هل شوهت بطولة أستراليا المفتوحة وجه رياضة التنس؟

من دخان حرائق الغابات إلى اعتراض ديوكوفيتش الغاضب وانتقاد نافراتيلوفا وماكنرو لتكريم الأسطورة كورت

ديوكوفيتش يعترض على حكم مباراة النهائي بالنقر على حذائه
ديوكوفيتش يعترض على حكم مباراة النهائي بالنقر على حذائه
TT

هل شوهت بطولة أستراليا المفتوحة وجه رياضة التنس؟

ديوكوفيتش يعترض على حكم مباراة النهائي بالنقر على حذائه
ديوكوفيتش يعترض على حكم مباراة النهائي بالنقر على حذائه

قليل من الرياضات على مستوى العالم تهتم بصورتها وتحافظ عليها بدأب مثل التنس. ومع هذا، فإنه على مدار أسبوعين تعرض الوجه الجميل اللطيف لهذه الرياضة إلى كدمات واضحة في ملبورن، وانتقل من كارثة لأخرى على صعيد العلاقات العامة، والواضح أن الندبات التي مني بها وجه التنس في بطولة أستراليا المفتوحة ستبقى إلى الأبد.
بدأ انهيار صورة التنس مع تردد مسؤولي بطولة أستراليا المفتوحة إزاء الإعلان بوضوح وسرعة كافيتين عما يعرفه بالفعل جميع من في مدينة ملبورن، وجميع من في البلاد، بل العالم بأسره، حول التأثيرات الخانقة للدخان الناجم عن حرائق الغابات، وبعد ذلك انتقلنا إلى التأثير المشابه الذي تركته المبادئ الأخلاقية لمارغريت كورت على كل من لم يولدوا في القرن الـ19. وعلى رأسهم مارتينا نافراتيلوفا وجون ماكنرو اللذين اعترضا على الآراء المتشددة التي أعربت عنها أسطورة التنس البالغة 77 عاماً ضد الشواذ.
الحقيقة أن أسلوب التقديم والعرض يحمل أهمية كبرى في كل شيء. وبينما لم يكن باستطاعة شركات البثّ التلفزيوني الكبرى التي كانت تغطي أول بطولة من بطولات السلام في الموسم من أجل جمهور عالمي يقدر بملايين كثيرة، تجاهل الدخان البني والأصفر الذي يتراقص أمام أعين المشاهدين عبر شاشات التلفزيون، وتجلى في أكثر صوره دراماتيكية مع انهيار السلوفينية داليلا ياكوبوفيتش في نوبة سعال، ما اضطرها للانسحاب من جولة التصفيات، استغرق القائمون على البطولة أياماً كي يرضوا أخيراً فضول وسائل الإعلام واستفسارات اللاعبين والمشاهدين القلقين حول ما يشكل هواءً آمناً داخل ملبورن بارك.
بمرور الوقت، تراجعت حدة مستوى تلوث الهواء، وحصلت كورت على شبه اعتذار متحفظ من جانب نافراتيلوفا وماكنرو، لكنها لم تقدم المثل في المقابل. أما مسؤولو البطولة والقنوات التلفزيونية فتظاهروا، على نحو يثير الضحك، بأن نافراتيلوفا وماكنرو خرقا «البروتوكول» بتسببهما في شعور مارغريت بالحرج.
وكأن كل ما سبق لم يكن كافياً، استمرت سلسلة المواقف المحرجة مع حلول نهاية المباراة التاسعة من المجموعة الثانية من مواجهة نهائي الرجال، وذلك عندما ثارت ثائرة الصربي نوفاك ديوكوفيتش، مع وجود مبرر صغير، تمثل في حدوث انتهاكين، تمثلا في ضربة بداية بطيئة، الأمر الذي دفع اللاعب الصربي المصنف أول على العالم لفقدان رباطة جأشه المعهودة. وتصرف بعد ذلك ديوكوفيتش برعونة بطل ثائر لينقر على ساق المقعد الطويل الذي يجلس عليه حكم المباراة، داميان دوموسيوس، ويتحدث إليه بخشونة.
وانفجر ديوكوفيتش في وجه الحكم الفرنسي الوقور، قائلاً: «لقد جعلت نفسك شخصية مشهورة في هذه المباراة. عمل عظيم، أحسنت صنعاً يا رجل».
وبذلك، تعرضت صورة التنس كرياضة بوجه عام لندبة جديدة. بعد ذلك، تعافى ديوكوفيتش من تأخره بمجموعتين مقابل واحدة، ونجح في الفوز على النمساوي دومينيك تيم. وفي خضم زهوة فوز ديوكوفيتش بلقبه الثامن في ملبورن، غاب هذا الموقف عن الأذهان قليلاً، لكنه عاود الظهور عندما شعر اللاعب بواجبه نحو توضيح الموقف. وبالفعل، اتخذ ديوكوفيتش التصرف الصائب، بتقديمه اعتذاره عن فظاظة تصرفه. إلا أنه لم ينجح تماماً في تقديم الاعتذار اللائق، فقد قال مبتسماً: «فيما يخص لمسي حذاءه، لم أكن أعلم أن هذا ممنوع تماماً. اعتقدت أنه أمر لطيف، وكانت لمستي ودية حقاً».
