{صفقة القرن}... عنصر دفع جديد للدور الروسي

{صفقة القرن}... عنصر دفع جديد للدور الروسي
TT

{صفقة القرن}... عنصر دفع جديد للدور الروسي

{صفقة القرن}... عنصر دفع جديد للدور الروسي

> فيما يخص الخطة الأميركية المقترحة للسلام في الشرق الأوسط، بدا ملاحظاً تحاشي موسكو التسرّع في إعلان موقف قاطع. وعلقت مصادر أن موسكو تنتظر أولاً اتضاح مواقف الأطراف العربية، بعد اجتماع المجلس الوزاري. وتنتظر ثانياً اتضاح طبيعة المواقف الأوروبية على خلفية بروز تباينات في التعامل مع الرؤية الأميركية المقدّمة بين الموقف الفرنسي - مثلاً - الذي شدد على مبدأ حل الدولتين والتزام القرارات الدولية... ومواقف بلدان أخرى رأت في الاقتراحات الأميركية جوانب إيجابية مهمة يمكن البناء عليها.
الكرملين تعمّد المحافظة على غموض الموقف الروسي خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي أراد منها في حال عدم حصوله على دعم واضح للخطة من الجانب الروسي... فعلى الأقل التزام موسكو «الحياد» في هذا الملف.
بهذا المعنى، فإن «الصمت» الروسي، الذي كسرته تصريحات محدودة على المستوى الرسمي أشارت فقط إلى أن الخطة الأميركية لم تقُم على أساس القواعد الدولية المُعترف بها، عزّز أوراق نتنياهو مؤقتاً في إطار معركته الداخلية. وقال كثيرون إنه عاد من موسكو منتصراً، وبالأخص، كونه اصطحب المعتقلة الإسرائيلية السابقة في قضية مخدّرات التي أصدر الرئيس فلاديمير بوتين عفواً عنها.
بيد أن التريّث الروسي في إعلان موقف حيال «خطة ترمب» له أسباب أخرى أيضاً. وعن هذه الأسباب، عبر بعض أبرز الخبراء السياسيين، مثل فيودور لوكيانوف الرئيس المناوب لنادي فاداي للحوار الاستراتيجي، فهو أشار إلى أن الخطة الأميركية «غير قابلة للتطبيق أصلاً»، وزاد أن «لا أحد يأخذ على محمل الجد صفقة القرن وسيلة لحل قضية الشرق الأوسط».

المبادرة «غير جدية
تعكس عبارات لوكيانوف جانباً مهماً من خفايا الموقف الروسي، باعتبار أن الخطة الأميركية «ليست مبادرة جدية»، لأنها لا تأخذ في الاعتبار مصالح كل الأطراف، و«هذا الصراع مزمن للغاية ومهمل ومسدود الأفق. ولا أحد من الأطراف على استعداد لاتخاذ قرارات جادة وتثبيت وضع جديد».
يُعدُّ هذا واحداً من أسباب عزوف موسكو عن أخذ زمام المبادرة في قضية «لن تفيد موسكو، ولن تكون روسيا قادرة على تحقيق تقدم ملموس فيها». وهذا المدخل يوافق عليه أيضاً فيتالي نعومكين، رئيس معهد الاستشراق في موسكو، من خلال الإشارة إلى أن الخطة الأميركية «لن يكون بمقدورها الحصول على غطاءٍ قانوني دولي». لكن «غموض الموقف الروسي» فسّر من جهة أخرى بأنه نوع من «الصمت الإيجابي»، لأنه يوفّر لموسكو مجالات أوسع للمناورة... وربما تبني أفكار أو مقترحات في وقت لاحق تعزّز الحضور الروسي في هذا الملف من بوابة العمل على «مناقشة الأفكار الأميركية».
حتى الآن بدا أن موسكو، التي تعتبر سوريا الأولوية لسياستها الإقليمية، لا ترى داعياً للتسرّع في إصدار إحكام أو مواقف يمكن أن تؤثر على توازن المصالح الدقيق الذي بنته مع اللاعبين الأساسيين في هذا الملف، ومنهم إسرائيل.
لذا حملت المواقف الروسية الأولية إشارات عامة لا تصل إلى مستوى تقديم رؤية أو أفكار أو مبادرات. غير أن هذا الوضع قد يتطوّر في وقت لاحق. وتكفي الإشارات المتكررة من دبلوماسيين روس، كان بينهم نائب الوزير ميخائيل بوغدانوف، إلى أهمية أن «ينخرط الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي في حوار مباشر» لدراسة الخطة. وهنا تذكير بأن موسكو لعبت أدواراً في السابق، في محاولة جمع الطرفين على طاولة مفاوضات، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل بسبب انعدام حماسة إسرائيل وتجاهل واشنطن لتلك الدعوات
.
تفكير بحوار جديد
في أي حال، يرى خبراء تحدثت معهم «الشرق الأوسط» أنه سيكون بمقدور موسكو الدعوة في وقت لاحق إلى حوار فلسطيني - إسرائيلي جديد، وأن موقفها في هذه المرة سيكون أقوى، نظراً لأنها «وسيط مقبول من كل الأطراف». وحتى إسرائيل لن تعترض على فتح حوار من هذا النوع بالنظر إلى أن موسكو «لم تعترض علناً على الخطة الأميركية»، ولأن هذه الخطة ستكون هي مادة الحوار.



