تبرئة ترمب... بين الاحتفالات الجمهورية والتوعد الديمقراطي

دعوات لطرد رومني من الحزب الجمهوري

ترمب يلقي خطاب «انتصاره على العزل» إلى جانب ميلانيا في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
ترمب يلقي خطاب «انتصاره على العزل» إلى جانب ميلانيا في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
TT

تبرئة ترمب... بين الاحتفالات الجمهورية والتوعد الديمقراطي

ترمب يلقي خطاب «انتصاره على العزل» إلى جانب ميلانيا في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
ترمب يلقي خطاب «انتصاره على العزل» إلى جانب ميلانيا في البيت الأبيض أمس (أ.ب)

«تبرئة ترمب»، عنوان استيقظ عليه الأميركيون، فاحتفل الجمهوريون بما وصفوه بانتصار الرئيس الأميركي على إجراءات العزل. وانتقدوا من صوت لصالح خلعه، ملوّحين بخسارة فادحة لهؤلاء في صناديق الاقتراع.
وقال السيناتور الجمهوري مايك لي: «هنيئاً لك، حضرة الرئيس، أنا متشوّق لرؤيتك في منصبك في السنوات الخمس المقبلة. مَن صوت لصالح خلعك مخطئ. مخطئ للغاية».
وتباهى ترمب بتبرئته في أول حدثين علنيَيْن يعقدهما منذ التصويت؛ فرفع الصحف التي تتحدث في عناوينها الرئيسية عن تبرئته للحضور في مراسم «إفطار يوم الصلاة الوطني»، وانتقد مَن وصفهم بأعدائه الذين فعلوا كل ما بوسعهم لتدميره، بحسب قوله. وتابع ترمب: «كما يعلم الجميع، فإن عائلتي وبلدنا الرائع ورئيسكم عانوا كثيراً بسبب بعض الأشخاص الكاذبين والفاسدين».
وفي كلمة طويلة ألقاها في البيت الأبيض لـ«الاحتفال» بانتصاره على الديمقراطيين، قال ترمب إن قرار مجلس الشيوخ بإسقاط قضية العزل «انتصار كبير لنا». واعتبر أن عملية عزله «كانت شريرة، وفاسدة، وشارك فيها رجال شرطة قذرون ومسربو معلومات وكذابون، يجب ألا يحدث ذلك أبداً لرئيس آخر على الإطلاق».
وكان محامو دفاع ترمب ومسؤولو البيت الأبيض من بين المحتشدين في البيت الأبيض، وقاطعوا خطابه عدة مرات بتصفيق حار. وقال: «مررنا بأوقات عصيبة»، مضيفاً أنه لم يرتكب «أي مخالفة».
وتابع: «مثلما يعلم الجميع، فقد تم وضع أسرتي، وبلدي العظيمة، ورئيسكم، في محنة رهيبة من جانب بعض الأشخاص الفاسدين وغير الشرفاء تماماً». وقال إنني «لا أحب الناس الذين يستخدمون ولاءهم مبرراً للقيام بما يعرفون أنه خطأ»، في إشارة واضحة إلى السيناتور الجمهوري عن ولاية يوتا، ميت رومني، الذي صوّت بإدانة ترمب في مادة الاتهام الأولى. وأضاف أنه «لا يحب أيضاً الناس التي تقول: (إنني أصلي من أجلكم)، عندما تعرفون أن الأمر ليس كذلك»، في هجوم واضح على رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي عن ولاية كاليفورنيا.
أما الديمقراطيون، فكان لهم موقف مغاير، وبدأوا بالتخطيط للمرحلة المقبلة، ملوحين بعدم الاستسلام، واستكمال التحقيق في ممارسات ترمب. وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، آدم شيف، إنهم حاولوا الحصول على مذكرة موقّعة من مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون يسرد فيها الأحداث المحيطة بأوكرانيا، لكن بولتون رفض. وتابع شيف في مقابلة مع شبكة «إم إس إن بي سي»: «عليّ أن أقول لكم إنه، وبعد أن رفض مجلس الشيوخ الاستماع إلى شهود، تحدثنا مع محامي جون بولتون، وسألناه ما إذا كان بولتون مستعداً لتقديم مذكرة تحت القسم تصف ما شهده من تصرفات غير مناسبة للرئيس فيما يتعلق بأوكرانيا، لكنّه رفض».
ولوّح شيف بأن رفض بولتون قد يعني أن التسريبات الأخيرة كانت تهدف لتسويق كتابه المعنون: «الغرفة... حيث حصل كل شيء»، المتوقّع صدوره في منصف شهر مارس (آذار) .
وعلى ما يبدو، فإن الديمقراطيين لم يضعوا حتى الساعة استراتيجية معينة للمضي قدماً. وقال شيف: «لم نتخذ أي قرار حول الخطوات المقبلة، سوف نتحدث مع أعضاء الحزب ومع القيادات ونقرر». وتابع أنه لم يتخذ قراراً باستدعاء بولتون بعدُ، على خلاف ما قاله رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب، جارولد نادلر.
