أدباء وشعراء وباحثون رواد يردون على رسائل القارئات

أدباء وشعراء وباحثون رواد يردون على رسائل القارئات
TT

أدباء وشعراء وباحثون رواد يردون على رسائل القارئات

أدباء وشعراء وباحثون رواد يردون على رسائل القارئات

يضم كتاب «هموم نساء مصر بين يدي رواد النهضة» الذي أعده وجمع وثائقه الشاعر المصري محمد الحمامصي، وصدر حديثاً عن مؤسسة أروقة للنشر، ثلاثاً وثلاثين رسالة كتبها شباب وفتيات في ذلك الزمن البعيد، وصفوا فيها مشكلاتهم وهمومهم التي يعانون منها، ويطلبون حلاً لها، أو طريقاً للخلاص من أزماتهم، كان ذلك ضمن باب «مشكلة الأسبوع» في مجلة «الاثنين» الصادرة عن مؤسسة دار الهلال العريقة، ويأخذ هذا الباب فرادته من كونه وثيقة ذات بعد تنويري تعكس جانباً مهماً من صورة المجتمع في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، كما أن الذين يردون على مشكلات القراء كانوا رموز الفكر والإبداع في ذلك الزمان، ومنهم على سبيل المثال الكاتب توفيق الحكيم، والشاعر إبراهيم ناجي، والممثل زكي طليمات، وعباس محمود العقاد، ومحمد فريد وجدي، وإبراهيم عبد القادر المازني، ومحمود تيمور، وزكي طليمات، وإبراهيم المصري ومحمد عبد القادر حمزة، والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، ومحمد زكي عبد القادر، ومحمد صبري، وعلي أدهم، وسليمان نجيب، وشوكت التوني المحامي وآخرون، وبقدر تنوع المبدعين، تنوعت الردود والحلول وأدوات الإقناع التي كان يدفع بها المبدعون الذين تصدوا للردود وإضاءة الطريق للقراء بتنوع قناعاتهم ووجهات نظرهم.
لم تقتصر موضوعات «مشكلة الأسبوع» على الهموم العاطفية والاجتماعية المتعلقة بالزواج، والعشق وهجرة الأحباب، بل تعدت إلى الشكاوى الباحثة عن حلول لمعاناة نفسية، فنجد أحد قراء المجلة، يرمز لاسمه بالحروف أ.ت.غ، (21 عاماً) يبعث رسالة يعرض فيها شكواه من ألسنة الناسِ وسخريتهم منهِ حدّاً جعله يشعر بالخجلِ، فيزداد ضعفه وتصيبه التعاسة. كانت قامته طويلة تبلغ 190 سنتيمتراً، لكنه هزيل، تضربُ الأمثال بنحافة جسدهِ، وتنتدب المجلة للرد عليه الكاتب إبراهيم المصري أحد كتاب مصر في الثلاثينات، ورأس تحرير مجلة «الهلال» لفترة، وهو رائد القصة النفسية كما يطلق عليه، وأحد الكتاب المهتمين بسيكولوجية العاطفة، بخاصة قضايا المرأة. يبدو المصري في ردِّه على السائل كأنه طبيب نفسي، أو مختص في الطب الرياضي، حيث يرشده إلى أن يستعين بالمقويات، ويدعوه إلى تجاوز عوارض الحساسية والخجل فهي من آثار ضعفه، أما تردي حالته النفسية فيشير إلى أن سببها اعتلال صحته، وعليه أن يهتم بتقوية جسمه؛ إذ إن هناك علاقة وثيقة بين الجسم والنفس.
