيدها وضع حد لمهام بعتي، على خلفية موقفه من مشروع قرار فلسطيني يدين خطة السلام الأميركية التي أعلن عنها أخيراً. وقال أحد المصادر إن بعتي ذهب أبعد مما أرادت السلطات التونسية في ملف الشرق الأوسط، وقدّم دعماً كبيراً للفلسطينيين يهدد بإفساد العلاقة بين تونس والولايات المتحدة.
ولم يشارك بعتي الخميس في الاجتماع الذي نظمته الولايات المتحدة بين عرّاب خطتها للسلام جاريد كوشنر ومجلس الأمن.
ومن المقرر أن يصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الاثنين إلى نيويورك استعداداً لمخاطبة الأعضاء الـ15 لمجلس الأمن، ولحضّهم على إصدار قرار جديد «يأسف بشدة» لما تتضمنه خطة السلام الأميركية، ويطالب بالتزام القوانين الدولية المرعية، وبالتزام قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة ومرجعيات عملية السلام في الشرق الأوسط. ويتوقع أن يعقد عباس مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت في اليوم التالي، على أن يغادر الولايات المتحدة يوم الأربعاء. وعلى إثر شروع كل من تونس وإندونيسيا في إعداد نص غير رسمي يتضمن تلويحاً باستخدام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإلزام إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، أعلنت الولايات المتحدة عن رغبتها في إيفاد كبير مهندسي «صفقة القرن» جاريد كوشنر للتحدث مع بقية أعضاء مجلس الأمن.
وعوض عقد جلسة مغلقة رسمية في قاعة المشاورات التابعة لمجلس الأمن، كما أشيع سابقاً، استضافت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، أعضاء المجلس على غداء غير رسمي في مقرها، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «حواراً بناء للغاية» تخلل الجلسة.
وأفاد دبلوماسيون آخرون أن «اللقاء كان مثيراً للاهتمام». ونقل أحدهم عن كوشنر أن «هناك جهداً كبيراً بذلناه لإقناع الجانب الإسرائيلي بخطة السلام هذه. ونحن نريد أن نتشاور مع الجانب الفلسطيني لنأخذ في الاعتبار ما يريده»، مضيفاً أن «الخطة الموزعة لا سابق لها، لأنها تتضمن كثيراً من تفاصيل الحل، بالإضافة إلى خرائط تحدد الأراضي الواقعة داخل إسرائيل، وما يمكن أن تكون عليه حدود دولة فلسطين مستقبلاً».
واستمر الاجتماع ساعة ونصف الساعة مع الأعضاء الـ15. بينها 10 دقائق مع مندوبي الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، وهم بالإضافة إلى الأميركية كيلي كرافت، كل من البريطانية كارين بيرس، والفرنسي نيكولا دو ريفير، والروسي فاسيلي نيبينزيا، والصيني تشانغ جيون.
وبعد الغداء، الذي تضمن شرائح سمك «البرانزينو» المتوسطي وسلطة الخضار وشطائر حلوى بالفاكهة، قال كوشنر، الذي أمضى نحو 3 سنوات يعمل مع فريق موسع على إعداد خطة السلام، إن الزعماء المستعدين لدولة «لا يدعون لأيام غضب ولا يشجعون ناسهم على مواصلة العنف، إذا لم يحصلوا على ما يريدون»، معبراً عن اعتقاده أن عباس «فوجئ بمدى جودة خطة (السلام) للشعب الفلسطيني، لكنه وضع نفسه في موقف» برفضها قبل أن تعلن. ولفت إلى أن الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى منتديات مختلفة، ويطرح «نقاط نقاش قديمة» عندما يتغير الوضع على الأرض، محذراً من أن الخطة «يمكن أن تكون الفرصة الأخيرة» بالنسبة إلى الفلسطينيين.
وتتصور الخطة الأميركية، التي كشف عنها الرئيس ترمب في 28 يناير، قيام دولة فلسطينية مفككة، تقوم بتسليم أجزاء رئيسية من الضفة الغربية إلى إسرائيل، وتقف إلى جانب إسرائيل في القضايا الخلافية الرئيسية، بما في ذلك الحدود ووضع القدس والمستوطنات. ويريد الفلسطينيون كل الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهي المناطق التي احتلتها إسرائيل في حرب يونيو (حزيران) 1967، لإقامة دولة مستقلة وإزالة أكثر من 700 ألف مستوطن إسرائيلي من هذه المناطق. ولكن بموجب «رؤية السلام» التي يشرف عليها كوشنر، سيبقى جميع المستوطنين الإسرائيليين في مكانهم، وستحتفظ إسرائيل بالسيادة على جميع مستوطناتها، وكذلك على وادي الأردن الاستراتيجي، على أن تكون الدولة الفلسطينية المنشودة منزوعة السلاح. بالإضافة إلى ذلك، تتكون القدس الشرقية التي ستعطى للفلسطينيين عاصمةً من أحياء فقيرة مزدحمة، تقع خلف حاجز عازل خرساني ضخم.
وقال كوشنر إنه وفريقه سيعلنون قريباً إنشاء لجنة أميركية - إسرائيلية لتحويل ورقة المفاهيم إلى خريطة مفصلة للأرض المتجاورة، التي ستكون جزءاً من الدولة الفلسطينية الموعودة. وقال كوشنر إن الأمر قد يستغرق «بضعة أشهر» لكي تضع الفرق الفنية خريطة، وخلال ذلك الوقت يخطط هو وفريقه للتشاور مع الحكومات الأوروبية والشرق الأوسطية لتوضيح الخطة بشكل أكبر. واعتبر أن هناك «كثيراً من الشقوق» في الوحدة الأوروبية بشأن اقتراح الولايات المتحدة. وقال: «لم يكن الاتحاد الأوروبي قادراً على الحصول على إجماع حول هذا الأمر، ما يدل على أن هناك كثيراً من الناس (...) المهتمين بالعمل على نهج جديد، وهو أمر جيد».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.