«البنتاغون» يؤكد مواصلة دعم تركيا في مواجهة «العمال الكردستاني»

TT
20

«البنتاغون» يؤكد مواصلة دعم تركيا في مواجهة «العمال الكردستاني»

قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا هي حليف للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وشريك مهم في التحالف الدولي ضد «داعش»، وإن واشنطن لطالما دعمت تركيا في قتالها مع «حزب العمال الكردستاني».
وأضاف رداً على سؤال حول الأنباء التي تحدثت عن قيام الولايات المتحدة بإيقاف برنامج عسكري سري للتعاون في مجال الاستخبارات العسكرية مع تركيا، ساعد أنقرة لسنوات في ملاحقة مقاتلي «حزب العمال الكردستاني»، أن واشنطن لطالما دعمت تركيا ولعقود في قتالها ضد هذا الحزب بعدة طرق.
ورفض المتحدث الإشارة إلى ما إذا كان هذا التعليق مؤقتاً أم أنه قد يطول، وإلى احتمال انعكاساته على التعاون بين البلدين، قائلاً إن سياسة وزارة الدفاع لا تقدم تفاصيل حول المسائل التشغيلية للعمليات العسكرية.
وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن أوقفت برنامجها السري للتعاون في مجال الاستخبارات العسكرية مع تركيا، رداً على توغل قواتها في مناطق الأكراد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما يشير إلى الضرر الواقع في العلاقات الأميركية - التركية، حسب الوكالة.
وقال مسؤولون أميركيون، اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم، إن الولايات المتحدة أوقفت، العام الماضي، تحليق المهام الاستطلاعية والاستخباراتية المشتركة، التي استهدفت حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره كل من أنقرة وواشنطن منظمة إرهابية.
وكانت القوات الأميركية استخدمت طائرات مسيّرة غير مسلحة، قال أحد المسؤولين إن إحداها أطلقت من قاعدة «إنجرليك» التركية التي تتضمن وجوداً عسكرياً مهماً للقوات الأميركية، وتعتبر القاعدة أيضاً مركزاً أساسياً تطلق منه الولايات المتحدة عملياتها الاستخباراتية في المنطقة.
وانطلق العمل ببرنامج الطائرات المسيرة المشترك عام 2007، وكان يتركز عادة في المنطقة الواقعة شمال العراق قرب الحدود التركية، وفقاً لما ذكره مسؤول آخر. ويُعتبر وقف المساعدة الأميركية اختباراً للقدرات الاستخباراتية التركية، في وقت تنتشر فيه قواتها عبر كثير من الجبهات شمال سوريا، وتوسع فيه أنقرة تدخلها في ليبيا. وقال مسؤول أميركي: «هذا سيزيد من تعقيد الحملة ضد (بي كي كي)، وكلفتها بالنسبة لتركيا».
ويُعدّ هذا التطور إضافة أخيرة لسلسلة من الأزمات التي أسهمت في زيادة التوتر بين واشنطن وأنقرة، تضمّنت شراء تركيا منظومة صواريخ «إس 400» الروسية للدفاع الجوي، وتعميق الخلاف بين الدولتين، بالأخص فيما يخص الحرب في سوريا، وذلك رغم العلاقة القوية التي تربط بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان.
ولطالما شكك ترمب بأهمية الوجود الأميركي في سوريا، وتعرض لانتقادات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الذين اتهموه بالتخلي عن المقاتلين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة في القتال ضد «داعش»، الأمر الذي اعتبر ضوءاً أخضر لأنقرة أمام دخول قواتها لاستهدافهم.
واستهدفت العملية التركية، التي سُمّيت بـ«نبع السلام»، قوات «قسد»، التي تشكل قوات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، التي تولت معظم القتال ضد «داعش»، إلا أن تركيا تعتبرها منظمة إرهابية وتابعة لـ«حزب العمال الكردستاني».
وحارب الحزب الدولة التركية منذ عام 1984، مطالباً باستقلال المناطق التي يقطنها الأكراد، جنوب شرقي البلاد، حيث قتل نحو 40 ألف شخص في النزاع. ويشكل الأكراد نحو 20 في المائة من عدد السكان في تركيا.
ومنذ نشأة برنامج التعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة، قامت أنقرة باستثمار مئات الملايين من الدولارات في تطوير قدراتها الدفاعية، والتقليل من اعتمادها على الطائرات المسيرة الأميركية والإسرائيلية، التي استخدمتها مراراً في أواخر التسعينات.



