عاقبت الميليشيات الحوثية في صنعاء الزعيم القبلي البارز والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» علي محمد الضبيبي بالاختطاف والإخفاء مع عدد من مرافقيه في العاصمة صنعاء في سياق نهج الجماعة لإذلال شيوخ القبائل وإرغامهم على تجنيد المزيد من أتباعهم في صفوفها.
وفي أول رد على التعسف الحوثي المستمر بحق القيادات الحزبية والقبلية الخاضعة في مناطق سيطرة الجماعة، تظاهر أمس (الأربعاء) المئات من أتباع الشيخ الضبيبي في ميدان السبعين أكبر ميادين العاصمة صنعاء للضغط على الجماعة من أجل إطلاق سراحه.
وذكرت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» أن المئات من أبناء محافظة ريمة احتشدوا في الميدان رافعين لافتات وصورا للشيخ الضبيبي، مع الدعوة لإطلاق سراحه على الفور مع مرافقيه.
ودعا المتظاهرون أعيان ريمة وشيوخها إلى تهديد الجماعة الحوثية بحسب المجندين من المحافظة من جبهات القتال احتجاجا على سلوك الجماعة المهين لزعماء المحافظة وشيوخها القبليين.
ولم يعرف ما إذا كانت الجماعة الانقلابية سترضخ لمطالب المظاهرة وتقوم بإطلاق سراح الضبيبي الذي يعد من أبرز مشايخ ريمة، أم أنها سترد بالمزيد من التعسف بحق الزعماء القبليين وقيادات حزب «المؤتمر الشعبي».
وأوضحت المصادر القبلية أن الجماعة أقدمت قبل أيام على خطف الشيخ الضبيبي واقتادته إلى أحد سجونها في المنطقة الأمنية الخامسة في العاصمة صنعاء على خلفية رفضه الاستجابة لحشد المزيد من المجندين من أتباعه للقتال.
وتزامنت هذه الانتهاكات الحوثية مع استمرار الجماعة في شن حملات الدهم والاعتقالات في صنعاء ومصادرة الأموال والمنازل وإجبار السكان على تقديم الأغذية والمعونات لمصلحة الميليشيات في جبهات القتال.
واعترفت الجماعة المدعومة إيرانيا في وقت سابق أنها اختطفت العام الماضي 125 شخصا في العاصمة صنعاء لوحدها بعد أن وجهت لهم اتهامات بالولاء للحكومة الشرعية. وذكرت المصادر الرسمية للجماعة بأن ميليشياتها التي تسيطر على داخلية الانقلاب وأجهزة الأمن التابعة لها في صنعاء استطاعت أن تعتقل المئات من الأشخاص بعد أن لفقت لهم تهما متفرقة، في وقت تقول مصادر حقوقية في العاصمة اليمنية إن أغلب من زعمت الجماعة إلقاء القبض عليهم لفقت لهم تهما جنائية للانتقام منهم بسبب عدم خضوعهم لها.
ويقدر حقوقيون في صنعاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر الجماعة أقدموا على خطف أكثر من 5 آلاف مواطن طيلة أشهر السنة الماضية أغلبهم من مناطق صنعاء وإب وذمار والحديدة وحجة، وقاموا باقتيادهم إلى سجون سرية، ومن بينهم العشرات من النساء.
في السياق نفسه أفادت مصادر محلية في محافظة إب (جنوب صنعاء) بأن القيادي في الجماعة المعين وكيلا للمحافظة أشرف المتوكل أقدم (الأربعاء) على اختطاف عدد من العمال كانوا في طريقهم إلى محافظة حضرموت.
ولم تعرف الجهة التي اقتاد إليها القيادي الحوثي العمال إلا أن شهودا في المنطقة جوار بيته أفادوا بأنهم أودعهم أحد السجون غير القانونية التابعة للجماعة بعد أن وجه لهم تهمة محاولة الانضمام إلى قوات الحكومة الشرعية.
وكانت مصادر قبلية في محافظة إب (جنوب صنعاء) أفادت بأن أفرادا من الميليشيات أقدموا قبل نحو عشرة أيام على تصفية أحد زعماء القبائل في مديرية النادرة بعد أن رفض الرضوخ للجماعة من أجل مساندتهم في حشد المزيد من المقاتلين للدفع بهم نحو جبهات القتال في محافظة الضالع المجاورة.
وذكرت المصادر أن مسلحين حوثيين أطلقوا النار على الزعيم والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام محمد عبده الوعيل في مركز مديرية النادرة التابعة لمحافظة إب ما تسبب في مقتله على الفور.
وأوضحت المصادر التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» أن أفراد الجماعة أطلقوا النار على الوعيل بعد أن رفض الانصياع لتوجيهاتهم بضرورة حشد مقاتلين من منطقته للذهاب إلى جهات الضالع المشتعلة.
وتعيش معظم المناطق الخاضعة للجماعة فترة صعبة وحرجة، مع تصاعد عمليات الاختطاف والتصفية لعدد من الوجهاء والشيوخ القبليين، في وقت يعد الكثير منهم من أبرز حلفاء الميليشيات الذين سهلوا لها الطريق عند انقلابها لدخول عمران، ثم اقتحام العاصمة صنعاء بقوة السلاح وبقية المدن اليمنية.
وفي وقت سابق كشفت مصادر قبلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن قيام عناصر تابعة لما يسمى بـ«الأمن الوقائي» التابع للميليشيات الحوثية مؤخرا بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من المشايخ القبليين ومواطنين من أبناء القبائل في محافظات: (صنعاء، وعمران، وأمانة العاصمة).
وقالت المصادر إن من بين قائمة المعتقلين في الحملة الحوثية، الشيخ عاطف من مشايخ قبيلة بني سريح بعمران، إلى جانب ثمانية مشايخ آخرين ينتمون لقبائل أخرى في صنعاء المحافظة والأمانة وعمران.
واعتبرت المصادر أن حملة الاعتقال الحوثية جاءت عقب اتهامات وجهتها الجماعة لبعض شيوخ القبائل بالتلاعب والتقصير في حشد المقاتلين ورفد جبهاتها القتالية بالمال والغذاء.
وأشارت المصادر إلى وجود خلافات كبيرة تدب حاليا داخل صفوف جبهة الانقلاب الحوثية، خصوصا بين قيادات الميليشيات المنتمية لمحافظتي صعدة وصنعاء، حيث اتهمت القيادات القادمة من صنعاء قيادات الجماعة في صنعاء وعمران بالخيانة وعدم الإخلاص لما سمته «المسيرة القرآنية»، والولاء المطلق لزعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي.
ومنذ اجتياح الميليشيات صنعاء ومدنا يمنية أخرى، سعت الجماعة بمختلف الطرق والأساليب لإجبار الآلاف من أبناء القبائل في مناطق سيطرتها، تحت قوة التهديد والسلاح، على المشاركة في جبهات القتال، وإقناعهم بدورات طائفية غسلت من خلالها عقولهم، بترديد الشعارات الفكرية الخاصة بهم، تنفيذا لأجندة إيران الطائفية.
ولجأت الميليشيات الانقلابية على مدى عامين ماضيين إلى وضع خطة، وصفها مراقبون بـ«الخطرة»، وتتمثل بالزج بأبناء القبائل والمشرفين من مناطق غير صعدة في جبهات القتال بهدف تصفيتهم والتخلص منهم لتتيح المجال أمام الميليشيات القادمة من صعدة لاستكمال فرض نفوذها وسيطرتها على ما تبقى من المؤسسات في المناطق الخاضعة لها.
الانقلابيون يعاقبون زعيماً قبلياً بالخطف وأنصاره يتظاهرون في صنعاء
الانقلابيون يعاقبون زعيماً قبلياً بالخطف وأنصاره يتظاهرون في صنعاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة