«انتفاضة فبراير» تجدّد الخلافات بين مؤيدي القذافي وأنصار الثورة

هاشتاغ «قهاير» يُغضب «الثوار» وسط تزايد حالة من الكراهية

TT

«انتفاضة فبراير» تجدّد الخلافات بين مؤيدي القذافي وأنصار الثورة

لم تصرف المعارك الدائرة على حدود العاصمة طرابلس، اهتمامات الليبيين السياسية عن توجيه سهام النقد اللاذع لـ«الانتفاضة»، التي أطاحت بالرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011 أو الدفاع عنها لكن هذه الذكرى تأتي هذا العام على خلفية انقسام حاد مشحون بـ«الكراهية والتلاسن» بين الفريقين.
وأسقطت مظاهرات عمت أنحاء البلاد نظام العقيد القذافي، قبل ثمانية أعوام لتنهي قرابة 40 عاماً من حكمه، انقسم حولها الليبيون بين من يصفها بـ«الاستبداد والديكتاتورية»، ومن يرى أن البلاد عاشت خلالها عهداً من «الاستقرار والعزة على كل المستويات أثناء حكم القذافي».
وقُبيل موعد اندلاع (الثورة) في السابع من فبراير (شباط) الجاري، اشتعلت مبكراً وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي، دعماً لها أو ذماً وهجاءً، وسط انتشار (هاشتاغات)، أغضبت الموالين للثورة في عموم البلاد، في وقت اتهمت فيه بعض القنوات الفضائية داخل ليبيا وخارجها بتغذية الكراهية والانتقام بين مختلف الأطياف بالبلاد.
وقال الناشط المدني حامد سويسي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «ذكرى ثورة (فبراير) مناسبة عزيزة على قلوب كثير من الليبيين»، باعتبارها «يوم الخلاص من نظام استبدادي، حكم البلاد بالحديد والنار والظلم طيلة أربعة عقود».
في المقابل، يرى التيار الذي كان يؤيد القذافي في نجله الأكبر سيف الإسلام عوضاً عنه، ويؤكدون على دوره السياسي في أي انتخابات رئاسية مقبلة، على اعتبار أنه «الأجدر لقيادة ليبيا، وتحقيق المصالحة الوطنية المطلوبة».
ووجه سوسي، الذي ينتمي إلى الجنوب، انتقادات لاذعة للعهد الماضي، بقوله: «القذافي أرسى دعائم الفساد والجهل طيلة عقود طويلة... لكن لأسباب كثيرة، من بينها انتشار السلاح والتدخلات الدولية و(الثورة المضادة)، جعلت ما جاء بعدها صراعا ودمارا وخسائر بشرية ومادية».
وأمام سيل الانتقادات المواجهة للنظام السابق، وصف مصطفى الزائدي، أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية «ثورة» فبراير بأنها «مؤامرة»، وقال إن «(الفبرايريين) يدّعون أنها وفرت مساحة من حرية التعبير وممارسة الديمقراطية أمام الليبيين»، وتساءل: «هل يوجد أي قدر من المصداقية في ذلك الآن؟ وماذا عن أعداد المعتقلين طيلة (سنوات النكبة) لأسباب تتعلق بالاختلاف السياسي والتعبير عن الآراء؟». في إشارة إلى السنوات الثماني الماضية، التي أعقبت سقوط النظام السابق. وتابع متسائلا: «هل من بين متطلبات حرية التعبير ممارسة إجراءات قمعية ضد المخالفين، ربما أقلها تفتيش هواتف المواطنين على الهوية لاحتمال احتوائها على مواد لا تتفق مع مؤيدي فبراير؟». ومضى الزائدي يقول إن «حرية التعبير لا يجب أن تُختصر في القدرة على توجيه السباب لمرحلة (ثورة الفاتح) وقيادتها».
وسبق لرئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني توجيه انتقادات للقذافي وعهده، وقال إنه «هو من أوصل ليبيا إلى ما هي فيه الآن من تهميش للمواطنين، وتخلف في مجالات عدة»، وهو ما أثار غضبة واسعة بين مؤيديه، مما اضطره للعدول عنها.
التحيز لـ«فبراير»، أو الوقوف ضدها، دفع عددا من الليبيين إلى نشر (هاشتاغات) لدعم موقفهم السياسي، إذ قال فرحات الدينالي، رئيس قسم التكاليف‏ بشركة الجوف للتقنية النفطية‏: «هلا ومائة هلا فبراير»، ورأى أنه «بعد نهاية ثماني سنوات وبداية السنة التاسعة، أيقنت فعلاً أن (فبراير) نكبة، لكن على أنصار القذافي».
لكن الشيخ على مصباح أبو سبيحة، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن المنطقة الجنوبية، رد بنشر (هاشتاغ) قال فيه: «جلا فبراير... سئمنا من القهاير»، وهو ما أثار غضبة كثير من متابعيه، وخاصة بين فئات الشباب.
وتفاعل رواد التواصل الاجتماعي مع هذه الذكرى، رغم تصاعد وتيرة الحرب على العاصمة طرابلس بين «الجيش الوطني»، وقوات حكومة «الوفاق»، وفقدان الآلاف ما بين قتيل ومصاب ونازح. وقال مواطن رمز لاسمه بـ«نوار»: «سنحتفل رغم الفقر، ورغم كل شيء... تحيا ليبيا حرة... ورفرف يابو نجمة وهلال... دفعنا فيك دم رجال». في إشارة إلى علم البلاد الذي اتخذته ليبيا بعد سقوط القذافي. وانتهى «نوار» إلى أن «ثورة فبراير باقية وتتمدد».
غير أن إبراهيم حامد بن جريد، رأى أن القضية ليست في سبتمبر (أيلول) أو (فبراير)، بل في المتشدقين في كلا الطرفين، الذين يدّعون الوطنية ويوزعون الصكوك على أبناء الوطن، معرباً أن أمنياته أن يتوحد الجميع على أهداف وطنية حقناً للدماء هذا العام.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».