الفن الألماني الشرقي السابق يغزو الساحة الفنية في ألمانيا الموحدة

عمل فني من ألمانيا الشرقية
عمل فني من ألمانيا الشرقية
TT

الفن الألماني الشرقي السابق يغزو الساحة الفنية في ألمانيا الموحدة

عمل فني من ألمانيا الشرقية
عمل فني من ألمانيا الشرقية

تعرض المتاحف في أنحاء ألمانيا (الموحدة) أعمالاً فنية تعود لألمانيا الشرقية سابقاً، بعد مرور 3 عقود على انهيار حائط برلين. ويرى خبراء أن مدخلاً جديداً للتعامل مع الفن الذي يعود إلى تلك الحقبة الزمنية يعدّ بمثابة قوة دفع لتجديد الاهتمام بهذا الفن. ويبدو أن الزمن قد رجع إلى الوراء في معرض مدينة درسدن للفنون الذي يعج بلوحات خطتها أنامل فنانين، مثل ماتور وهيسيج وسيته، وهي أسماء يألفها من هم على دراية بالأعمال الفنية التي تعود إلى ألمانيا الشرقية سابقاً. ولفترة طويلة من الزمن، كان الاهتمام بمثل هذه الأعمال محدوداً داخل ألمانيا وخارجها، ولكن عندما قام أمناء متاحف بتجميع أعمال تعود لفنانين من ألمانيا الشرقية السابقة، كان ذلك بغرض عرضها في معارض خصصت حصرياً لها. وكان ينظر لهذه الأعمال بمعزل عن الأعمال الفنية التي أبدعها ألمان غربيون، حسبما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ).
ولكن هذا يتغير تدريجياً، وهي مسألة وقت، بحسب ما يذكره يورجن دانييل، من مركز لايبنيتس للتاريخ المعاصر في مدينة بوتسدام الألمانية. وقال دانييل: «يتعين علينا التوقف عن وضع ملصقات تصنيف، والتحرك صوب إقامة معارض تركز على موضوعات معينة، حيث من الطبيعي أن تحتضن هذه المعارض لوحات أو رسومات لفنانين من ألمانيا الشرقية السابقة».
وأشار دانييل إلى أن فناني، ألمانيا الشرقية السابقة لم يتوقفوا عن الرسم في عام 1990 عقب انهيار حائط برلين ومن ثم يتعين النظر إلى أعمالهم الفنية على أنها تواكب عجلة الزمن، وفي إطار سياقات أخرى تتعلق بالموضوعات التي تتناولها.
وقال جيسبرت بورستمان، مدير معرض الفنون بمدينة درسدن: «بالنسبة لبعض الزوار، هذه الأعمال الفنية مألوفة، أما بالنسبة لآخرين، فهي بمثابة اكتشاف جديد».
ويعرض متحف كونستبالاست بمدينة دوسلدورف الألمانية في الوقت الحالي أعمالاً فنية من ألمانيا الشرقية السابقة يطلق عليها «عالم الخيال والزوال: الفن في ألمانيا الشرقية السابقة».
وقال شتيفن كراوتسيج: «الفضول والانتقاد سمة البشر، وهم يناقشون الفن ويكتسبون المعرفة به»، مضيفاً: «ربما مر وقت كافٍ، ليتمكن الناس من إلقاء نظرة هادئة على الموضوع، من دون شخصنته أو التعامل معه بعاطفة. وظل مثل هذا الاهتمام موجوداً لفترة أطول في مدن ألمانيا الشرقية السابقة مثل لايبتسيج وروستوك وبرلين، من خلال عرض الأعمال الفنية من المنطقة في معارض مؤقتة أو دمجها في معارض دائمة». وهناك قليل من التأخر في ألمانيا الغربية السابقة «حيث لا تزال الذاكرة الثقافية منقسمة إلى قسمين»، بحسب كراوتسيج.
ويرى كراوتسيج أن هناك جيلاً جديداً من «أمناء المتاحف الذين يبدون اهتماماً أو ينتهجون نهجاً نقدياً تجاه الموضوع، ولم يروا على الإطلاق الأعمال الفنية الأصلية». وهناك كثير من هواة اقتناء الأعمال الفنية من ألمانيا الغربية السابقة المتخصصين في هذا الفن.
ويرى كراوتسيج أن المتاحف متأخرة قليلاً في هذا الصدد، وقال إن النظرة إلى معرض دوسلدورف كانت إيجابية، وتابع: «هناك اهتمام، وإثارة ومحادثات ومناقشات نقدية». وبالنسبة لكثير من الزوار الذين اعتبروا التنوع الذي تم تحقيقه في الشطر الآخر من ألمانيا بمثابة إلهام، مثل الحصول على المعرفة الخاصة بالخلفية والأساليب المختلفة. وتابع بالقول إن الحديث عن الفنانين والموضوعات، وليس عن ألمانيا الشرقية أو الغربية، يجعل الأمور أكثر طبيعية بعض الشيء.
وقال بورستمان إن أمناء المعارض والمتاحف في درسدن يريدون أيضاً أن يتمكن الزائرون من إلقاء نظرة نقدية على العمل الفني من وجهة نظر الحاضر، بهدف التأمل و«النظر بشكل مختلف في الدوافع والأفكار التي كان لها تأثير عميق على الأشخاص في ذلك الوقت».
وفي مدينة درسدن، ثارت مناقشات حامية عن كيفية التعامل مع الفن الذي يعود لألمانيا الشرقية السابقة بعدما اتهم أحد مؤرخي الفن معرض البيرتنيوم للفن الحديث بنقل بعض الأعمال الفنية من أماكن عرضها إلى المخازن.
وقال بورستمان: «كان هناك حديث بشأن صور ليست ضمن مقتنيات المتحف على الإطلاق، وقد تم عرضها لإبراز فن ألمانيا الشرقية السابقة. واستعاد معرض درسدن 34 عملاً من الأعمال الفنية لفترة زمنية محدودة، وكان ذلك بمثابة تجربة».
وقال كراوتسيج: «في درسدن أيضاً، يريد أمناء المعارض والمتاحف أن يكون من الطبيعي أن ينظر المشاهدون إلى العمل الفني الذي تم إنتاجه في المنطقة مدمجاً في الفن الألماني ككل بدلاً من عرضه على نحو منفصل». وأعرب كراوتسيج عن أمله في التخلص من التصنيفات والملصقات. ويهدف المعرض في مدينة دوسلدورف إلى أن يكون بمثابة خطوة أولى نحو مساعدة الأشخاص على مواكبة الفن واكتساب المعرفة الخاصة به وإعداد الآخرين في المستقبل لينظروا بشكل مثالي للأعمال الفنية التي يتم تنظيمها وفقاً للموضع، من دون الحاجة إلى القول ما إذا كانت أعمالاً لفنانين من شرق ألمانيا أو من غربها. وبحسب كراوتسيج، يبدي بعض الناس في غرب ألمانيا اهتماماً برؤية الأعمال الفنية لفنانين لا يعرفونهم، بينما يوجد في الشرق اهتمام ومعرفة ودراية بالفنانين.
وأوضح كراوتسيج، وهو يعود بذاكرته إلى الوراء: «كان يتعين على الشرق أن يلحق بالركب فيما يتعلق بالفن على الساحة الدولية منذ عام 1990. ولكن يتعين على غرب ألمانيا الآن أن يلحق بركب الفن في شرق البلاد». وأعرب دانييل عن أمله في ألا يكون الاهتمام بسكان وثقافة ألمانيا الشرقية السابقة توجهاً عابراً. وقال إن القضايا المطروحة على الساحة الفنية قد تغيرت. وفي المستقبل، سيعتمد الأمر على نحو كبير على ما إذا كان يمكن عرض الأعمال الفنية في سياقات مختلفة، أم لا.
وأشار كراوتسيج إلى الحاجة في شرق ألمانيا إلى إعادة النظر في الفن الذي نشأ في ظل النظام السابق، والحاجة أيضاً إلى إظهار اهتمام في الغرب ببحث هذه المسألة.
وقال متحدث باسم وزارة الثقافة الألمانية: «الفن في ألمانيا الشرقية كان أيضاً بمثابة زلزال هز المجتمع»، مضيفاً: «هذا النقاش له قيمة ويثري حياتنا الفنية، إنه جزء من التراث الثقافي لبلدنا».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.