وفي موضع آخر، يمكننا رصد التباين الواضح بين رأي الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي ورأي الكاتبة أمينة السعيد في قضية امرأة تقول إنها بعد وفاة عجوز تركية عملتْ لديها، تزوجت ابنها الأعمى ذا الخمسة والعشرين عاماً الميسور، وأنجبت منه طفلة، وهي تحبه ويحبها، لكنها تخشى أن يرتد إليه بصره فيهجرها؛ لأن وجهها احترق في حادثة وهي صغيرة، وما زالت آثار تلك الحادثة ظاهرة عليه، فتخشى أن يراها ويتركها، ولا سيما بعد أن أشار عليه أحد أطباء العيون بالسفر إلى أميركا لإجراء عملية جراحية.
وفي رده، ينصحها ناجي بأن تتركه أعمى حتى لا يرى الدنيا على غير ما تخيل وهو ضرير وتتغير أحواله ونظام معيشته، ليوصيها صراحة: «أن تجعله يعدل عن إجراء العملية، بدعوى أخطار السفر واكفهرار الحالة الدولية، وعدم ضمان نجاح مثل هذه العمليات»، أما السعيد فيأتي ردها حافلاً بالإنسانية والمسؤولية والتحريضِ على الواجب الذي يقتضي ضرورة تشجيع الزوج على إجراء العملية وعدم حرمانه من بصره.
رأي السعيد هنا لا يقل إنسانية عن ردِّ محمود تيمور على شاب اكتشف أن حبيبته بكماء، يقول له «لم يقف البكم أو العمى في يوم من الأيام حائلاً دون الزواج، وقد يجد الرجل من السعادة الحقة مع البكماء أو العمياء ما لا يجده مع المفوهات المبصرات، وإني أرى في إقبالكم على الزواج من هذه الفتاة البكماء الحزينة ما يدعوني لأن أجلّكم وأقدّركم، فأنتم من هذه الفئة القليلة التي تحمل بين جنبيها قلباً ينبض بعاطفة إنسانية عالية». وعلى الرغم من نصيحة تيمور، فإنه يدعو الشاب في نهاية الإجابة للتريثِ والأناة وبحث الموضوعِ مع الأهلِ الرافضين لهذه الزيجة، إما أن يقنعهم أو يقنعوه، فتيمور، في زعمهِ، جاهل بالحجج التي يستند إليها أهل الشابِ، وهل بينها حجج قوية أو لا، كما أنه يخشى أن تكون هذه الرغبة وليدة الحب الجامح فقط؛ فإنَّ هذا الحب سرعان ما يولي بعد الزواجِ بقليلٍ، ومن ثم تبدأ مشاهدة القضية على ضوء جديد يدعو إلى الندمِ والأسف، حيث لا ينفعان، فيقع الزوج والزوجة في محذورِ الطلاق.
وفي الكتاب يمكن ملاحظة الكثير من تنوع ردود الكتاب من زوايا مختلفة وقناعات متعددة، تصل إلى التناقض أحياناً، فعلى نمط آخر يأتي رد الدكتور زكي مبارك، على سائل شكا حيرته، وتساءل ماذا يفعل حين اكتشف أنَّ والد زوجته هو من قتل أخاه منذ زمن، وأصابه هو بجرح في كتفه، فيخاطبه مبارك بقوله: أنا يائس منك لأن خطابكَ يشهد بأنكَ تحترم تقاليد الجاهلية.
كان توفيق الحكيم أكثر من كتب ردوداً، فله في الكتاب أربعة ردود، كان أحدها موجهاً من امرأة إليه شخصياً عندما وجهت له ما كان عنوانه «خطاب مفتوح إلى الأستاذ توفيق الحكيم... إلى عدوي وعدو بنات جنسي رقم 1»، وتتحداه أن يلتمس ًعذراً للرجل المصري في هجرانه بيته، وفي رده يرى الحكيم أن فرار الزوج من المنزل سببه الزوجة، وأن وظيفة المرأة الوحيدة هي الرجل. وهو ينصح أخرى في رد آخر على الزواجِ من قريبها بدلاً من طبيب منقطع أحبته في حالها ولم يعد إليها. وفي رد ثالث يرجّح الحكيم للرجل إذا اجتمعت في باله فتاتان عند الزواج أن يرجِّح من يميل إليها قلبه.



رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.