في بيتنا مصمم: سهام الهبطي.. مصممة سرقها القفطان المغربي من علم البصريات

في بيتنا مصمم: سهام الهبطي.. مصممة سرقها القفطان المغربي من علم البصريات
TT

في بيتنا مصمم: سهام الهبطي.. مصممة سرقها القفطان المغربي من علم البصريات

في بيتنا مصمم: سهام الهبطي.. مصممة سرقها القفطان المغربي من علم البصريات

برز اسم سهام الهبطي في عالم تصميم الأزياء التقليدية المغربية بعد مشاركتها في تظاهرة «القفطان»، التي تقام في مدينة مراكش سنويا. منذ أول مشاركة أثارت إليها الانتباه بوصفها مصممة واعدة ومبدعة في مجال لا يتقنه سوى المتمرسين.
قبل ذلك، درست سهام في فرنسا وتخصصت في علم البصريات، لكنها بعد عودتها إلى المغرب، قررت أن تغير طريقها وتدخل عالم الأزياء التقليدية. لم تأتِ هذه النقلة بالصدفة، فقد ورثت حب المهنة من والدتها، التي لا تزال تعمل مصممة أزياء تقليدية. تقول سهام: «مجال الأزياء لم يكن غريبا عليّ، لأني تنفسته منذ الصغر وعشت في أجوائه، وما شجعني أكثر أني أتمتع بموهبة الرسم وقدرة على التلاعب بالألوان». عندما أخذت سهام قرارها، لم تمانع والدتها، بل على العكس، شجعتها، على شرط أن تعزز هذه الرغبة بالدراسة، وهذا ما فعلته، حيث انخرطت في أحد المعاهد الكندية بالدار البيضاء لدراسة فن تصميم الأزياء.
بعد التخرج، لم تكن بدايتها متواضعة، كما هو الأمر بالنسبة لمعظم المصممين الشباب؛ فمن المحاولة الأولى، أتيحت لها فرصة المشاركة في التصفيات الأولية في أكبر مظاهرة لعرض الأزياء بالمغرب، وهي مظاهرة خاصة بـ«القفطان»، ويتابعها الملايين من عشاق هذا الزي. وبالفعل، توجت مشاركتها في التصفيات النهائية بالنجاح، وكانت إنجازا كبيرا، لأن المنافسة كانت شرسة بين 18 مصمما وقع الاختيار على 3 منهم فقط للمشاركة في التظاهرة.
وعن تجربتها الأولى في عرض القفطان، تقول سهام: «وجودي بجانب أمي في معظم عروضها، علمني الكثير وساعدني على أن أتعامل مع أول عرض لي بثقة كبيرة. لم أكن متوترة أو خائفة فكل ما يحدث وراء صالة العرض كان أمرا مألوفا بالنسبة لي».
أهم ما يميز أسلوب سهام أن كل قفطان تنجزه يأتي بتصميم فريد يجمع الابتكار من حيث قصته بالأصالة التقليدية التي تحرص فيها على التطريز التقليدي اليدوي. من خلال تجربتها الشخصية، تعرف تماما أن ما يظهر رائعا على عارضات ممشوقات القوام، قد لا يبرز إيجابيات امرأة بمقاييس عادية، لهذا تفخر بأن قفاطينها تخاطب كل نساء العالم، بغض النظر عن الطول والوزن والشكل.
وتعيد الفضل إلى عشقها للهندسة المعمارية المغربية تحديدا، التي ساعدتها على إبداع قصات عملية. وتعترف بأن العمارة المغربية، بكل روافدها الثقافية وتفاصيلها الدقيقة، تزخر بالجمال الذي تستلهم منه الكثير. في آخر تشكيلة قدمتها، مثلا، اعتمدت فيها زخارف السقوف الخضراء التي تميز البنايات المغربية القديمة، وكانت إضافة جديدة أثارت الكثير من الاستحسان.
لهذا لم يكن غريبا أن يصل صيتها إلى أوروبا وأفريقيا والعالم العربي، بدليل أنها كانت الممثلة الوحيدة للمغرب في أسبوع الموضة بباريس «world fashion week»، لعام 2013. كما قدمت عروضا في أفريقيا، اختيرت من خلالها سفيرة للفن والثقافة، إضافة إلى عروض في بلجيكا ولبنان.
كما ارتدت تصاميمها فنانات مثل ماجدة الرومي، أصالة، نوال الزغبي، باسكال مشعلاني، شيرين، داليا البحيري، فضلا عن فنانات أجنبيات، مثل الممثلة التركية «توبا بويوكستون»، المعروفة باسم «لميس»، بينما كان الممثل «جمال سليمان» من أهم من ارتدوا تصاميمها الرجالية.
ومع ذلك، فإن طموحاتها كبيرة، كذلك اهتماماتها الشخصية، التي لا تقتصر على تصميم الأزياء، بل تتعداها إلى كتابة الأغاني التوعوية ذات الطابع الإنساني، حول أمراض القلب والملاريا والسلام، إضافة إلى حرصها على المشاركة في الأعمال الجمعوية والخيرية لفائدة الأطفال.
لكن يبقى حلمها الكبير أن ينال «القفطان» المغربي حقه، بوصفه قطعة تُعرض في أسابيع الموضة العالمية، وليس في مناسبات خاصة بالأزياء التقليدية فقط، مشيرة إلى أنه يتطلب عملا أكبر بكثير من الفساتين العصرية، سواء فيما يخص التصميم أو تنفيذ التفاصيل الكثيرة باليد.



7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
TT

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

منذ 6 سنوات، اختارت الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس، الشهر العاشر من السنة لكي يكون مناسبة متجددة للاحتفال بالمصممين الناشئين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهي مبادرة باتت عالمية، اسمها «فاشن تراست آرابيا»، هدفها اكتشاف المصممين الصاعدين ودعمهم مادياً ومعنوياً ولوجيستياً. فإلى جانب مبالغ مالية مهمة تتراوح بين 100 ألف و200 ألف دولار، يتلقون تدريبات في بيوت أزياء عالمية، وتفتح لهم منصات ومحال عالمية مثل «هارودز» أبوابها لتستعرض إبداعاتهم أمام زبائنها.

من الفائزين بجوائز هذا العام (خاص)

هذا العام كانت الجوائز من نصيب 7 مشاركين، هم نادين مسلم من مصر في جانب الأزياء الجاهزة، وياسمين منصور، أيضاً من مصر عن جانب أزياء السهرة، في حين كانت جائزة المجوهرات من نصيب سارة نايف آل سعود ونورا عبد العزيز آل سعود ومشاعل خالد آل سعود، مؤسسات علامة «APOA) «A Piece of Art) من المملكة العربية السعودية.

أما جائزة الإكسسوارات، فكانت من نصيب ريم حامد من مصر، وجائزة فرانكا سوزاني، وتقدر بـ50 ألف دولار، للموهبة الصاعدة سيلويا نزال وهي فلسطينية - أردنية، بينما حصلت بتول الرشدان من الأردن على جائزة Fashion Tech، وكل من زافي غارسيا وفرانكس دي كريستال على جائزة البلد الضيف: إسبانيا.

شكَّل قصر البديع خلفية رائعة في ليلة من الأحلام والتاريخ (خاص)

لم يفز أي مغربي في هذه الدورة، باستثناء المصمم شرف تاجر مؤسس علامة «كازابلانكا» الذي حصل على جائزة شرفية بوصفه رجل أعمال. لكن فازت مراكش بالجائزة الكبرى بلا منازع. كانت المضيف والضيف القوي في الوقت ذاته. حضورها كان طاغياً وجمالها آسراً تجلى في مبانيها وقدرات حرفييها على تحويل الأحجار إلى لوحات فنية سواء في زخارف الجدران أو جص الأسقف أو فسيفساء الأرضيات، فضلاً عن فخامة الأبواب. ليست مبالغة إن قلنا إنها، أي مراكش، سرقت الأضواء وألهبت وسائل التواصل الاجتماعي. كانت خير تغيير للدوحة، البلد الأم. فالفعالية التي شهدت الدوحة ولادتها منذ 6 سنوات واحتفلت فيها لحد الآن بكل نسخها السابقة، بما فيها اثنتان؛ الأولى افتراضية بسبب جائحة «كورونا» وما ترتب عليها من منع السفر، والأخرى أُلغيت بسبب أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) في العام الماضي، وما ترتب عليها من حالة نفسية لم تفتح النفس على الاحتفال. ومع ذلك فإن إلغاء السفر لم يحرم الفائزين من أخذ فرصهم. فقد تسلموا جوائزهم ونالوا نصيبهم من التدريب والتطوير بفضل التكنولوجيا.

صورة جماعية تظهر فيها الأميرة لالة حسناء والشيخة مياسة وتانيا فارس مع الفائزين لعام 2024 (خاص)

هذا العام، ولأول مرة، تخرج الفعالية من مسقط رأسها. جاء اختيار مراكش، تزامناً مع العام الثقافي «قطر - المغرب 2024»، وهي مبادرة تقود التبادل الثقافي وتشجع الحوار القائم على الخبرات المشتركة في شتى الفنون. وبما أن «الموضة لغة فنية» كما قال النجم المصري أحمد حلمي، منشط الحفل لهذا العام، كان من الطبيعي أن تُفكر «فاشن تراست آرابيا» في المشاركة في هذه الفعالية بكل قوتها، وهكذا على مدى 3 أيام و3 ليالٍ، شهدت المدينة حركة ربما تعوّدت عليها منذ سنوات طويلة، إلا أنها اكتسبت جمالية أكبر هذه المرة نظراً لنوعية الضيوف. فقد نجحت «فاشن تراست آرابيا» في أن تجمع في نفس المكان والزمان نجوم السينما ووسائل التواصل الاجتماعي والعارضات العالميات بصناع الموضة، لتكتمل الخلطة.

كارلا بروني والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي حضرا الحفل (خاص)

فليس جديداً أن تجذب مراكش النجوم وصناع الموضة. تشدهم للاستقرار فيها أو لقضاء إجازاتهم أو إقامة مناسباتهم المهمة فيها، بدليل أن إيف سان لوران كان من عشاقها كذلك المصمم المخضرم روميو جيلي وغيره ممن استقروا فيها. الجديد أن «فاشن تراست آرابيا» كشفت لمَن سمعوا عنها ولم يُسعفهم الحظ بزيارتها من قبل خباياها وأسرارها الكامنة في معمارها الفريد وديكورات بيوتها العريقة وقصورها التاريخية وألوان صحاريها.

ماي ماسك والدة إيلون ماسك في الحفل (خاص)

يوم توزيع الجوائز، كان قصر البديع واحداً من هذه الأماكن. فيه تم استقبال الضيوف وتسليم الجوائز. كل ركن فيه كان يعبق بالتاريخ والحرفية، من أبوابه الخشبية إلى مياهه وهيبة أسواره التي تحكي كل طوبة بُنيت بها قصة وإنجازات بطولية. كل هذه التفاصيل شكلت خلفية رائعة لم يستطع الحضور المتميز، بدءاً من كارلا بروني إلى إيشا أمباني، ابنة الملياردير موكيش أمباني، رئيس شركة ريليانس أو ماي ماسك، والدة إيلون ماسك وغيرهن، منافستها بريقاً.

الأميرة لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس (خاص)

حضور الأميرة المغربية لالة حسناء الحفل وتقديمها جائزة «فاشن تراست آرابيا» للفائزة في فئة أزياء السهرة، ياسمين منصور، كان له مفعول السحر، لأنه وبكل بساطة وضع المكان في إطاره التاريخي المهيب، باستحضاره جلسات الملوك والأمراء وهم يحتفلون بالنجاحات والإنجازات بعد كل انتصار. كان واضحاً أن علاقتها بالشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني قوية وفخرهما بكل ما هو عربي ومغربي واضح. اختارت الأميرة قفطاناً عصرياً طُرِّز بالأصالة الممزوجة بالمعاصرة. بفخامة هادئة أبدعتها أنامل «معلم» محترف، لم يحتج إلى أي تطريزات براقة ومبالغ فيها. الشيخة المياسة بدورها استعملت لغة دبلوماسية راقية؛ حيث ارتدت فستاناً بتفاصيل مبتكرة من تصميم المغربي محمد بن شلال، الذي فاز بجائزة «فاشن تراست آرابيا» عام 2021 عن فئة أزياء المساء والسهرة. منذ ذلك الحين، وهو ينتقل من نجاح إلى آخر إلى حد أن أميرات أوروبا وملكة هولندا، ماكسيما، يعتمدن تصاميمه في المناسبات الرسمية والخاصة.

إنجازاته بعد حصوله على الجائزة لا تترك أدنى شك بأن الفعالية ليست مجرد حفل كبير يلتقي فيه النجوم بقدر ما هي جادة في أهدافها وتحمسها للمصممين العرب. وهذا ما تؤكده تانيا فارس، مؤسسة «فاشن تراست» التي بعد مسيرة طويلة في العمل مع مجلس الموضة البريطاني وغيره، تدعم مصمميها الشباب، رأت أن الوقت حان لتصوب أنظارها نحو المنطقة العربية. تقول: «انتبهت أننا لا نفتقر إلى المواهب، كل ما نفتقر إليه هو منصات وجهات تدعمها وتُخرج ما لديها من إمكانات ومهارات». وهكذا شكَّلت مع الشيخة المياسة ثنائياً ناجحاً، لا سيما أن وجهات النظر واحدة كذلك الأهداف.