المغرب يرفض التعليق على تقرير إسرائيلي: مواقفنا عقلانية

مصادر في تل أبيب تتحدث عن عرض علاقات على الرباط مقابل اعتراف أميركي بالسيادة على الصحراء

TT

المغرب يرفض التعليق على تقرير إسرائيلي: مواقفنا عقلانية

رفض وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، التعليق على التقارير الصحافية الإسرائيلية التي تحدثت عن مقايضة المغرب بقضية الصحراء، واشتراط فتح سفارة لإسرائيل في الرباط مقابل اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء.
وقال بوريطة، أمس، في تصريح صحافي على هامش مناقشة لجنة الخارجية بمجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان)، لقانوني ترسيم الحدود البحرية، الذي كان منتظراً أن يصادق عليه مساء: «لا يمكنني أن أعلق على الصحافة»، في تشكيك واضح منه بمصداقية ما نشرته الصحافة الإسرائيلية حول الموضوع. وزاد بوريطة: «اسألوا الأطراف التي كانت وراء الموضوع»، رافضاً إبداء أي موقف واضح من المسألة، التي عدها بعض المستشارين البرلمانيين في اللجنة «ابتزازاً خطيراً للمغرب».
وبشأن موقف المغرب من «صفقة القرن» التي طالب بعض المستشارين وزير الخارجية المغربي تقديم توضيحات أكثر بشأن موقف الرباط الذي وصفوه بـ«الملتبس»، قال بوريطة: «قضية الصحراء المغربية هي القضية الأولى للمغرب، ولا ينبغي أن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين»، معبراً عن استغرابه من انتقادات المغاربة للحكومة، «في الوقت الذي أشادت السلطة الفلسطينية بالموقف المغربي من صفقة القرن». وقال بوريطة: «ينبغي أن نثق في دبلوماسية بلادنا، ومن الصعب أن يقول الفلسطيني شكراً، والمغربي غير راضٍ». وشدد على أن الموقف المغربي واضح بشأن القضية الفلسطينية، مشدداً على أن الفلسطينيين لهم الحق في التعبير عن مواقفهم، والمغرب يدعمهم في ذلك.
يذكر أن التقرير الإسرائيلي المذكور، نشر بعد يوم واحد من نشر تقرير في موقع «إنتليغنس أونلاين» الفرنسي، يدعي أن المغرب اقتنى من إسرائيل 3 طائرات استطلاع مسيّرة، الأسبوع الماضي، بموجب صفقة عسكرية مع إسرائيل قيمتها 48 مليون دولار. ونشر موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية نداءات إلى رجال الأعمال المغاربة يدعوهم إلى الاستثمار في إسرائيل. وقال رئيس دائرة مصر والمغرب العربي في الخارجية الإسرائيلية، ليئور بن ديفيد، إن نحو نصف مليون شخص من المغرب يتابعون موقع وزارته في مختلف الشبكات الاجتماعية.
وكانت مصادر سياسية وإعلامية في تل أبيب ذكرت أن الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، عرضت على المغرب صفقة سياسية بالشراكة مع الإدارة الأميركية، تحصل بموجبها المغرب على اعتراف أميركي بالسيادة المغربية على الصحراء، مقابل تطبيع العلاقات المغربية - الإسرائيلية.
وقالت هذه المصادر في تقرير تلفزيوني للقناة «13» الإسرائيلية، إن 3 مصادر أميركية وإسرائيلية أكدت لها هذه الأنباء، وأوضحت أن المساعي الإسرائيلية لم تحقق نتائج بعد، لكنها مستمرة. وادعت أن العرض الإسرائيلي الأول في هذا الصدد، طرحه نتنياهو نفسه خلال حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في سبتمبر (أيلول) 2018؛ حيث التقى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
وقال التقرير إن تنظيم اللقاء بين نتنياهو وبوريطة، تم عبر قنوات الاتصالات السرية التي أنشأها رئيس مجلس الأمن القومي في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، مئير بن شبات، ورجل نتنياهو الخفي المكلف بنسج علاقات وطيدة مع الأنظمة العربية والمعروف باسم «معوز» (الحصن). وقد أدار هذه الاتصالات رجل الأعمال الإسرائيلي ذو الأصول المغربية، ياريف إلباز، المقرب كذلك من صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومستشاره الأول جاريد كوشنر. وتعرقلت هذه الاتصالات بداية بسبب الخلافات الحادة التي نشبت في إسرائيل بين مجلس الأمن القومي الإسرائيلي وجهاز الموساد برئاسة يوسي كوهين، الذي لم يعلم بتلك الخطوات، واعتبرها تجاوزاً وتعدياً على صلاحيته. لكن نتنياهو حسم الخلاف لصالح بن شبات ومعوز. فتوجها إلى الإدارة الأميركية وأقنعاها بالفكرة.
وقد سعى نتنياهو إلى إعلان هذه الصفقة قبيل الانتخابات البرلمانية التي خاضها في أبريل (نيسان) الماضي، لتصب في سلسلة إنجازاته الدبلوماسية للاستفادة منها، غير أن تسريبات ظهرت في وسائل الإعلام حينها حول زيارة سرية لبن شبات إلى المغرب، أحبطت هذه المساعي. وعاد مساعدو نتنياهو لتكرار المحاولة في الانتخابات الإسرائيلية التالية التي جرت بعد 5 أشهر، في سبتمبر الماضي، إلا أن مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأميركي، جون بولتون، عارضها بشدة وأحبطها.
وقال التقرير إن الحكومة المغربية غير مرتاحة من طريقة السلوك الإسرائيلي، ويسود لديها شعور شديد من الفجوة بين وعود نتنياهو ورجاله والنتائج العملية على الأرض. وعبروا عن رفضهم إبرام صفقة كهذه، تزامناً مع حملة الانتخابات الإسرائيلية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم