مشروع قانون «حراس الليل» يفجر جدلاً في تركيا

تساؤلات عن سعي إردوغان لإنشاء ميليشيا شبيهة بـ«الحرس الثوري» الإيراني

البرلمان التركي
البرلمان التركي
TT

مشروع قانون «حراس الليل» يفجر جدلاً في تركيا

البرلمان التركي
البرلمان التركي

أثارت مناقشة البرلمان التركي حول مشروع قانون لتسليح «حراس الليل» في المدن الكبرى جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية التركية، التي أعلنت رفضها له، وعبّرت عن مخاوفها من أن يتحول هؤلاء الحراس، وهم أشخاص غير مؤهلين، إلى ميليشيا موازية لقوات الأمن يديرها الحزب الحاكم، وأن يُستخدموا أداة لتقييد حرية المواطنين.
ووافقت لجنة الشؤون المحلية بالبرلمان التركي على 9 مواد من مشروع قانون تقدم به حزب العدالة والتنمية الحاكم بشأن تعيين حراس الأسواق والأحياء، وهم مدنيون تتولى تعيينهم وزارة الداخلية التركية، وتختارهم من بين الموالين للحزب الحاكم فقط.
وبحسب مشروع القانون، يمكن للحراس خلال ساعات وأماكن عملهم توقيف السيارات والسؤال عن هوية المواطنين، كما تخول لهم السلطة نقل أي سيدة أو طفل يتعرضون للعنف أو خطر التعرض لاعتداءات لأقرب وحدة أمنية. كما ستكون لهم صلاحية استخدام السلاح ومعاونة سلطات إنفاذ القانون.
وعبّر سياسيون وكتّاب عن قلقهم تجاه مشروع القانون. وقال النائب السابق بحزب العدالة والتنمية مصطفى ينار أوغلو إن «السلطات الممنوحة للحراس خاطئة جداً»، مضيفاً عبر «تويتر»: «مجالات التنفس في المجتمع تزداد ضيقاً يوماً بعد يوم، فإعطاء سلطات الشرطة، مثل استخدام الأسلحة، والتوقيف، والبحث والتفتيش عن الهوية، في يد أشخاص لم يحظوا بتعليم أو تدريب كافٍ؛ سيؤدي إلى انتهاكات صارمة لحقوق الإنسان».
وقال نائب حزب الشعب الجمهوري، سزجين تانري كولو، إن حزب العدالة والتنمية «أنشأ قوة ميليشيا محلية، تتألف من أعضائه تحت اسم الحراس. والآن يعطي سلطة التدخل في الحريات في أي وقت باسم الأمن. ويتم تنفيذ شؤون أمن الدولة من خلال الموظفين المدنيين».
وطرحت الكاتبة صدف كاباش عدداً من التساؤلات حول أسباب إنشاء قوة أمنية من مواطنين يعملون بالليل، قائلة: «أصبح الحراس هم الشرطة الآن... دعنا نسأل بوضوح لماذا تحتاج الحكومة إلى كثير من أفراد الشرطة؟... من سوف تحميه سلطة الحماية (المسلحة) الممنوحة للحراس؟ هل الأمن الحقيقي قائم في البلاد على السلاح أم الأمان والسلام؟!».
وكان نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم محمد موش تقدم في يناير (كانون الثاني) الماضي بمشروع قانون، من 18 مادة، إلى البرلمان من شأنه زيادة سلطات الحراس، يمنحهم سلطة على الأحياء والأسواق وصلاحية سؤال المواطنين عن هوياتهم، وكذلك منحهم سلطة التفتيش القضائي، إلى جانب دعمهم للمواطنين. ويحق للحراس في حالة نشوب شجار بين المواطنين احتجازهم وإخبار قوات الأمن بهم.
وكان الحراس يعملون في وقت سابق مع أفراد الأمن، ومن ضمن اختصاصاتهم التدخل لحظة ارتكاب الجريمة أو التدخل مع المجرمين بعد ارتكاب الجرائم، ويحافظون على الأدلة في مسرح الجريمة، لضمان عدم ضياعها، أو إخفائها.
وفي الثاني من يناير الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: «لقد وصلنا إلى نقطة يمكننا فيها ضمان أمن مدننا والحفاظ على النظام داخل قوات الشرطة، وفي مواجهة هذا الوضع الجديد، نحتاج إلى تطوير أساليب جديدة».
وبعد ذلك، طرح حزب العدالة والتنمية مشروع قانون حراس الليل في الأحياء والأسواق بالمدن الكبرى على البرلمان. وقال الخبير الأمني أحمد يايلا، الذي عمل في السابق مديراً للأمن في تركيا قبل إقالته من وظيفته عقب تحقيقات الفساد والرشوة في نهاية العام 2013 التي اعتبرها إردوغان محاولة من حليفه السابق وخصمه الحالي فتح الله غولن وحركة الخدمة التابعة له للإطاحة به، إن أحداً لم يكن يعرف معنى ما قاله إردوغان.
وكتب يايلا، المقيم حالياً في أميركا، والذي يدرس مادة مكافحة الإرهاب في جامعة «جورج واشنطن»، في مقال لصحيفة «ذا إنفستيجيتيف جورنال» البريطانية إن «إردوغان بصدد اختطاف جمهورية تركيا الحديثة وإلغائها تماماً لتذوب وتتحول إلى جمهورية إسلامية مماثلة لإيران، لكنها سنية المذهب».
من جانبه، تساءل الكاتب أحمد طاقان، مستشار الرئيس التركي السابق عبد الله غل، عمَّا كان يعنيه إردوغان بإنفاذ قانون «وقف الشباب والتعليم» (تورجيف) التابع لعائلته، أو «جيش سادات»، (في إشارة إلى منتسبي شركة سادات الخاصة للأمن التي أسسها المستشار السابق لإردوغان للسياسة الخارجية العميد المتقاعد عدنان تانري فيردي)، فـ«جيش سادات» يعمل قوة أمنية احتياطية لإردوغان، وهو يشارك بنشاط في تسليح وتدريب المنظمات الإرهابية في سوريا وشمال أفريقيا، وفقاً لمسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
وقارن طاقان تركيا في وضعها الراهن بألمانيا النازية في عام 1936. وأشار إلى مقطع فيديو تم تسريبه من طلاب الشرطة يتعهدون فيه بالانتقام، هاتفين: «فليكن الثأر أبدياً». قائلاً: «هذا ثأر لإردوغان وليس لتركيا».
وعبّر مفكرون وكتّاب عن مخاوفهم من مساعي إردوغان لإنشاء جيش أو ميليشيا خاصة على غرار «الحرس الثوري» في إيران للعمل على حماية نظامه.



التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
TT

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

تم اختيار مراقب من الأمم المتحدة لقيادة تحقيق خارجي في مزاعم سوء سلوك جنسي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وفقا لما علمته وكالة أسوشيتد برس أمس الثلاثاء.

ومن المرجح أن يثير هذا القرار مخاوف تتعلق بتضارب المصالح نظرا لعمل زوجة المدعي العام السابق في الهيئة الرقابية.

وقدم خان تحديثات حول التحقيقات الحساسة سياسيا التي تجريها المحكمة في جرائم حرب وفظائع في أوكرانيا وغزة وفنزويلا، وغيرها من مناطق النزاع خلال اجتماع المؤسسة السنوي هذا الأسبوع في لاهاي بهولندا. لكن الاتهامات ضد خان خيمت على اجتماع الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة الجنائية الدولية.

فقد كشف تحقيق لوكالة أسوشيتد برس في أكتوبر (تشرين الأول) أنه بينما كان خان يعد أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، كان يواجه في الوقت ذاته اتهامات داخلية بمحاولة الضغط على إحدى مساعداته لإقامة علاقة جنسية معها، واتهامات بأنه تحرش بها ضد إرادتها على مدار عدة أشهر.

وفي اجتماع هذا الأسبوع، قالت بايفي كاوكرانتا، الدبلوماسية الفنلندية التي تترأس حاليا الهيئة الرقابية للمحكمة الجنائية الدولية، للمندوبين إنها استقرت على اختيار مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، حسبما أفاد دبلوماسيان لوكالة أسوشيتد برس طلبا عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة المحادثات المغلقة.

وأعربت منظمتان حقوقيتان مرموقتان الشهر الماضي عن قلقهما بشأن احتمال اختيار الأمم المتحدة لهذا التحقيق بسبب عمل زوجة خان، وهي محامية بارزة في حقوق الإنسان، في الوكالة في كينيا بين عامي 2019 و2020 للتحقيق في

حالات التحرش الجنسي. وقال الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومبادرات النساء من أجل العدالة القائمة على النوع، في بيان مشترك إنه يجب أن يتم تعليق عمل خان أثناء إجراء التحقيق، ودعتا إلى «التدقيق الشامل في الجهة أو الهيئة المختارة للتحقيق لضمان عدم تضارب المصالح وامتلاكها الخبرة المثبتة».

وأضافت المنظمتان أن «العلاقة الوثيقة» بين خان والوكالة التابعة للأمم المتحدة تتطلب مزيدا من التدقيق. وقالت المنظمتان: «نوصي بشدة بضمان معالجة هذه المخاوف بشكل علني وشفاف قبل تكليف مكتب الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بالتحقيق».