حرب عالمية على فيروس {كورونا} المستجد

تحدٍّ إنساني واقتصادي واجتماعي أمام الصين والمجتمع الدولي

حرب عالمية على فيروس {كورونا} المستجد
TT

حرب عالمية على فيروس {كورونا} المستجد

حرب عالمية على فيروس {كورونا} المستجد

حتى الآن لم يصل فيروس «كورونا» إلى مرحلة تستدعي تصنيفه وباءً عالمياً، ما دام أنه لم يبلغ مرحلة الخروج عن السيطرة. لكن ذلك لا يمنع تحوّله إلى مرضٍ فتّاك يتخطّى حدود الصين ويهدد البشرية بأسرها، ما لم تنجح دول العالم في احتوائه والقضاء عليه في غضون أسابيع قليلة... وهذا، باعتبار أن فرص انتشاره كبيرة، وعدد الوفيات يزداد، والإحصاءات تسجّل إصابات بالآلاف يومياً داخل الصين، مع تفشّي تلك الحالات في دول كثيرة قريبة من الصين وعلى تماس معها.
لا تقف خطورة هذا الداء عند الجانب الصحي فحسب، بل سرعان ما وجّه ضربة قويّة للاقتصاد العالمي، باعتبار أن الصين تشكّل القوة الاقتصادية الثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية، وتحوّلت في السنوات الأخيرة إلى مصنع العالم، يرفد الأسواق بصناعاته المتعددة والمتنوعة. وبالتالي، فإن تطويق هذا الفيروس والقضاء باتت ضرورة عالمية وليست مسؤولية الصين وحدها، التي جنّدت كل طاقتها البشرية والمالية لمكافحة الوباء القاتل.
أمام المخاطر المتعدّدة الناجمة عن سرعة انتشار «فيروس كورونا المستجد» في الصين، دولة المنشأ، فإن جهود احتوائه تتصدّر الاهتمام الدولي، وهي تنقسم إلى شقين: الأول محاولة إنقاذ حياة المصابين أو أغلبهم، وتعزيز فرص الوقاية من الإصابات. والثاني تجنيد الطاقات لاكتشاف العلاجات الكفيلة بمحاربته والقضاء عليه.
حتى اللحظة، ما وجدت منظمة الصحة العالمية ما يبرّر تصنيف الفيروس الذي اكتشف وما زالت بؤرته الرئيسية في مدينة ووهان، بوسط الصين، وباءً يهدّد البشرية. وكانت المنظمة قد أعلنت الثلاثاء الماضي، أن «هذا الفيروس المستجد الذي انتقل من الصين إلى 24 دولة لا يمثل بعد حالة وباء عالمي، لكنه يشكل الآن حالة طوارئ صحية عامة». وكررت سيلفي بريان، رئيسة إدارة مكافحة الجوائح والأمراض الوبائية في منظمة الصحة العالمية، للصحافيين في مدينة جنيف بسويسرا: «حالياً لسنا في حالة وباء عالمي».
في لبنان، يتفق الأطباء المتخصصون في الأمراض الجرثومية والفيروسية مع ما ذهبت إليه المنظمة الدولية، لجهة رفض تعميم «فوبيا» المرض وتحويله كابوساً يقضّ مضاجع الناس، اللهمّ إذا ما اعتمدت الأساليب الناجعة في التعامل مع المصابين. ويعتبر الدكتور بيار بو خليل، رئيس قسم الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، أن خطر «فيروس كورونا المستجد» أقل وطأة من خطر فيروس «سارس» (SARS) الذي انتشر قبل سنوات، كما أنه أقل فتكاً من أمراض جرثومية وفيروسية أخرى عرفها العالم سابقاً.
ويشير إلى أن «نسبة الوفيات الناتجة عنه لا تزال عند حدود 2 في المائة من عدد المصابين، وهذا الرقم ليس متدنياً، لكنه ليس مرتفعاً أكثر من الحدّ المعقول».
هل هذه الأرقام كفيلة بتبديد القلق الذي ينتاب عامة الناس؟ وكيف يتجنّب المرء خطر الإصابة بهذا الفيروس؟
يشرح الدكتور بو خليل بالتفصيل، أين تبدأ الخطورة في هذه الظاهرة سريعة الانتشار، ويؤكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المخيف في هذا المرض، أنه جديد ومعدٍ وينتقل من شخص إلى آخر بالهواء، عدا عن أن انتشاره يزداد بشكل سريع، ولم تحصل سيطرة عليه بعلاجات فعّالة». وهو يعترف في الوقت نفسه بوجود «خوف حقيقي من خروجه عن السيطرة، لا سيما، أن العلاجات الخاصة به غير متوفرة حالياً. لذا فإننا كأطباء ننصح باعتماد سبل الوقاية من الإصابة بالفيروس، كونها الدرع الواقي في ظلّ عدم توفّر العلاجات الكفيلة بالقضاء على المرض». وحسب بو خليل: «حتى الآن لا يوجد علاج لهذا الفيروس، كما أن المضادات الحيوية الخاصة بمعالجة الالتهابات الناجمة عن الإنفلونزا والبكتيريا العادية، لا تتفاعل معها، ولا يمكن خفض حرارة جسم المصاب بهذا الفيروس عبر الأدوية التقليدية المستخدمة الآن. إنما يحاول الجسم الطبي، إسعاف المصابين بواسطة الأكسجين إذا أدت الإصابة إلى نقص في أكسجين الجسم، وإعطاءهم جرعات من دواء (البنادول/ Panadol) فقط، ومحاولة تقوية جهاز المناعة لدى المصاب، ليتولى مهاجمة هذا الفيروس والقضاء عليه».