الحقيقة أن المشهد العام لم يكن جيداً له، ولا بوجه عام للبطولة التي أكسبته 4.2 مليون دولار أسترالي (2.1 مليون جنيه إسترليني). إلا أنه مثلما الحال مع سحابة الدخان، ساد انطباع عام لفترة ممتدة بأن ثمة شيئاً ليس على ما يرام. وخرجت العناوين التي تناولت الموقف مروعة، وفتش أحد الصحافيين عبر القواعد، واكتشف أنه يمكن تغريم اللاعب 30 ألف دولار أسترالي بسبب هذا الفعل.
ولذلك، نجد أنه في وقت كان يفترض أن يستمتع اللاعب بفرحة الفوز بالبطولة، اضطر إلى تقديم اعتذار من جديد. وقال: «بعض الأحيان تفعل أشياء لا تكون راضياً عنها وتنتابك مشاعر مختلفة. وتمر عبر فترات فرح تعقبها فترات حزن. وبالطبع لست راضياً عن أنني لمست الحكم. وأنا آسف إذا كان هذا التصرف قد أثار ضيقه أو ضيق أي شخص آخر». وعند هذا الحد، انتهى الأمر، وأصبح علينا الانتقال لمرحلة جديدة. وربما نجح ديوكوفيتش بتصرفه هذا في إنقاذ صورة الرياضة ـ وربما لا.
من جانبها، ستنظر كورت إلى زيارتها للملبورن باعتبارها نصراً وتكريماً لها في الذكرى الـ50 للفوز بغراند سلام، مع بقاء الإستاد الذي يحمل اسمها شاهداً على تاريخها، رغم الحملة التي شنتها نافراتيلوفا لتغيير اسمه إلى ملعب إيفون غولاغونغ.
لفد انتقدت الأسطورة كورت الاتحاد الأسترالي للتنس بداعي ظهورها الفاتر في بطولة أستراليا، وقالت إن اتحاد اللعبة عاملها «بعنصرية» بسبب انتقادها للشواذ.
ووجّه الاتحاد الأسترالي دعوة لكورت، صاحبة الرقم القياسي في الفوز بالألقاب في البطولات الأربع الكبرى برصيد 24 لقباً، لتكريمها بمناسبة ذكرى مرور 50 عاماً على فوزها بجميع ألقاب البطولات الكبرى في العام نفسه في 1970 لكنه قال إنه يختلف مع «آرائها الشخصية».
وخلال احتفال بسيط في ملعب رود ليفر أرينا، وقبل مباراة لدور الثمانية، تسلمت كورت نسخة من كأس البطولة من الأسطورة رود ليفر الذي حصد 11 لقباً في البطولات الكبرى مع عرض فيديو قصير لإنجازاتها في التنس على شاشة الملعب.
وقالت كورت، البالغ عمرها 77 عاماً: «من جانب التنس... حاولوا التعامل بعنصرية مع كل شيء فعلته، وهذا أمر محزن جداً، يبدو أنهم اعتقدوا أنه في ظل أني واعظة سأدلي بكلمات من الوعظ الديني».
الآن، ستعود كورت من جديد لتقول ما يحلو لها، وكذلك ديوكوفيتش، لكن هل ينطبق ذلك أيضاً على نافراتيلوفا وماكنرو؟
والاحتمال الأكبر أن ديوكوفيتش سيفوز ببطولة الرجال مرة أخرى. وبالنظر إلى أنه في أفضل حالاته الآن، فإن أحداً لن يتمكن من المساس به، فيما عدا الإسباني رافائيل نادال داخل الملعب لو كان في حالة ممتازة. أما السويسري روغر فيدرر فلم يتمكن من هزيمة الصربي في ويمبلدون الصيف الماضي. ولم يتمكن كذلك من الحفاظ على تقدمه بنتيجة 4 - 1 و5 - 2 خلال المجموعة الأولى أمام ديوكوفيتش في دور قبل النهائي لأستراليا.
وبإمكان ديوكوفيتش أن يضيف لرصيده اثنتين من بطولات السلام الثلاثة المتبقية خلال عام 2020. وعليه، فإنه في مثل هذا الوقت من العام المقبل، سيصبح باستطاعته الجلوس إلى جوار فيدرر حاملاً في رصيده 20 بطولة كبرى، ومع نادال، إذا ما نجح الإسباني في الفوز في رولان غاروس هذا الصيف. ويشترك اللاعبون الثلاثة الكبار فيما بينهم في 60 بطولة غراند سلام، وبالتالي فإن كلاً منهم يتساءل بالتأكيد فيما بينه وبين نفسه؛ من يا ترى منهم سيرحل عن الحشد أولاً؟
في نهاية الأمر، ورغم كل الهراء الذي شهده الأسبوعان الماضيان، تبقى رياضة التنس قادرة على إبهار متابعيها، وإن كنا نتمنى أن يخفف مسؤولوها من حالة التكتم والسرية التي يفرضونها على اللعبة، ويكشفوا علانية عما يقولونه خلف الأبواب المغلقة.


