إثيوبيا تتوقع حل نزاعها مع مصر حول «سد النهضة» وتُطمئن مواطنيها

TT

إثيوبيا تتوقع حل نزاعها مع مصر حول «سد النهضة» وتُطمئن مواطنيها

فيما بدا تمهيداً للإعلان عن اتفاق نهائي، آخر فبراير (شباط) الحالي، توقعت إثيوبيا حل نزاعها مع مصر بشأن «سد النهضة»، الذي تبنيه على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، وتتحسب القاهرة لإضراره بحصتها في المياه. وقالت وزارة المياه، سيليشي بيكيلي، أمس، إنه تمت «تسوية الاختلافات الرئيسية»، من خلال المفاوضات التي تجري برعاية أميركية، مطمئناً مواطنيه بأن الاتفاق «لن يؤثر سلبا» على مصلحة بلاده، لكنه طالب في المقابل بـ«استخدام منصف للمياه بين الجميع».
وترعى وزارة الخزانة الأميركية المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، بمشاركة البنك الدولي، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والأسبوع الماضي تأجل موعد مُحدد سلفاً، بنهاية يناير (كانون الثاني)، لتوقيع اتفاق نهائي حيال سياسة ملء خزان السد وتشغليه.
ووفق بيان مشترك أعلنته مصر وإثيوبيا والسودان، مع الولايات المتحدة والبنك الدولي، الجمعة الماضي، فإنه تم الاتفاق على مراحل ملء خزان السد وآليات التخفيف وضبط الملء والتشغيل أثناء فترات الجفاف، بينما لم تنته الدول المعنية بالاتفاق على جوانب أخرى منها سلامة السد وآلية فض المنازعات.
وقرر الوزراء الاجتماع مرة أخرى في واشنطن يومي 12 و13 فبراير الحالي، لاستكمال التفاصيل الخاصة بالاتفاق، وتحويل تلك المحددات، لاتفاقية يتم التوقيع عليها نهاية الشهر الحالي.
وأكد سيلشي بيكيلي، وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، خلال ندوة عقدت أمس في أديس أبابا حول مفاوضات سد النهضة، «الحاجة إلى التركيز على الحقائق ومتابعة النهج المربح للجانبين»، معتبرا أن السد مفيد لكل من إثيوبيا وجميع دول المصب.
وقال إنه بالإضافة إلى تعزيز إنتاج الطاقة في إثيوبيا وتنمية مصايد الأسماك وقطاع السياحة بشكل كبير، فإن المشروع سيكون مفيداً أيضاً لدول المصب.
وأضاف بيكيلي أن مفاوضات سد النهضة الإثيوبي الكبير تجري على أساس مبدأ منصف ومعقول «لن تضر بالمصالح الإثيوبية المستدامة للمياه». وتابع: «الأخبار المزيفة التي تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي». مدعياً أن الاتفاق الذي أدخلته إثيوبيا يضر بالمصالح الوطنية للبلاد لا أساس لها من الصحة.
وأشار الوزير إلى أن المفاوضين الإثيوبيين أجروا محادثات مثمرة من خلال تضييق الفجوات الفنية الرئيسية وبناء التوافق الذي تم التوصل إليه حتى الآن. وأضاف: «بشكل عام، عندما نتحدث عن مياه النيل، فإننا نؤمن بمبدأ يسمح بالاستخدام المنصف والمعقول دون التسبب في ضرر كبير. نتيجة لذلك، هناك شيء واحد يجب أن يدركه الشعب الإثيوبي وهو أن جميع الدول المشاطئة على النهر تحتاج إلى استخدام المياه بشكل منصف. هذا لا ينبغي أن يكون مصدرا للنزاع».
وأكد الوزير أن إثيوبيا ليس لديها أي نية لإلحاق ضرر كبير في بلدان المصب، وأضاف أن البلاد تعمل على طرق لضمان مصالحها واقتراح حلول للحد من هذه الأضرار الكبيرة لدول المصب.
ووفقا له فإن «الدول الثلاث التي تتعامل مع أربع وثائق رئيسية، قامت بشكل خاص بتسوية اختلافاتها الرئيسية حول القضايا الفنية خلال الاجتماع الذي عقد في واشنطن الأسبوع الماضي. وهناك قضايا ثانوية تم تأجيلها لحلها، لكن القضايا المتبقية ليست ذات أهمية لأن البلدان قطعت شوطاً طويلاً في هذا الصدد، على حد قوله.
وتخشى القاهرة أن يقلص السد، الذي يجري تشييده منذ 2011، على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، إمداداتها الشحيحة أصلا من المياه، التي تعتمد عليها بشكل كامل تقريبا.
وتعول مصر على الثقل الأميركي، ورغبة الرئيس دونالد ترمب في حسم الملف. وبحسب الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإن الاتفاق سيتم في الغالب، أيا كانت المعوقات، مؤكدا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «إثيوبيا لا يمكنها التملص من الإرادة الأميركية في إتمامه».
ووفقا لوزير الخارجية المصري سامح شكري، فقد حدد ترمب نهاية فبراير، موعدا أخيرا لتوقيع الاتفاق، وأنه «لن يكون بعده أي تفاوض». واعتبر شكري في تصريحات تلفزيونية الجمعة الماضي، أن توقيع مصر على محددات الاتفاق التي تم التوصل إليها هو «تأكيد لإرادتها السياسية في الحل».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.