ضحاياه في الصين
وتسبب الفيروس في وفاة 490 شخصاً في الصين وحدها حتى الآن، كما سجّلت 20438 إصابة. وسجّلت حالة وفاة واحدة في هونغ كونغ، وحالة وفاة أحدة في كل من سنغافورة والفلبين. لكن هذا الرقم مرشّح للارتفاع في ضوء اتساع رقعة الإصابات. وبينما ينصح الأطباء بإيلاء العناية للأشخاص المعرّضين للإصابة بهذا المرض، ينبّه رئيس قسم الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى أن الوباء «أكثر ما يصيب المسنّين، والأشخاص الذين يعانون من أمراض صدرية مثل الربو والحساسية المفرطة، والمصابين بضعف في جهاز المناعة». ويشير الدكتور بو خليل إلى أنه «كلما كانت صحة الإنسان جيدة ومناعته قوية، يصبح الجسم كفيلاً بمواجهته»، معتبراً أن «الخبراء ما زالوا في طور اكتشاف هذا المرض، والبحث عن أدوية للعلاج، وبالتالي، من الصعب التكهّن بتوقيت القضاء على هذا الفيروس».
من ناحية أخرى، رغم أن منظمة الصحة العالمية لم تصنّف «فيروس كورونا المستجد» وباء عالمياً، فإن هذا لا يعني النوم على حرير والاطمئنان إلى أن هذا المرض لن ينتشر في العالم. وهنا يشدد الدكتور بو خليل، على أن «تأخر السيطرة على هذا الفيروس، قد يعني تحوّله وبسرعة إلى وباء عالمي، إذ لا ضمانات بأن هذا الوباء لن يتفشّى بشكل سريع وفتّاك».