مقالات ذات صلة

اتحاد التنس البريطاني يمنع مشاركة المتحولات لضمان العدالة

رياضة عالمية من تجهيزات كرات المضرب في لندن (أ.ب)

اتحاد التنس البريطاني يمنع مشاركة المتحولات لضمان العدالة

قال اتحاد التنس البريطاني الأربعاء إنه أجرى تحديثاً لقواعده لمنع النساء المتحولات جنسياً من المشاركة في عدد من بطولات للسيدات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية جانب من مواجهات بطولات التحدي للتنس (رويترز)

زيادة قيمة الجوائز المالية في سلسلة بطولات التحدي للتنس 2025

أعلن اتحاد لاعبي التنس المحترفين الأربعاء جوائز مالية قياسية قدرها 28.5 مليون دولار في سلسلة بطولات التحدي موسم 2025، بزيادة 6.2 مليون دولار عن هذا العام

«الشرق الأوسط» (بنغالورو)
رياضة عالمية البيلاروسية أرينا سابالينكا (أ.ب)

البيلاروسية سابالينكا أفضل لاعبة تنس 2024

حصلت البيلاروسية أرينا سابالينكا على جائزة لاعبة العام لدى اتحاد لاعبات التنس المحترفات للمرة الأولى في مسيرتها.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
رياضة عالمية الأسترالي نيك كيريوس يعود لبطولة أستراليا المفتوحة (أ.ب)

«دورة أستراليا»: عودة كيريوس وبنتشيتش

أعلن منظمو بطولة أستراليا المفتوحة أن الأسترالي نيك كيريوس والسويسرية بليندا بنتشيتش سيشاركان بتصنيف محمي في البطولة.

«الشرق الأوسط» (ملبورن)
رياضة عالمية أندريه روبليف (الشرق الأوسط)

روبليف يؤكد مشاركته في هامبورغ العام المقبل

أعلن منظمو بطولة هامبورغ المفتوحة للتنس الخميس، أن الروسي أندريه روبليف، المصنف الثامن عالمياً، بات أول المصنفين الأوائل، الذي أكد مشاركته العام القادم.

«الشرق الأوسط» (برلين)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.