أميركا تكثّف ضرباتها على الحوثيين ووزير دفاعها يتوعّد إيران

عنصر حوثي يحمل قاذفة قنابل خلال المشاركة في تشييع جنازة أشخاص قتلوا إثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل قاذفة قنابل خلال المشاركة في تشييع جنازة أشخاص قتلوا إثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)
TT
20

أميركا تكثّف ضرباتها على الحوثيين ووزير دفاعها يتوعّد إيران

عنصر حوثي يحمل قاذفة قنابل خلال المشاركة في تشييع جنازة أشخاص قتلوا إثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل قاذفة قنابل خلال المشاركة في تشييع جنازة أشخاص قتلوا إثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

ركَّزت الولايات المتحدة ضرباتها، يوم الخميس، على تحصينات الحوثيين في صعدة والجوف، وصولاً إلى الحديدة، غرباً على البحر الأحمر، استمراراً لحملتها المتصاعدة لإرغام الجماعة على التوقف عن تهديد الملاحة ومهاجمة إسرائيل.

ومع عدم وجود سقف زمني لانتهاء الحملة التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب، في 15 مارس (آذار) الماضي، توعد وزير الدفاع بيت هيجسيث إيران لجهة دعمها للحوثيين الذين يقولون إن تصعيدهم يأتي لمناصرة الفلسطينيين في غزة.

ومنذ بدء الحملة، نفّذ الجيش الأميركي أكثر من ألف ضربة استهدفت أغلب المناطق الخاضعة للحوثيين ابتداءً من معقلهم الرئيسي في صعدة، وصولاً إلى صنعاء وضواحيها وعمران وذمار والبيضاء وإب وانتهاء بخطوط التماس في مأرب والجوف وجنوبَ الحديدة.

وبحسب ما أورده الإعلام الحوثي، استهدفت 3 غارات، الخميس، مديرية كتاف في صعدة، حيث معقل الجماعة الرئيسي، كما استهدفت غارة موقعاً في مدينة الحديدة على البحر الأحمر.

لهب ودخان يتصاعد في ليل صنعاء إثر غارات أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)
لهب ودخان يتصاعد في ليل صنعاء إثر غارات أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)

إلى ذلك اعترفت الجماعة بتلقي سلسلة من الغارات على مواقعها في مديرية «خب والشعف»، التابعة لمحافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء)، دون التطرق إلى الخسائر العسكرية على مستوى العتاد والعناصر، كما هو دأب الجماعة في التعتيم على الأضرار بهدف الإبقاء على معنويات أتباعها.

ويوم الثلاثاء، كانت بريطانيا انضمت لأول مرة إلى ضربات ترمب ضد الحوثيين؛ حيث استهدفت في عملية مشتركة مع الجيش الأميركي موقعاً في جنوب صنعاء لتجميع الطائرات المسيرة، مستخدمة مقاتلات «تايفون» وقنابل دقيقة التوجيه.

وعلى الرغم من حديث الجيش الأميركي عن تقليص قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات إلى نحو النصف، فإن الحكومة اليمنية ترى أن التهديد لا يمكن أن ينتهي دون وجود قوة على الأرض، داعية إلى إسناد قواتها الشرعية لتولي هذه المهمة.

وتسببت الضربات (بحسب البيانات الأميركية) في مقتل المئات من مقاتلي الحوثيين وعدد كبير من قادتهم، بمن في ذلك مسؤولون كبار عن الصواريخ والطائرات المسيرة. كما دمرت الضربات عدة منشآت للقيادة والسيطرة، وأنظمة دفاع جوي، ومرافق تصنيع أسلحة متقدمة، ومستودعات تخزين للأسلحة المتطورة.

وعيد أميركي لإيران

على وقع الهجمات الحوثية المستمرة ضد القوات الأميركية، وباتجاه إسرائيل حذر وزير الدفاع الأميركي، بيت هيجسيث، إيران، من أنها ستدفع ثمن دعمها للحوثيين في اليمن.

وكتب هيجسيث على منصة «إكس» رسالة إلى إيران: «نرى دعمكم الفتاك للحوثيين. نعرف تماماً ما الذي تفعلونه. وأنتم تدركون جيداً ما يستطيع الجيش الأميركي فعله، وقد تم تحذيركم. ستدفعون الثمن في الوقت والمكان الذي نختاره».

وأعاد هيجسيث نشر رسالة سبق أن نشرها الرئيس دونالد ترمب على منصة «تروث سوشيال»، في مارس، وقال فيها الرئيس إنه سيعتبر إيران مسؤولة عن أي هجمات تنفذها الجماعة الحوثية.

وتتولى حاملتا الطائرات الأميركية «هاري ترومان» و«كارل فينسون»، مهمة ضرب الحوثيين؛ حيث تتمركز الأولى مع مجموعتها في شمالي البحر الأحمر، في حين تتمركز الأخيرة في البحر العربي.

كما عزَّز الجيش الأميركي وجوده في الأسابيع الماضية، ونشر 6 قاذفات من طراز «بي - 2» في جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، وهو موقع يقول الخبراء إنه مثالي للعمليات في الشرق الأوسط.