التداعيات الاقتصادية
من ناحية أخرى، لا تقتصر التداعيات السلبية للفيروس على الجانب الصحي، بل أصابت العملاق الاقتصادي الصيني بالصميم، وانسحبت آثاره على دول العالم ككل، على حدّ تعبير الخبير الاقتصادي الدكتور جهاد حكيّم. إذ قال حكيّم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاقتصاد الصيني متداخل مع الاقتصاد العالمي بشكل كبير، خصوصاً أن الصين باتت مصنع العالم، عدا عن أن هذا العملاق يشكل 15.5 في المائة من مجمل الاقتصاد العالمي، ولذا تعدّ الصين القوّة الاقتصادية الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة الأميركية».
ويلفت حكيم إلى أن «تقديرات الخبراء تتحدث عن إمكانية انخفاض نمو الاقتصاد الصيني في الفصل الأول من العام الحالي من 6.5 في المائة إلى 5 في المائة، لكنني أتوقع أن يتدنّى إلى حدود 4 في المائة، وربما أكثر من ذلك، ما لم يحاصر هذا الفيروس خلال أيام أو أسابيع قليلة». ويشدّد الخبير الاقتصادي اللبناني على أن «النقطة السلبية في الأمر أن تأثيرات هذا الفيروس على السوق الصينية، تأتي في وقت ما كادت الصين تخرج فيه من حربها الاقتصادية مع أميركا»، لافتاً إلى أن «تراجع النمو مرتبط بتدني أسهم الشركات وتقلبات الأسعار في السوق الصينية، بسبب تراجع العرض والطلب».
جدير بالذكر، أن صادرات الصين بلغت في عام 2019، حدود 2.5 تريليون دولار أميركي، وكان متوقعاً أن تسجل ارتفاعاً أكبر، خصوصاً بعد الاتفاق الذي أمكن التوصل إليه مع الولايات المتحدة، كما وصل فائضها التجاري إلى 1.14 تريليون دولار للعام الماضي، لكنّ هذه النسبة ستشهد تراجعاً ملحوظاً نتيجة الفيروس الفتّاك.
ويشرح الدكتور حكيم أن «انخفاض النموّ يقلق الصين إلى حدّ كبير، لأن سياستها تسعى للحفاظ على نمو لا يقلّ عن 6.5 في المائة، في سبيل لتحقيق انتصار في محاربة الفقر في البلاد». إلا أنه في المقابل، لم يبدِ تخوفاً من «انحدار الأمور نحو الأسوأ، ما دام أن تطويق هذا الفيروس بات قضية تعني العالم ككل».
وبرأي حكيم، فإن «محاصرة هذا المرض خلال فترة زمنية قصيرة، قد يساعد في استعادة الاقتصاد الصيني عافيته بشكل سريع». ويضيف أنه عندما ضرب فيروس «سارس» (SARS) بلداناً عدّة بين عامي 2002 و2003، من بينها الصين، وأدى إلى وفاة نحو 800 شخص، خسر الاقتصاد العالمي 33 مليار دولار، أما الآن، فأعتقد أن الخسائر المالية ستكون أكبر، لأن حجم الاقتصاد الصيني والعالمي في عام 2020 نما كثيراً مع عام 2002، وبالتالي قد تكون الخسارة مضاعفة.