«أرض الصومال»... إقليم «استراتيجي» يبحث عن هدف صعب

لقطة جوية لمدينة هرجيسا (من منصة أكس)
لقطة جوية لمدينة هرجيسا (من منصة أكس)
TT

«أرض الصومال»... إقليم «استراتيجي» يبحث عن هدف صعب

لقطة جوية لمدينة هرجيسا (من منصة أكس)
لقطة جوية لمدينة هرجيسا (من منصة أكس)

بين ليلة وضحاها، غزا إقليم «أرض الصومال» - «الصومال البريطاني» سابقاً - عناوين الأخبار، ودقّ ذاكرة المتابعين، إثر إعلان توقيعه مذكرة تفاهم تمنح إثيوبيا منفذاً بحرياً، وتُسقِط عليه «اعترافاً» قد يكون له ما بعده، ثم تقارير عن كلام بين فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن منحه اعترافاً مماثلاً.

الإقليم الانفصالي، الذي يملك ساحلاً بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، ويحتل موقعاً استراتيجياً عند نقطة التقاء المحيط الهندي بالبحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي، لا يحظى باعتراف دولي منذ انفصاله عن جمهورية الصومال الفيدرالية عام 1991.

وفيما يلي لمحة عامة عن الإقليم:

- العاصمة: هرجيسا

- الميناء الرئيس: بربرة

- الموقع: يقع شمال جمهورية الصومال، وتحدّه إثيوبيا من الجنوب والغرب، وجيبوتي (الصومال الفرنسي سابقاً) من الشمال الغربي، و‌خليج عدن من الشمال، ومن الشرق ولاية بونتلاند الصومالية.

- المساحة: قرابة 177 كلم مربع.

- عدد السكان: 3.5 مليون، وفق تقديرات لعام 2017، وأخرى حديثة بين 5.7 و6 ملايين نسمة.

- التكوين الفئوي: يضم 3 عشائر أساسية: هي الـ«إسحاق» في المنطقة الوسطى، وتعد الأكبر، وتمتلك معظم السلطة السياسية، والـ«دير» في المنطقة الغربية، والـ«دارود» في المنطقة الشرقية.

- المناطق الإدارية، 6 مناطق: ووكوي جالبيد وتجدير وسول وسناج وأودال والساحل.

- النظام السياسي: جمهوري، لديه رئيس وحكومة، ويملك مجلس نواب (غرفة أولى)، ومجلس شيوخ (غرفة ثانية)، ويضم كل منهما 82 عضواً.

- اللغات: الصومالية والعربية والإنجليزية.

- العملة الوطنية: الشلن.

- تاريخ الاستقلال: كان محمية بريطانية استقلت عام 1960، واندمجت مع الصومال الذي كان يتبع إيطاليا ليكوّنا معاً جمهورية الصومال.

- تاريخ الانفصال: أعلن إقليم «أرض الصومال» الاستقلال عن جمهورية الصومال في 18 مايو (أيار) عام 1991، بعد نحو 3 أشهر من انهيار الحكم المركزي في الصومال، عقب الإطاحة بالرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري.

- أول استفتاء: في أغسطس (آب) 2000، طرحت حكومة الإقليم نسخاً من دستور مقترح ينص على الانفصال النهائي عن الصومال، وتم إجراء استفتاء عليها في 31 مايو 2001، وصوّت لصالحه 97.1 في المائة، وفي عام 2016 احتفلت بمرور 25 سنة على تلك الخطوة.

- مفاوضات بارزة: خاضت سلطتا مقديشو وهرجيسا مباحثات بدأت عام 2012، وتواصلت وكان أحدثها في 2020، وأواخر 2023 دون اتفاق.

- توترات بارزة: مطلع 2024، تم توقيع إثيوبيا وأرض الصومال مذكرة تفاهم تسمح لأديس أبابا غير الساحلية باستئجار 20 كيلومتراً حول ميناء بربرة تتيح لها إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر لمدة 50 سنة لأغراضها البحرية والتجارية، مقابل الاعتراف بأرض الصومال، ورفضت المذكرة مقديشو والجامعة العربية. وفي نهاية أغسطس، أرسلت إثيوبيا مندوباً جديداً بدرجة سفير إلى أرض الصومال، وذلك لأول مرة منذ بدء العلاقات بين أديس أبابا والإقليم. وعقب نحو شهر من توقيع مصر المتوترة علاقاتها مع أديس أبابا، اتفاقاً دفاعياً مع الصومال في أغسطس الماضي، أقدمت سلطات «أرض الصومال» على إغلاق مكتبة الثقافة المصرية، أول مكتبة عامة بالإقليم، والتي بنتها القاهرة منذ عقود، وأمهلت موظفيها 72 ساعة لمغادرة البلاد، وتلتها دعوة سفارة مصر في مقديشو رعاياها بأرض الصومال إلى مغادرة الإقليم، بسبب اضطراب الوضع الأمني.

- الرئيس الجديد: في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، فاز زعيم المعارضة عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو» بالانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم 13 من الشهر نفسه، بنسبة 63 في المائة من الأصوات، متغلباً على سلفه موسى بيحي عبدي الذي شغل منصب الرئيس منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017.