تركيا أرسلت 4000 مقاتل بعضهم ينتمي لـ«داعش» و«القاعدة» إلى ليبيا

اشتباكات مستمرة بين قوات حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي جنوب العاصمة طرابلس (أ.ب)
اشتباكات مستمرة بين قوات حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي جنوب العاصمة طرابلس (أ.ب)
TT

تركيا أرسلت 4000 مقاتل بعضهم ينتمي لـ«داعش» و«القاعدة» إلى ليبيا

اشتباكات مستمرة بين قوات حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي جنوب العاصمة طرابلس (أ.ب)
اشتباكات مستمرة بين قوات حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي جنوب العاصمة طرابلس (أ.ب)

ترسل تركيا متشددين سوريين ينتمون إلى جماعات مثل تنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش» للقتال في ليبيا نيابة عن حكومة الوفاق الوطني، حسب ما صرح به قائدان في ميليشيات ليبية و«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.
ورغم أن بعض الأطراف الليبية تتلقى دعماً من دول معينة. لكن ما تفعله تركيا غير مألوف، فأنقرة التي دربت ومولت مقاتلي المعارضة في سوريا، تقوم في الأشهر الأخيرة بنقل المئات منهم إلى مسرح حرب جديد للحرب في ليبيا.
وتسيطر حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج على مناطق «تتقلص» في غرب ليبيا، منها العاصمة طرابلس. وتواجه القوات والميليشيات التابعة لهذه الحكومة هجوماً منذ أشهر من قبل قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر التي تريد السيطرة على العاصمة وتحريرها.
وقال قائدان في الميليشيات الليبية الموجودة بطرابلس لدعم حكومة السراج لوكالة «أسوشييتد برس» إن تركيا جلبت أكثر من 4000 مقاتل أجنبي إلى طرابلس، وإن «العشرات» منهم ينتمون إلى جماعات متطرفة.
وتحدث القائدان لـ«أسوشييتد برس» شريطة عدم الكشف عن هويتهما. وسلطا الضوء على الآراء المختلفة داخل الميليشيات الليبية حول قبول المتطرفين السوريين في صفوفهم. حيث قال أحدهما إن «خلفيات المقاتلين ليست مهمة، ما داموا جاءوا للمساعدة». فيما قال الآخر إن بعض القادة يخشون أن «يشوه» المقاتلون الأجانب صورة الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها.
بدوره، صرح رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأنه تم رصد ما لا يقل عن 130 من مقاتلي «داعش» أو «القاعدة» ضمن ما يقرب من 4700 مرتزق سوري أرسلتهم تركيا لدعم السراج.
ومن المعروف أن المقاتلين المدعومين من تركيا في شمال سوريا فيهم من سبق له أن قاتل مع تنظيمات «القاعدة» و«داعش» وغيرهما من الجماعات المسلحة الإرهابية، وبعضهم ارتكبوا فظائع ضد الجماعات الكردية والمدنيين السوريين.
وأدانت الأمم المتحدة مراراً إرسال أسلحة ومقاتلين أجانب إلى ليبيا، لكنها لم ترد مباشرة على التقارير والاتهامات من جانب الجيش الوطني الليبي بأن حكومة السراج وتركيا تستخدمان «متطرفين مرتبطين بتنظيمي «داعش» والقاعدة» كمرتزقة في ليبيا.
كما لم تؤكد تركيا أو تنفي أنباء إرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا لدعم السراج، ولم يرد قادة الجيش التركي على مكالمات وكالة «أسوشييتد برس» للتعليق.
ونقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مقاتل سوري، من محافظة إدلب، قوله إنه تقدم بطلب للسفر إلى ليبيا، مشيراً إلى أن الإغراءات المالية التي تقدمها تركيا «كانت الدافع وراء طلبه السفر إلى ليبيا».
وأشارت إليزابيث تسوركوف، زميلة معهد أبحاث السياسة الخارجية في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا الأميركية، والتي تتابع عن كثب الجماعات المسلحة السورية، إلى أن الوعود المادية أو الجنسية التركية أو تسهيل السفر إلى أوروبا تظل الدوافع الرئيسية للمقاتلين السوريين الذين تم إرسالهم إلى ليبيا.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.