انعكاسات محلية وعربية
من جانب آخر، مني القطاع التجاري في دول الشرق الأوسط، بخسائر كبيرة أيضاً، جراء «فيروس كورونا المستجد»، بدءاً من إحجام التجار عن السفر إلى الصين، ووضع أي بضاعة آتية منها تحت الرقابة الدقيقة، وكذلك إجراء مسح شامل وعلميات فحص دقيقة لحمولة السفن المبحرة من الصين، لكون التجّار يقدمون سلامة صحتهم على الأرباح المالية.
محمد فارس، وهو تاجر كبير لبناني، وأحد مستوردي المعدات الصناعية من الصين، قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه، إن «الشركات الصينية التي تصنّع معداته، بعيدة مسافة تزيد على 4 ساعات ونصف الساعة بالطائرة عن ووهان»، لكنه يعترف بأنه «لن يغامر بالذهاب إلى الصين، رغم حاجته إلى سفر وشيك بسبب نفاد البضاعة التي لديه».
ويشير فارس وهو وكيل معدات ومحركات تستخدم لعشرات الآليات الصناعية إلى أن «الشركات التي تصنّع بضاعته لا تزال تعمل بشكل طبيعي، ولم تتأثر بموجة الفيروس، إلا أنها كانت متوقفة عن العمل بسبب عطلة رأس السنة الصينية، الممتدة بين 20 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 فبراير (شباط)، والمفترض أن تستأنف عملها بعد انتهاء العطلة، مع توقعات بمحاصرة الفيروس خلال وقت قريب، في ظلّ القدرات المالية والطبية التي رصدت له من قبل الصين ودول العالم».
ووفق كلام فارس، الذي يستورد جزءاً من هذه المعدات إلى لبنان، وجزءاً آخر إلى بلدان آسيوية، «ربما تكون السوق اللبنانية الأقل تأثراً بالأزمة الصينية، لأنها لا تعادل شيئاً أمام السوق الأميركية، خصوصاً بعد الاتفاق الجمركي بين البلدين، والسوق الروسية الضخمة جداً، والسوق الأسترالية». ثم تابع: «الأسواق الخليجية قد تكون الأكثر تأثراً في المنطقة، بالنظر لدور الشركات الصينية الضخمة، التي تشارك بشكل فاعل في المعارض الموجودة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة و(إكسبو دبي) وغيرها».
وتتعدد القطاعات التي راكم الفيروس خسائرها، لا سيما تجّار الألبسة الذين يعانون صعوبة الاستيراد في هذه المرحلة، ويكشف أحد أعضاء لجنة تجّار سوق مار الياس في بيروت لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأزمة ألحقت به وبغيره من التجار أضراراً طائلة». وتحدث عن «عجز التجّار عن الوفاء في التزاماتهم، خصوصاً لدى تجّار الجملة، ومستوردي البضائع التي يجري تسويقها أحد المعارض الضخمة في مدينة إزمير التركية، وكان يفترض تسلّم البضاعة في موعد أقصاه نهاية شهر شباط (فبراير) الحالي». وأوضح التاجر الذي رفض ذكر اسمه، أن «الشركات الصينية التي أبرمت العقد معه ومع غيره، متوقفة الآن عن العمل ولن تتمكن من استئناف عملها قبل القضاء على الفيروس. وبالتالي، لن تسلمنا بالموعد المحدد البضاعة المتفق عليها، لأن عملية التصنيع متوقفة، عدا عن أن أغلب مصممي الأزياء العالميين غادروا الصين، وقد لا يعودون إلا بعد مرور أشهر على مكافحة المرض»، لافتاً إلى أنه مع غيره من التجّار «سيتجهون إلى أسواق بديلة ومؤقتة؛ ومنها تايوان وكوريا وإندونيسيا وتركيا، وإن بكلفة أعلى وربح أقلّ».
وأظهرت الإحصاءات أن الدول القريبة من الصين، هي الأكثر تأثراً بالفيروس، والأكثر قابلية للتفشي فيها؛ وهي تايلاند (25 إصابة)، واليابان (20)، وسنغافورة (18، بينهم حالة وفاة)، وكوريا الجنوبية (16). وخارج آسيا، كانت بين الدول الأكثر تأثراً ألمانيا التي سجّلت (12 إصابة) والولايات المتحدة (11 إصابة).

