اتفاق ليبي على تحويل الهدنة إلى «وقف دائم لإطلاق النار»

المسماري: حكومة السراج دفعت مليون دولار لكل قائد فصيل سوري يقاتل معها

المبعوث الأممي غسان سلامة خلال المؤتمر الصحافي في جنيف حول الأزمة الليبية أمس (د.ب.أ)
المبعوث الأممي غسان سلامة خلال المؤتمر الصحافي في جنيف حول الأزمة الليبية أمس (د.ب.أ)
TT

اتفاق ليبي على تحويل الهدنة إلى «وقف دائم لإطلاق النار»

المبعوث الأممي غسان سلامة خلال المؤتمر الصحافي في جنيف حول الأزمة الليبية أمس (د.ب.أ)
المبعوث الأممي غسان سلامة خلال المؤتمر الصحافي في جنيف حول الأزمة الليبية أمس (د.ب.أ)

بدا غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، أمس متفائلا بنتائج اجتماعات «اللجنة العسكرية المشتركة» في مدينة جنيف السويسرية، بين الطرفين المتناحرين بالبلاد، معلناً أن المشاركين «وافقوا على مبدأ تحويل الهدنة الهشة إلى وقف دائم لإطلاق النار». وفي غضون ذلك، قال «الجيش الوطني» إن مقاتلاته شنت سلسلة غارات جوية أمس على مواقع «استراتيجية» بالقرب من مدينة مصراتة (غرب)، تابعة لميليشيات حكومة فائز السراج.
وأبلغ المبعوث الأممي لدى ليبيا الصحافيين خلال اليوم الثاني من المحادثات، التي عقدت أمس بين ممثلين عن «الجيش الوطني» وحكومة السراج، أن هناك «إرادة حقيقية لبدء التفاوض» بينهما، بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وقال: «لقد تم تبني المبدأ من الجلسة الأولى. ويتعلق الأمر الآن بتحديد شروطه... بدأنا أمس المناقشات معهم... سعيا لجعل الهدنة قابلة أكثر للصمود، وأقل عرضة للانتهاك من الطرفين».
وبعدما اعتبر أن «هناك إرادة حقيقية لأن يجلس الطرفان سويا ويبدأ التفاوض»، أضاف موضحا «حتى الآن عقدنا جلسات منفصلة لكلا الطرفين. لكني متأكد أن الوقت سيحين كي يجلس الطرفان سويا». لكن سلامة لفت مع ذلك إلى أن الطرفين ينتهكان حظر السلاح، وأن المرتزقة لا يزالون يتدفقون على ليبيا بحرا وجوا.
ونقل مصدر لـ«الشرق الأوسط» عن أحد المشاركين في اجتماعات جنيف أن الطرفين ناقشا في اللقاءات الجانبية العمل على تعزيز وقف إطلاق النار، واستمرارية جهود توحيد الجيش الليبي، بالإضافة إلى رفض وجود أي قوة أجنبية على الأراضي الليبية.
وقال مصدر قريب من المحادثات أيضا لـ«الشرق الأوسط» إن وفد «الجيش الوطني» طالب بإنهاء أي وجود عسكري، أو أمني لتركيا في العاصمة طرابلس، وإعادتها للمرتزقة الموالين لها، والتي أرسلتهم للقتال إلى جانب حكومة السراج.
وكشف محمد البرغثي، وزير الدفاع الليبي الأسبق، لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن فرض السرية على الاجتماعات يرجع إلى رغبة وفد حكومة السراج في تفادي التعرض لأي ضغوط من زعماء الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس لإفشال الاجتماعات، وعدم التوصل إلى اتفاق. وقال بهذا الخصوص: «شخصيا لا أتمنى أن تحدث هدنة قبل السيطرة على الميليشيات ونزع أسلحتها. لكن ربما يتم اتفاق بتوحيد الجيش، وحل الميليشيات ونزع أسلحتها، مع التنازل بإعطاء ضمانات بعدم ملاحقتهم»، معتبرا أن ذلك ما يتمناه الجميع لحقن الدماء، ووقف الاقتتال بين الليبيين.
لكن التفاؤل بمصير محادثات جنيف سرعان ما اصطدم بالتطورات الميدانية على الأرض، حيث شنت أمس قوات الجيش الوطني سلسلة غارات جوية على مواقع في بلدة أبو قرين الاستراتيجية قرب مدينة مصراتة (غرب)، تابعة لميليشيات حكومة السراج، التي عززت قواتها ومواقعها.
وأكد اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني» التزامه بوقف إطلاق النار في غرب ليبيا، مشدداً على أن «القوات على أهبة الاستعداد» للرد على أي خرق في أي ساعة، متهما تركيا مجددا في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، بإرسال نحو 6 آلاف مرتزق من سوريا إلى ليبيا، في خطة تهدف إلى إرسال 18 ألف مرتزق.
وطبقا للمسماري توجد عشرة فصائل سورية في طرابلس، تضم «مرتزقة سوريين وعراقيين وليبيين وأفارقة وأجانب، إضافة إلى ضباط مخابرات أتراك». وقدم المسماري قائمة بأسماء قادة المرتزقة السوريين في ليبيا، موضحا أن حكومة السراج دفعت مبلغ مليون دولار لكل قائد فصيل سوري مقاتل في ليبيا.
وبعدما عرض أدلة قال إنها تدل على «تورط» الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في دعم الإرهاب بالبلاد، عبر دعم وإنشاء مجموعات إرهابية وشركات أمنية، قال المسماري إن إردوغان أنشأ شركة أمنية تحولت إلى ذراع لتنظيم الإخوان من أجل تنفيذ عمليات إرهابية في ليبيا، مشيرا إلى أن إردوغان «أصبح يدير شبكة إرهابية دولية من خلال هذه الشركة».
ومع أنه قال إن قاعدة معيتيقة بالعاصمة طرابلس تحولت إلى قاعدة تركية بشكل شبه كامل، وتمثل الإرهاب والجريمة، بعد أن كانت قاعدة تمثل الشرف والعزة الليبية، أكد المسماري أن التزام «الجيش الوطني» بوقف إطلاق النار يأتي لإعطاء فرصة للحل السلمي، وتعرية تركيا أمام المجتمع الدولي.
وقالت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني، في بيان مقتضب، أمس، إن مقاتلاته استهدفت آليات عسكرية تابعة لميليشيات مصراتة في منطقة البغلة، الواقعة جنوب منطقة زمزم، وتحديداً في الطريق الرابط بين منطقة زمزم والجفرة، دون توضيح حجم الخسائر البشرية والمادية.
وقبل هذه الغارات، تحدثت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج عن وصول تعزيزات عسكرية من طرابلس ومصراتة على حدود منطقة أبو قرين، التي يسودها الهدوء الحذر بعد اشتباكات متقطعة أول من أمس، وفقا لما أعنه مسؤول ميداني لوسائل إعلام محلية.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.