«تحفظ استهلاكي» في منطقة اليورو بدافع التباطؤ ومخاوف كورونا

TT

«تحفظ استهلاكي» في منطقة اليورو بدافع التباطؤ ومخاوف كورونا

أفادت تقديرات رسمية لقطاع تجارة التجزئة الأربعاء بأن المستهلكين في منطقة اليورو اقتصدوا في إنفاقهم في ديسمبر (كانون الأول) رغم موسم أعياد الميلاد، مما يسهم في ضآلة نمو التكتل في نهاية العام الماضي.
وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إن حجم تجارة التجزئة في المنطقة التي تضم 19 دولة تستخدم العملة الموحدة، تراجع بنسبة 1.6 في المائة في ديسمبر عن الشهر السابق عليه، وهو أسوأ نزول في أكثر من عامين، ويقل بكثير عن متوسط توقعات اقتصاديين استطلعت «رويترز» آراءهم لهبوط 0.9 في المائة.
ويسهم النزول الكبير غير المتوقع في مبيعات التجزئة في تفسير النمو المحبط بنسبة 0.1 في المائة، الذي تشير التقديرات إلى أن التكتل سجله في فترة الشهور الثلاثة الأخيرة من 2019 في تباطؤ عن 0.3 في المائة في الربع الثالث. وعلى أساس شهري، انخفضت تجارة التجزئة في ديسمبر في جميع القطاعات عدا المبيعات عبر الإنترنت التي زادت اثنين في المائة.
وفي شأن ذي صلة، قال مسؤول في قطاع صناعة الملابس والأزياء الإيطالي الثلاثاء إن القطاع يتوقع تراجعا في الأرباح بنسبة 1.8 في المائة في النصف الأول من العام الجاري بسبب تفشي فيروس كورونا الجديد الذي سيؤثر على المبيعات، وحذرت شركة صناعة الحلي الدنماركية باندورا من أن الأعمال في الصين وصلت لحد التوقف.
وقالت أيضا بعض أبرز الماركات إنها أغلقت متاجرها في الصين، أكبر سوق في العالم لمنتجات الرفاهة، مما زاد المخاوف من أن القطاع قد يتكبد خسائر فادحة في المبيعات إذا لم يتم احتواء المرض سريعا.
وقال كارلو كاباسا رئيس الغرفة التجارية للأزياء في إيطاليا إن انتشار المرض سيتسبب في انخفاض عائدات القطاع الإيطالي بنسبة 1.8 في المائة في الأشهر الستة الأولى من العام، أغلبه في الربع الأول.
وتأتي إيطاليا في المرتبة الثانية مباشرة لفرنسا بين الدول الأوروبية في مبيعات السلع الكمالية، وبها مقرات علامات تجارية كبرى وشهيرة مثل برادا وأرماني ومونكليه. وحقق القطاع عائدات وصلت إلى 90 مليار يورو في العام الماضي بما يمثل نحو خمسة في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وفقا لبيانات الغرفة التجارية للأزياء في إيطاليا.
وقال كاباسا إن «التأثير الاقتصادي الكامل لا يمكن تقديره بعد، لكن سنكون محظوظين إذا حقق القطاع نموا نسبته واحد في المائة هذا العام».
وغذى المتسوقون الصينيون عقدا كاملا من النمو لقطاع سلع الكماليات ويسهمون اليوم بنحو 35 في المائة من المبيعات العالمية للقطاع بما قدرت شركة (باين آند كو) الاستشارية قيمته العام الماضي بنحو 281 مليار يورو.
لكن انتشار فيروس كورونا تسبب في وضع مناطق في الصين تحت الحجر الصحي وفي وقف الرحلات الجوية منها وإليها، كما ألغى الكثير من الصينيين رحلاتهم للخارج حتى أثناء عطلة العام القمري الجديد التي تعد ذروة موسم البيع في الصين والخارج.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة باندورا ألكسندر لاسيك لـ«رويترز» الثلاثاء: «أجلس هنا وأراقب الأعمال في الصين والأجواء في حالة جمود»، ووصف الأوضاع بأنها انخفاض حاد «غير مسبوق» في الأعمال لشركته.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.