دول الشرق الأوسط قلقة... ولبنان الأقل مناعة
> يجتاح الخوف والقلق بلدان الشرق الأوسط، لا سيما الدول العربية، من وصول هذا الفيروس إليهم. هذا الخوف بات مضاعفاً لدى اللبنانيين، وتحديداً في هذه المرحلة الصعبة، إذ تعاني المؤسسات الصحية من صعوبات كبيرة في استيراد الأدوية والعلاجات الضرورية للأمراض العادية، بسبب الأزمات المالية التي تعانيها البلاد، وعجز التجار والوكلاء عن سحب الدولار من المصارف، أو تحويله إلى الخارج لشراء الضروريات. وما يزيد من حالة الخوف، هو أن المستشفيات اللبنانية، غير مجهّزة للتعامل مع خطر هذا الفيروس في حال اكتشاف أي حالة من هذا النوع.
مع هذا، طمأنت مصادر طبية، بأن «الفيروس لا يزال - عملياً - محصوراً في الصين، وإن اكتشفت حالات محدودة جداً في دول على احتكاك دائم بالصين». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إذا وصل هذا المرض لا سمح الله إلى دول الخليج، عندها سيرتفع منسوب الخطر على لبنان، لأن بلدنا الموجود على تماس مباشر ودائم مع الخليج العربي، هو الأقل مناعة للتصدي، وهناك مئات آلاف اللبنانيين الذين يعملون في هذه الدول ويترددون إلى البلد».
وتتخذ السلطات اللبنانية أسوة بكل دول العالم، إجراءات وقائية مشددة، سواء في مطار رفيق الحريري الدولي، أو في المعابر البحرية والبرية، لرصد أي إصابة قادمة من الخارج، واطلع وزير الصحة العامة اللبناني الدكتور حمد حسن، مركز الحجر الصحي في المطار، وعاين الإجراءات الوقائية المتخذة لمنع انتقال الفيروس. وأكد حسن أن «الإجراءات الوقائية تهدف للحؤول دون عبور أي حالة مصابة بالفيروس وتركها من دون علاج». وتحدث عن «مرحلة لوجيستية وقائية تمنع وصول أي شخص مشتبه بإصابته بالفيروس إلى لبنان، واعتماد إجراءات الحظر المتخذة في الشرق الأقصى»، لافتاً إلى «عدم وجود خط مباشر بين الشرق الأقصى ولبنان، بل هناك ترانزيت في بلد ثانٍ، حيث يفترض أن يحصل الكشف المبكر لأي حالة قبل وصولها إلى لبنان». وأوضح وزير الصحة اللبناني أن «هناك استمارة عممتها رئاسة المطار والمديرية العامة للطيران المدني، وتتم تعبئتها على متن الطائرة لتجميع المعلومات الدقيقة عن الوافدين، علماً بأن الفريق الطبي جاهز لمواكبة وصولهم».

ووهان... من واحة سياحية إلى مدينة أشباح
> لم يسبق لمدينة ووهان، عاصمة إقليم هوباي بوسط الصين، أن استقطبت الاهتمام العالمي قبل انطلاق «فيروس كورونا المستجد»، وتفشّيه فيها بشكل سريع، ومن ثم خروجه إلى العالم كلّه. لقد قلب الفيروس حياة هذه المنطقة رأساً على عقب، وأجبر الملايين من سكانها على التزام منازلهم في محاولة لمنع انتشاره.
مدينة ووهان، التي تشكلت من 3 مدن هي هانكو وهانيانغ وووتشانغ (حمل اسمها الأحرف الأولى في أسمائها)، إحدى كبريات مدن الصين، إذ يقدر تعداد سكانها بنحو 11 مليون نسمة. وهي تقع عند مصب نهر الهان في نهر اليانغتسي، أكبر أنهار الصين.
وتعد هذه المدينة العامرة مركزاً ثقافياً وتعليمياً واقتصادياً ضخماً، وفيها جامعات كبرى أشهرها جامعة ووهان تستقطب الطلاب الأجانب. إلا أن هذه المدينة تحولت اليوم بفعل الفيروس الذي تذكر تقارير أنه انطلق من إحدى أسواقها إلى منطقة منبوذة وموضوعة في الحجر الصحي. لقد جعلها الفيروس الذي شل حركتها وأفرغ شوارعها الرئيسية وطرقها الفرعية التي تفصل بين مبانيها الشاهقة، «مدينة أشباح» حقيقية شبه خالية من المارّة.
وترجّح الدراسات غير النهائية أن الفيروس الجديد ظهر للمرة الأولى خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في إحدى أسواق ووهان حيث تباع حيوانات برية. وانتشر خلال عطلة رأس السنة القمرية الصينية، التي يسافر خلالها ملايين الصينيين داخل البلاد وخارجها. لكن هذا المرض حرم أهالي ووهان، وكثيراً من مناطق الصين، من متعة العيد لهذا العام، إذ نصحت سلطات ووهان سكان المدينة بالتزام بيوتهم للحد من انتشار الفيروس، غير أن السكان ابتكروا طريقة بسيطة لتشجيع بعضهم ورفع معنوياتهم، وأظهرت أشرطة مصوّرة نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، الناس وهم يهتفون «ووهان جيايو» من شبابيك شققهم، وهو هتاف يعني «حافظي على قوتك يا ووهان».



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.