صالح يلتقى القادة الأكراد في أربيل وتحفظات عن حكومة «المستقلين»

أميركا تسمح للعراق باستيراد غاز إيراني من دون مواجهة عقوبات

TT

صالح يلتقى القادة الأكراد في أربيل وتحفظات عن حكومة «المستقلين»

في وقت عبّر مختلف القوى السياسية العراقية عن مواقف متباينة حيال تشكيل الحكومة المقبلة برئاسة محمد توفيق علاوي، بحث الرئيس العراقي برهم صالح، أمس (الخميس)، الموقف الكردي حيال تشكيل هذه الحكومة مع حكومة إقليم كردستان، وسط معلومات عن أن للأكراد تحفظات على إمكان تشكيل حكومة من «المستقلين» على أساس أن مثل هذه الحكومة «مجرد كذبة»، في نظرهم. كما كان لافتاً أن كتلة شيعية ربطت تأييدها علاوي بموقفه من الانسحاب الأميركي.
والتقى صالح، في أربيل، مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، كما التقى نيجرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان، ومسرور بارزاني، رئيس حكومة الإقليم. وأعلن مسرور بارزاني في تغريدة على «تويتر» أن «اللقاء كان مثمراً مع رئيس العراق، وتبادلنا معه وجهات النظر حول التطورات في العراق، وناقشنا عملية تشكيل الحكومة الجديدة» التي يحضّر لها محمد علاوي.
وتأتي زيارة الرئيس صالح أربيل في وقت بدأ رئيس الوزراء العراقي المكلف مشاوراته مع مختلف الكتل لتشكيل حكومته. وفيما منحته الأحزاب الشيعية حرية اختيار الوزراء، فإن موقف العرب السنة والأكراد لا يزال غير واضح حيال تشكيل «حكومة مستقلة» من دون تدخل من القوى والأحزاب.
وفي هذا السياق، أبلغ مصدر مطلع في إقليم كردستان «الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، بأن «القيادة الكردية سبق أن ناقشت أمر المشاركة في حكومة الدكتور محمد توفيق علاوي حتى قبل زيارة رئيس الجمهورية إلى الإقليم، حيث إن الأكراد يتعاطون إيجابياً مع هذه الحكومة الجديدة ما دام هناك توافق شيعي على المرشح المكلف». وتابع أن «الجميع يعرف أن الأكراد لديهم مشكلات وخلافات معروفة مع المركز (في بغداد)، وبالتالي لا بد لأي حكومة أن تأخذ مثل هذه الأمور في الاعتبار، وهو ما يحدد موقفنا منها». وأوضح أن «الأكراد يأملون في بقاء نهج هذه الحكومة حيالهم مثلما كان عليه أيام رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي الذي تعاطى بإيجابية مع إقليم كردستان رغم وجود الخلافات المعروفة».
ورداً على سؤال عما إذا كان لدى الأكراد أي موقف محدد من الوزارات وطريقة توزيعها، قال المصدر المطلع: «لم تجرِ بعد مناقشة هذا الموضوع، لكن هناك خصوصية للأكراد حيال ما قيل عن تشكيل حكومة مستقلة، لأن هذه مجرد كذبة لا أصل لها. لا يوجد في النهاية مستقلون وإنما هناك أحزاب مختلفة تريد حصصها من الوزارات، وبالتالي لا بد من احترام ثوابت الأكراد من أي حكومة حتى نستطيع التعاطي معها بإيجابية».
من جهته، أكد مسعود حيدر، مستشار رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف الأكراد من تكليف محمد علاوي يقوم على أساس «أن رئيس الوزراء يجب أن يكون لكل العراقيين ويحترم مطالب المتظاهرين بمحاربته للفساد ويبعد العراق عن الصراعات الدولية والإقليمية، ويلتزم بالاتفاقات بين أربيل وبغداد، ويحترم الدستور ككل ولا يتعامل بانتقائية معه». وأضاف أن «من الضروري أن تراعى في هذه الحكومة مبادئ الشراكة والتوافق والتوازن في صنع القرار وإدارة مؤسسات الدولة لخدمة جميع مكونات الشعب العراقي»، مشدداً على «الضرورة الملحة للعمل المشترك والتنسيق بين أربيل وبغداد أمنياً لمحاربة الإرهاب والعمل على معالجة القضايا العالقة بين الإقليم وبغداد ضمن الأطر الدستورية والعمل معاً للنهوض بالواقع الاقتصادي للعراق خدمةً للجميع».
إلى ذلك، تباينت المواقف في بغداد من قضية تشكيل الحكومة. فأكد «تحالف سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أنه لن يلتقي رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي، خلال جولة مشاوراته مع الكتل السياسية، مشيراً إلى أنه جاهز في حال طلب منه أي استشارة قبل التصويت على البرنامج الحكومي أو رأيه بالوزراء. لكنّ مصدراً سياسياً قال، في المقابل، إن «قوى سياسية أبلغت عدداً من المسؤولين بشكل واضح أنها تريد حصتها في الحكومة الجديدة وفق الاستحقاق الانتخابي لعام 2018»، مشيراً إلى أن «هذه القوى لوّحت بأنها لن تصوّت على حكومة لا تتوافر فيها مستحقاتها الانتخابية، متذرعةً بأنّ تكليف محمد علاوي بتشكيل الحكومة جرى اعتماداً على المحاصصة من الأساس».
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس عن مسؤولين أميركيين وعراقيين أن الولايات المتحدة تنوي تجديد إعفاء يسمح للعراق باستيراد الغاز والكهرباء من إيران دون مواجهة عقوبات. وأشارت إلى أن العراق يعتمد بشدة على واردات الغاز الطبيعي من إيران لكن الولايات المتحدة تحاول دفعه لفك نفسه عن الاعتماد على مصدر الطاقة الإيراني.
وجاءت هذه المعلومات في وقت قال النائب عن كتلة «صادقون» أحمد الكناني، إن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جون ماكينزي، طلب من القادة العراقيين الذين التقاهم في الأيام الماضية نشر صواريخ «باتريوت» داخل القواعد الأميركية في العراق، معتبراً ذلك مؤشراً واضحاً على أنه لا توجد نيّة للأميركيين للانسحاب من البلاد. وقال الكناني في تصريح صحافي إن لقاء القائد الأميركي مع الرئاسات الثلاث و«تقديمه طلب نشر صواريخ باتريوت المتطورة في القواعد الأميركية في العراق يؤكد بشكل جليّ أن الولايات المتحدة الأميركية ليست لها أي نية بتطبيق قرار البرلمان» الذي طلب من الحكومة الشهر الماضي أن تعمل على سحب القوات الأميركية من العراق. وأضاف أن «القائد العام للقوات المسلحة (العراقية) هو من يقرر الموافقة أو الرفض، وفي حال تم نشر الصواريخ فسوف يُعقّد ذلك الأزمة كثيراً»، مضيفاً أن «دعم الكتل الشيعية تكليف محمد توفيق علاوي كان مقترناً بشرط تنفيذه قرار مجلس النواب وضع آلية لانسحاب القوات الأجنبية من البلاد وعلى رأسها القواعد الأميركية». وشدد على أنه «في حال عدم تنفيذ الحكومة المقبلة لقرار البرلمان فسيكون لنا كلام آخر وسحب للدعم من حكومة محمد توفيق علاوي».



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.