بيوت سعودية تفتح أبوابها لسائحة يابانية في 14 مدينة

يقود شغف التعرف على ثقافات الشعوب الأخرى إلى نوع من التعايش المشترك وخوض تجارب متعددة لفهم بيئات قد تكون غريبة عن البعض، والاستمتاع بمغامرة اكتشاف كل جديد في الطبيعة والعادات والمأكل والمشرب.
سيدة يابانية اختارت شق طريق استكشاف على طريقتها، لتعيش تجربة مميّزة مع السعوديين والسعوديات في منازلهم، مبتعدة عن الفنادق السياحية الفخمة، ولتتعرّف عن قرب وتتلمّس الحياة اليومية للعائلات السعودية أي نستطيع القول إنها أرادت «سَعوَدَة» حياتها.
آنا آيكو، نشأت بين ثقافتين غربية وشرقية (اليابان وفرنسا)، زارت السعودية مرتين وقطعت صحراء الربع الخالي في 26 يوماً، وزارت مختلف مناطق السعودية، وفي حديثها مع «الشرق الأوسط»، أوضحت تفاصيل زيارتها، واصفة أنّ حلمها أصبح واقعاً، فلطالما حلمت بزيارة السعودية من صور متنوعة كانت تملأ منزل عائلتها في العاصمة اليابانية طوكيو، كان والداها قد التقطاها قبل أكثر من 40 سنة، حين كانا يعملان هناك.
تعشق آيكو السعودية وتعرف خصائص الجمال فيها ومكامنه كما تعرف ركوب صحرائها، والسّبب يعود لأيام كثيرة عاشتها في البادية ووفق أحكام الصحراء وقوانينها، حيث لا رفاهية، ولا وفرة بالطعام، وقدرة السير تحت أشعة الشمس الحارة، والتعامل مع العواصف الرملية لدى هبوبها، إضافة إلى تجربتها العيش بين الأسر السعودية، بعد تعرفها بأيام قليلة على صديقات سعوديات.
أوّل زيارة قامت بها السائحة آيكو (40 سنة) إلى السعودية كانت في فبراير (شباط) من عام 2019 حيث بقيت ثلاثة أشهر. وكانت قد جاءت للمشاركة في مسابقة عبور صحراء الربع الخالي على ظهور الجمال، عُرفت باسم «ركايب». وعلى الرّغم من مشقة الرّحلة صمدت آيكو ولم تنسحب كالكثيرين، ووصلت إلى نهاية المسار قاطعة أكثر من 650 كم على مدى 26 يوماً.
تعمل آيكو اليوم على إصدار كتاب عن رحلتها في «ركايب»، وتقول: «أريد أن أظهر للعالم بصور التقطتها. هذا الجمال العربي غير مرئي». وإضافة إلى ذلك، فقد نشرت صوراً عن جمال السعودية عبر صفحاتها في منصات التواصل الاجتماعي مثل «إنستغرام» (@ANNA.AIKO).
جالت آيكو في مدن السعودية وقراها، عابرةً مختلف المناطق من الرياض إلى جدة وتبوك والدمام والخبر والهفوف والأحساء والقصيم والطائف والقنفذة وجازان وجزر فرسان وأبها ووادي الدواسر وغيرها ولم تغفل عنها الأودية والمواقع التي يصعب زيارتها.
ومن الأشياء المثيرة في رحلتها أنّها كانت تعيش معظم أيامها في منازل صديقاتها السعوديات، اللاتي سرعان ما تعرّفن عليها واستضفنها في منازلهن، لتعيش تفاصيل حياة الأسرة السعودية من قلب المنازل.
وها هي آيكو قد عادت مجدداً في يناير (كانون الثاني) الماضي، لحضور مهرجان الملك عبد العزيز للإبل، وخلال هذه الزيارة مرّت على بعض القرى والمحافظات القريبة من العاصمة الرياض.
وعن انجذابها الكبير للسعوديين وحياتهم، تقول آيكو إنّ والديها عاشا في المملكة مدّة عامين. وكان والدها يتردّد على السعودية في رحلات عمل. مضيفة أنّ الصوّر عن السعودية التي زيّنت جدران منزل أهلها في السعودية حيث ترعرعت، شكّلت لها نوعاً من القصص الخيالية، وأنّ بعض الأفلام والروايات عن المملكة كانت مصدر إلهام لها مثل فيلم «ملكة الصحراء» (Queen of the Desert) والمستكشفون مثل «لورنس العرب». وتتابع أن حلمها بزيارة السعودية بات حقيقة واقعة، واليوم تستطيع بعد تجربتها أن تصف كل هذا الجمال الطبيعي الذي يميّز المملكة بثقافتها وتقاليدها، وتصفه بالجمال المخفي، وهي تسعى وتتمنّى أن تنقله إلى العالم بأسره بصورها، فهي متخصصة في التصميم الغرافيكي إضافةً إلى عملها لسنوات طويلة في مشاريع مع مصورين عالميين.
وتقول آيكو إنّها فوجئت بالمجتمع السعودي، حيث شعر أنها محاطة بالحب، من خلال الترحيب بها وحسن الضيافة، وكيف يساعد الناس بعضهم بعضاً. وتتابع أنّهم «كعائلة كبيرة يعيش أفرادها في مكان واحد»، وهم من ساعدوها على اكتشاف ومشاركة جمال بلادهم.
وعن القواسم الثقافية المشتركة بين السعودية واليابان، تقول آيكو: «متعدّدة هي، بين نمط الترحيب بالضّيف وتكريمه، وثقافة تقديم الشاي نفسها في السعودية كما في اليابان، وهذا الاحترام والرّعاية في التعامل بين أفراد الأسرة، إضافة إلى الاهتمام الكبير بالتراث والثقافة والتقاليد، وفي الوقت نفسه المشاركة في أحدث التقنيات».