وقد أعلنت قيادات الحزب، كرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، أن الجهود للتحقيق بترمب ستستمر، سواء في الملف الأوكراني أو في ملف نفقاته المالية وضرائبه. وقالت بيلوسي في بيان إن «مجلس النواب سيستمر في تطبيق الدستور والحفاظ على جمهوريتنا، سواء من خلال المحاكم الفيدرالية، أو من خلال محكمة الرأي العام».
وتقصد بيلوسي بهذا الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، حيث يأمل الديمقراطيون في أن تؤدي إجراءات العزل إلى خسارة ترمب والجمهوريين في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، في حين يعول الجمهوريون على أن تكون هذا الإجراءات قد عززت من موقف الرئيس والحزب في الانتخابات.
وقد أعرب بعض الديمقراطيين عن تخوفهم من أن تؤدي تبرئة ترمب إلى تشجيع بلدان أجنبية على محاولة التدخل في الانتخابات المقبلة، على غرار ما جرى في الانتخابات الماضية. وقال النائب الديمقراطي جايسون كرو، وهو عضو في فريق الادعاء بمحاكمة ترمب: «إن انتهاء المحاكمة لا يعني أننا لن نرد على الانتهاكات والتهديدات الخارجية أو الداخلية».
لكن الديمقراطيين يتخوفون كذلك من تعب الناخب الأميركي من موضوع العزل، وتأثير هذا سلباً عليهم، خصوصاً في الولايات المتأرجحة التي تميل لصالح الجمهوريين، حيث عانى أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب كثيراً قبل أن يقرروا أنهم سيصوتون لصالح عزل الرئيس، الأمر الذي قد يعني خساراتهم لمقاعدهم. هذا ولا يزال كابوس ولاية أيوا يلاحق الحزب الديمقراطي، وتأمل القيادات الديمقراطية في أن تكون الانتخابات التمهيدية التي ستشهدها ولاية نيوهامشير في الحادي عشر من فبراير (شباط) أفضل من البداية المزعزعة في أيوا.
وتظهر آخر استطلاعات للرأي أن نحو نصف الأميركيين يريدون أن يكون تأثير الديمقراطيين في «الكونغرس» على مسار البلاد أكبر من تأثير الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ويظهر الاستطلاع الذي أجراه «معهد غالوب للأبحاث» أن 49 في المائة من الناخبين يحبذون أن يسيطر الديمقراطيون على توجه البلاد، فيما يدعم 43 في المائة من الناخبين نفوذاً أكبر للرئيس في هذا الإطار.
يأتي هذا الاستطلاع بعد أرقام صدرت أول هذا الأسبوع تعطي لترمب أعلى نسبة تأييد من الناخبين طوال فترة حكمه، ووصلت شعبيته إلى 49 في المائة، بحسب الاستطلاع. وعلى الرغم من تأرجح الأرقام بين استطلاع وآخر، فإن القاسم المشترك بينها كلها هو الانقسام الكبير بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ففي حين أن 89 في المائة من الجمهوريين قالوا إن الرئيس الأميركي يجب أن يكون لديه تأثير أكبر على البلاد، اعتبر 89 في المائة من الديمقراطيين أن الحزب الديمقراطي في «الكونغرس» يجب أن يكون له تأثير أكبر.
وكان مجلس الشيوخ اختتم محاكمة ترمب التاريخية يوم الأربعاء، وصوت ضد إدانة الرئيس الأميركي بتهمتي عرقلة عمل الكونغرس واستغلال منصبه. وصوت كل الجمهوريين ضد إدانة ترمب، باستثناء السيناتور الجمهوري ميت رومني الذي صوت لصالح إدانة الرئيس بتهمة استغلاله لمنصبه. وقال رومني في خطاب مؤثر بمجلس الشيوخ إن «السؤال المهم الذي يطرحه الدستور هو ما إذا كان الرئيس ارتكب خطأ يصل إلى مستوى الجرائم العليا والجنح. نعم، هذا ما حصل». وتابع رومني: «أنا رجل متدين جداً. وأعتبر أن قسم اليمين لديه نتائج. علمتُ منذ البداية أن مهمة الحكم على الرئيس، على زعيم حزبي، ستكون أصعب قرار أواجهه».
وقد فاجأ قرار رومني الجمهوريين، وأغضب البعض منهم، فقد سلب منهم تأكيدهم أن الحزب الجمهوري متضامن كله مع ترمب، خاصة أنه الجمهوري الوحيد الذي صوّت ضد ترمب في مجلسي الشيوخ والنواب. وانتقد ترمب رومني في تغريدة قائلاً: «لو خصص المرشح الرئاسي الخاسر ميت رومني الطاقة نفسها والغضب لهزيمة باراك أوباما كما تعامل معي بها، لكان فاز في الانتخابات». كما أصدر البيت الأبيض بياناً بعد التصويت يصف رومني بالمرشح الجمهوري الأكثر فشلاً. وصعّد نجل ترمب دونالد جونيور الهجوم على رومني داعياً الحزب الجمهوري إلى طرده من صفوفه.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».