وخسرت القوات الأميركية، هذا الأسبوع، أولى مقاتلاتها في البحر الأحمر، في حادث لم تتضح تفاصيله، لتضاف بذلك إلى نحو 7 مسيّرات فقدتها منذ بدء حملة ترمب الجديدة.

عنصر حوثي في صنعاء يعاين الأضرار في موقع ضربته غارة أميركية (أ.ب)
عنصر حوثي في صنعاء يعاين الأضرار في موقع ضربته غارة أميركية (أ.ب)

ولم تتخذ حتى الآن واشنطن تغييراً في استراتيجية حملتها على الحوثيين؛ إذ باتت الضربات اليومية أمراً روتينياً على مختلف المواقع التي يُعتقد أنها لتخزين الأسلحة والقدرات العسكرية، لكن لا يستبعد المراقبون أن تدعم واشنطن عملية برية يقودها الجيش اليمني.

وتعهَّد الجيش الأميركي مواصلة تصعيد الضغط والعمل على تفكيك قدرات الحوثيين بشكل أكبر، ما داموا استمروا في عرقلة حرية الملاحة، مؤكداً تنفيذ أكثر من ألف ضربة من بدء العملية التي أطلق عليها «الفارس الخشن».

وكانت الولايات المتحدة فرضت حظراً على دخول الوقود إلى موانئ سيطرة الحوثيين منذ الخامس من أبريل (نيسان)، ودمرت مقاتلاتها قبل أسبوعين ميناء رأس عيسى النفطي، عندما حاولت الجماعة تحدي قرار الحظر.

هجمات جديدة

في ظل مزاعم الحوثيين أنهم مستعدون لمواجهة «طويلة الأمد» مع الولايات المتحدة، مع تهوينهم من أثر الضربات الجوية على قدراتهم، أعلن المتحدث العسكري باسمهم، يحيى سريع، ليل الأربعاء، شن هجمات جديدة ضد القوات الأميركية وباتجاه إسرائيل.

وادعى المتحدث الحوثي استهداف حاملة الطائرات الأميركية «كارل فينسون» والقطع المرافقة لها في بحر العرب بالطائرات المسيرة، دون أن يؤكد الجيش الأميركي هذه المزاعم.

مجسم لطائرة من دون طيار وضعه الحوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسم لطائرة من دون طيار وضعه الحوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وفي السياق نفسه، ادعى سريع في بيان متلفز تنفذ عملية ضد أهداف عسكرية في منطقة تل أبيب بثلاث طائرات مُسيرة، ومهاجمة هدف حيوي إسرائيلي في منطقة عسقلان بطائرة مُسيرة. ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على هذه الادعاءات.

وتتبنى الجماعة بشكل شبه يومي مهاجمة القوات الأميركية في البحر الأحمر والبحر العربي حيث تتمركز حاملتا طائرات مع القطع الحربية المرافقة، كما تبنت مهاجمة إسرائيل بـ16 صاروخاً وعدد من المسيرات منذ بدء حملة ترمب.

ومنذ انخراط الحوثيين في الصراع البحري والإقليمي بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أطلقوا نحو 200 صاروخ ومسيرة باتجاه إسرائيل، وتسببت هجماتهم البحرية في غرق سفينتين، وقرصنة ثالثة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة وضربة جوية، في عهد الرئيس جو بايدن، بين 12 يناير (كانون الثاني) 2024. و20 يناير 2025. قبل أن تتوقف إثر هدنة غزة المنهارة بين إسرائيل وحركة «حماس».

الجيش الأميركي نفذ أكثر من ألف ضربة ضد مواقع الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس (إ.ب.أ)
الجيش الأميركي نفذ أكثر من ألف ضربة ضد مواقع الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس (إ.ب.أ)

وردَّت إسرائيل على الهجمات الحوثية السابقة في خمس موجات انتقامية، كان آخرها في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ حيث ضربت موانئ ومستودعات وقود ومحطات كهرباء في صنعاء والحديدة، كما طالت الغارات مطار صنعاء الدولي.

ولم تردّ إسرائيل على أي هجمة للحوثيين حتى الآن منذ أطلق ترمب حملته؛ إذ يبدو أنها تركت المهمة للقوات الأميركية التي كثفت ضرباتها على مخابئ سلاح الجماعة وتحصيناتها وخطوط تماسها مع القوات الحكومية.

ويربط الحوثيون توقف هجماتهم بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات، في حين تربط واشنطن وقف حملتها بإنهاء تهديد الجماعة للملاحة.

يُشار إلى أن مسار السلام في اليمن توقف منذ انخراط الحوثيين في التصعيدين البحري والإقليمي، وسط مخاوف أممية من انهيار التهدئة القائمة مع القوات الحكومية لأكثر من 3 أعوام، والعودة إلى جولة أخرى من القتال قد تكون الأكثر عنفاً.