وليد جنبلاط: سأعطي فرصة لحكومة دياب رغم وجود عناصر تابعة للنظام السوري

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه سيواجه عون منفرداً ويستبعد إمكانية الإصلاح في عهده

وليد جنبلاط: سأعطي فرصة لحكومة دياب رغم وجود عناصر تابعة للنظام السوري
TT

وليد جنبلاط: سأعطي فرصة لحكومة دياب رغم وجود عناصر تابعة للنظام السوري

وليد جنبلاط: سأعطي فرصة لحكومة دياب رغم وجود عناصر تابعة للنظام السوري

من موقعه الجديد في المعارضة، للمرة الأولى منذ العام 2005 يقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط «وحيدا» ومترقبا المرحلة المقبلة، فهو يميل إلى إعطاء حكومة الرئيس حسان دياب «فرصة» على الرغم مما يرى فيها من عناصر تابعة للنظام السوري - اللبناني الأمني الذي كان قائما، ومن جهة أخرى يترقب مواجهة مرتقبة مع عهد الرئيس ميشال عون الذي يرى جنبلاط أنه لا مجال للتعاون معه بعد اليوم، وحمل جنبلاط في حواره مع «الشرق الأوسط» على سياسات صهر عون، رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل.
ويرى جنبلاط أنّ لبنان يقع اليوم بين العقوبات والضغوط، من جهة هناك الولايات المتحدة، ومن جهة ثانية هناك ردة فعل إيران وحلفائها، ووسطهما الحراك. وبحسب رئيس «الاشتراكي» فالحراك رافض للواقع والفساد والحكومة والنظام، وهو على حقّ، ولكنه لم يصل بعد إلى كيفية الوصول إلى تغيير النظام، والطريق الوحيد لتغييره يكون عبر نظام انتخابي حديث خارج القيد الطائفي وعلى أساس لبنان دائرة انتخابيّة واحدة. ولتخفيف مخاوف الملل المتعددة والطوائف يمكن إنشاء مجلس شيوخ.
ويعتبر جنبلاط أنّ ردة فعل بعض المواطنين ضد المصارف لم تكن عفوية من دون أن ينكر وجع الناس من احتجاز أموالها في هذه المصارف. وفي هذا السياق يقول: «ردة الفعل كانت مسيرة، وبعضها كان عفويا، ونحن ننتظر الإجراءات التي قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إنه سيتخذها لتسهيل خدمة الناس»، مضيفا: «بعض المصارف، وبعض الموظفين داخلها يتصرف بشكل أرعن تجاه المودع الذي لا علاقة له بهذا الصراع الأميركي الإيراني».
ويذكّر جنبلاط في هذا الصدد بما قاله الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بصراحة «جارحة» للمواطن العادي، ويقول: «نصر الله قال إن ماله وسلاحه من إيران وحتى إذا وصلت الدولة اللبنانية إلى حال إفلاس، فيستطيع ويملك الإمكانات الكافية من أجل ضمان جماعة الحزب. وفي كلامه بعض المبالغة، لأن الانهيار سيطال الجميع. لا بد من جرأة وعلى هذه الحكومة أيا كانت توصيفاتها أن تتخذ إجراءات حاسمة خاصة فيما يتعلق بإصلاح قطاع الكهرباء الذي يشكل 40 في المائة من العجز».
ويعتبر جنبلاط أنّ كل هذا لا يمكن تحقيقه أو تحقيق قسم منه إلا من خلال قضاء مستقل، ويتساءل: «هل يمكن في ظل هذه الطبقة السياسية وهذا النظام السياسي المنحاز وهذه الحكومة شبه اللون الواحد أن تأتي بقضاء مستقل؟». ويرى أنّ قسما من المطالب محق وقسما منه معقد مثل موضوع محاسبة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة، موضحا أنّ ما يمكن استعادته منها الأملاك البحرية عبر تغريم المعتدين عليها وإدانتهم قضائيًا ولا بد من اعتماد الضريبة التصاعدية.
في موضوع الخروج من الحكومة يقول جنبلاط: «طالبت الشيخ سعد الحريري في بداية الحراك بالاستقالة وكانت لديه معطيات مختلفة. تضامنا معه وخرجنا سويا ونحن اليوم أكثر حرية»، ويضيف «صحيح أن ضررا كبيرا لحق بنا جرّاء خروجنا المتأخر من الحكومة، شريحة من الحزبيين وغير الحزبيين لم تفهم قراري بعدم الخروج بعد 17 تشرين (أكتوبر)، وأتحمل مسؤولية القرار».
ولا يعتقد جنبلاط أنّه يمكن التعاون مع العهد «خاصة أن لون هذا العهد فاقع في الثأر»، ويقول: «قبل الحراك رأينا ما حدث معنا في الجبل في البساتين وقبر شمون وكيف استطعنا أن ننجو بأعجوبة، هناك ضغوطات محلية وغير محلية ساعدت وربما أدراك الرئيس عون في لحظة معينة بأن سياسة صهره مدمرة لكن هذه ومضة إدراك في ظل تراكم سياسي. وهذه الحكومة وكأننا أمام حكومة تعود بنا ببعض رموزها ووزرائها الذين جاءوا من بعض رموز النظام الأمني الذي كان سائدا عام 2005، النظام الأمني السوري المشترك كي نكون أكثر وضوحا.
وفيما خصّ البيان الوزاري يعتبر جنبلاط أنّه ليس المطلوب بيان وزاري يكون «إنشائيا» يتضمن عبارة «سنقوم وسنقوم»، المطلوب خاصة لوقف التدهور ووضع سكة العهد على خطى مقبولة، خطوات إصلاحية جدية بدءا من قطاع الكهرباء، ويضيف «هذا كان المطلب الدولي وبالتحديد الفرنسي في خطة (سيدر) أتتنا فرص ذهبية، فالكويتيون عرضوا منذ سنوات (من خلال صندوق التنمية الكويتي) بناء معامل كهرباء والإشراف على التنفيذ ورفضنا، أتت شركة (سيمنز) ورفضنا، وأتى على ما أعتقد عرض فرنسي ورفضناه، فقط لأن سمة الذين يتحكمون بمفاصل وزارة الطاقة هي عدم الجدية والانتهازية، فهؤلاء يفضلون البقاء على توليد الكهرباء من خلال السفن التي أعتقد أنها أصبحت مولدات إضافية لأصحاب وزارة الطاقة أو الذين يتولون شؤون وزارة الطاقة».
ويرى جنبلاط أنّ وزارة الطاقة اليوم هي عبارة عن «وزير ومدير عام من دون مجلس إدارة» فقد تم رفض كل محاولات سعد الحريري بإقامة الهيئة الناظمة ومجلس إدارة «لا يريدون رقابة على أنفسهم لأنهم يتصرفون بكل حرية». ويعتبر جنبلاط أنّه في ملف الكهرباء يمكن الحديث عن «فساد كبير». ويقول: «الحملة المفتوحة على السياسيين ليست شاملة بل انتقائيّة، لا أسمع بحملة كافية على العهد بل الحملة موجهة على سعد الحريري ونبيه بري ووليد جنبلاط، الحراك الأول سمى جبران باسيل، اليوم لا أرى هذا الأمر ثم كيف يتم الإصلاح بوجود هذا العهد؟ هذا سؤال أساسي».
وفي سؤال حول ما إذا كانت مشكلته مع العهد أو مع رئيس الجمهورية يجيب جنبلاط أنّ «سعد الحريري ظنّ أنه قد يستطيع أن يحيّد رئيس الجمهورية ويتعاطى معه لكنه فشل مع الأسف، فهناك فريق عمل إلى جانب الرئيس مخيف، ليس المهم أن ندخل في التسميات لكن هناك الفتاوى القضائية والسياسية من فريق العمل المتعدد والمتنوع والرئيس يستجيب لهذه الفتاوى».
وهل الطريق مقفلة في ظلّ وجود هذا العهد، سؤال يجيب عنه جنبلاط بالقول: «لا تزال هناك 3 سنوات، حاول الحريري دبلوماسيا وفشل، وسنرى ماذا تبشر هذه الحكومة الجديدة.
مررنا بفترات محاربة العهود، إميل لحود حاربناه، انقسمت بيروت وانقسمت الساحات وأتى 7 أيار (مايو) لكن الوضع الاقتصادي كان مقبولا، أما اليوم فالوضع مختلف، لذلك نتحرك كالسائر على حبل»، مضيفا «من باب معرفتي بالعهد ورموزه سابقا وحاليا وبالوضع الاقتصادي أركز على الوضع الاقتصادي، كيف نستطيع أن نخرج من هذه الأزمة، آخذين بعين الاعتبار أن ما من أحد سيأتي لينقذنا، آخذين بالاعتبار أيضا أن رفيق الحريري لم يعد موجودا وأن جهود باريس 1 وباريس 2 وباريس 3 أعطت ثمارها، فكان يأتي الحريري بودائع أعطت ثمارها بالسياسة للتعويض عن الخسائر الداخلية، لكن حتى في تلك اللحظة لم تكن هناك خطوات جدية لإقامة اقتصاد لبناني منتج بكل أسف».
وبالعودة إلى الحكومة يصرّ جنبلاط على وصفها بالمفخخة ولكن «فيها عناصر إيجابية»، ويقول: «أنا أعطيتها وقتا ولكن في الوقت نفسه أنا في المعارضة، لا نعطي الثقة ولكن نحضر الجلسة. وقلت وطلبت أن يستقبل رئيس الوزراء، وأعلم أن هناك حظر سياسي عليه لكن على الأقل محاولة». وعن الأطراف المعارضة الأخرى يؤكّد جنبلاط: «أنا أعارض وحدي وعلى طريقتي، الحزب يعارض على طريقته لن نعود لأحلاف قديمة كي لا ينغش البعض لن نعود إلى 14 آذار (مارس)، ظروف 14 آذار شيء وظروف اليوم شيء آخر»، مضيفا: «اتفقنا على التنسيق مع تيار المستقبل، ومع الآخرين لكل حادث حديث، حاليا لا يوجد شيء».
وفي تعليقه على حديث رئيس «القوات» سمير جعجع لـ«الشرق الأوسط» حين قال: «التقدمي الاشتراكي والمستقبل والكتائب يفضلون التعاطي مع القوات على طريقة (نحب بعضنا من بعيد لبعيد) دون تنسيق مباشر»، قال جنبلاط: هذا الكلام غير دقيق، لأننا نسقنا سويا، اتصل بي جعجع بعد بداية الحراك، وكان هناك تواصل بشكل يومي معه أو مع السيدة جعجع، وكان يلح بأن أطلب من الشيخ سعد الحريري أن يستقيل، لكن جوابي كان دائما وبصيغ مختلفة دبلوماسيا بأنني لن أطلب منه هذا الشيء لأن وقفتي الأولى كانت التضامن مع الشيخ سعد وبقيت حتى آخر لحظة متضامنا معه».
وفيما إذا كان يواجه منفردا يقول جنبلاط: «بالوقت الحالي أنا أواجه وبالقدرة الموجودة لدي منفردا نعم»، مواجهة للصمود وليس للتغيير وهنا يقول جنبلاط: «إذا خرج صوت التغيير من وليد جنبلاط نعود إلى 2005 عندما طالبت بالتغيير في عهد إميل لحود ماذا حدث؟ حتى رحمة الله عليه البطريرك السابق مار نصر الله بطرس صفير والنائب بطرس حرب آنذاك عارضا، وأعتقد بهيج طبارة عارض أيضا، جميعهم عارضوا، هذا من المحرمات بكل أسف».
في ظلّ هذا الواقع ماذا يمكن أن نفعل وما مصلحة لبنان ببقائه ساحة صراعات؟ يجيب جنبلاط: «لا يمكننا أن نفعل شيئا لسبب بسيط وهو غياب كيان عربي موحد وتنسيق عربي، ولا جامعة عربية، وغزو العراق سمح للجمهورية الإسلامية بالامتداد والنظام السوري بتركيبته الفئوية والمذهبية سهّل كثيرا للجمهورية الإسلامية بالوصول إلى لبنان».
ويضيف «كم كلّفت تلك الحرب من مليارات العرب، ظن العرب أن صدام حسين هو خالد بن الوليد، انهزم ثم أتت أميركا تحت حجّة سخيفة أنه يملك صواريخ تدمر العالم ولم يكن لديه شيء، منذ تلك اللحظة عام 2003 تغير كل الهلال الخصيب هلال أنطون سعادة ووصلنا إلى ما وصلنا إليه، هذه المرة الرابعة أو الخامسة في التاريخ التي تصل فيها (فارس)، أفضل كلمة فارس التي هي اليوم الجمهورية الإسلامية، إلى حدود البحر الأبيض المتوسط».
وعن الدور الروسي في لبنان يرى جنبلاط أنّ هذا الدور لم يتقدّم معتبرا أنّه على الروس «التقدم عمليا في لبنان» ويقول: «شكلت في الماضي لجنة، لكنها كانت على الأقل لجنة رسمية بين الدولة اللبنانية والدولة الروسية حول إعادة اللاجئين، والسؤال إلى أين سيعودون؟ إلى أي سوريا؟ فهل يستطيعون العودة إلى القصير وحمص ومحيط الشام؟».
ويعتبر جنبلاط أنّه إذا كان لا بد من خطوات ملموسة من روسيا فهي «استئجار قسم من مصفاة طرابلس»، موضحا أنّه من الخطأ استخدام كلمة مصفاة «لأن ليس هناك مصفاة بل مصفاة مدمرة لم يبق منها شيء، واستأجرها أحد رجال الأعمال اللبنانيين الذي يخص روسيا والذي نال وسام استحقاق من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ شهر».
وفي هذا الإطار يقول جنبلاط: «يجب على الروس إصلاح تلك المصفاة وإبعاد رجال الأعمال، وأهلا وسهلا بأن يستفيد لبنان من مصفاة جديدة عبر عقد جديد بين الدولة اللبنانية والدولة الروسية، ونستطيع أن نجلب النفط الذي كان يأتي إلى تلك المصفاة من كركوك عبر سوريا، وبوتين يعطي أمرا للرئيس السوري بشار الأسد و(بيمشي الحال)، أو نفط أو غاز من روسيا، هذا هو الغاز الروسي وصل عبر تركيا إلى البحر الأبيض بعيدا عن التجارة».
ويكشف جنبلاط أنه سبق وفي إحدى المناسبات على العشاء «طلب من السفير الروسي وديعة روسية واليوم وضع الاقتصاد الروسي مقبول، والودائع النقدية لديها من الذهب والدولار وغيره كبيرة جدا. فليعطونا وديعة مشروطة بإصلاح».
وفيما خصّ صفقة القرن يرى جنبلاط أنه ليس هناك أي خطر على لبنان، فالخطر فقط هو «بروز أصوات معهودة ومعروفة ومتعصبة تتحدث عن موضوع التوطين والتي سمعناها منذ 50 عاما وأكثر». ويقول: «ليس هناك الحجم الكبير الفلسطيني الكبير في لبنان والذي يقال عنهم 500 ألف، أعتقد الأونروا أعطت رقم ما بين الـ170 ألفا و180 ألفا، لأن من يستطيع من هذا الشعب المنكوب أن يهاجر سيهاجر. كانت عنصرية ضد الفلسطيني وأصبحت ضد السوري، لا يوجد خوف إلا أن مصلحة اللاجئين الأونروا، أعتقد أن أميركا أوقفت تمويلها واللاجئون في لبنان وفي سوريا في الضفة وغزة سيعانون أكثر».
ويؤكد جنبلاط أنّه مع إعطاء اللاجئ الفلسطيني في لبنان حقوقه، مذكرا أن كمال جنبلاط وفي العام 1959 أهدى «الأونروا» أرضا مساحتها 60 ألف متر مربع في سبلين لإقامة مدرسة مهنية لا تزال موجودة، وأنه هو أعطى للمؤسسات مساحة 10000 متر مربع قرب الأونروا للفلسطينيين لأنهم في عين الحلوة لم يعد لديهم مكان لدفن أمواتهم. وقال: «حينها أخبرني سفير الأونروا في لبنان عن المأساة فكانت المبادرة مني أقل واجب، كانوا يدفنون أمواتهم على الأسطح في عين الحلوة التي مساحتها الفعلية كيلومتر مربع، إلا أن الذين يعيشون في القصور لن يروا ذلك».
يتحدث جنبلاط عن مشروع التقسيم عام 1947 ويقول: «عارضه العرب ورفضوه، أعتقد أنه كان هناك نية نظريا لإقامة دولتين، الرئيس ياسر عرفات ارتكب الخطأ، لكن عرفات كان يريد أن يهرب من الأنظمة العربية، فلسطين هي النكبة والشعب الفلسطيني كان منكوبا من الصهيونية والأنظمة العربية وخاصة الأنظمة التقدمية، وعانينا بسببها في لبنان من الحروب». والآتي أعظم، لأن إسرائيل ستمارس هوية الدولة، وبالتالي سيزداد خطر الترانسفير أكثر من أي وقت مضى.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».