محمد علاوي... الهادئ وسط العواصف العراقية

أرستقراطي متدين يوصف بـ«النظيف اليدين»

محمد علاوي... الهادئ وسط العواصف العراقية
TT

محمد علاوي... الهادئ وسط العواصف العراقية

محمد علاوي... الهادئ وسط العواصف العراقية

محمد توفيق علاوي، (65 عاماً) وكنيته «أبو هادي»، اسم على مسمى. هادئ وصبور ومتدين جداً. ينتمي إلى الأرستقراطية الشيعية. أولاد عمه رؤساء وزارات، إياد هاشم علاوي (أول رئيس وزراء انتقالي بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003)، وعلي عبد الأمير علاوي (وزير التجارة والدفاع الأسبق وأحد المنافسين له على منصب رئيس الوزراء بعد استقالة عادل عبد المهدي).
عبد المهدي هو الآخر أحد الذين ينتمون إلى هذا الوسط الشيعي الأرستقراطي، فوالده عبد المهدي المنتفكي، كان أحد وزراء التربية المزمنين في العهد الملكي (1921 - 1958). ثالث هؤلاء وقريبهم هو الراحل أحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي وأحد أبرز زعامات المعارضة العراقية قبل إسقاط النظام السابق، والذي بدا الوحيد من بين أبناء هذه العوائل الذي لم يأخذ فرصته بعد التغيير، رغم كل مؤهلاته القيادية.
قبل يوم من تكليف محمد توفيق علاوي رئيساً للوزراء، التقيته مصادفة في «فندق الرشيد» في المنطقة الخضراء ببغداد. قلت له مازحاً: «أين وصلت بورصة الأسماء دكتور». أجابني مبتسماً: «فعلاً صارت بورصة». لم يجب بوضوح، لكن كانت علامات القلق ترتسم على محياه، لا سيما أن صديقاً مشتركاً كان حاضراً أخبرني هامساً في أذني: «لم يحصل التوافق بعد، ولا تزال المفاجآت سيد الموقف».
أمس السبت، قادت الأمواج العراقية العاصفة الأرستقراطي الهادئ، حامل شهادة الدكتوراه في الهندسة المعمارية من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1980 والعضو الأسبق في البرلمان العراقي والوزير الأسبق للاتصالات محمد توفيق علاوي، إلى منصب رئيس وزراء العراق في فترة لا يمكن إلا أن توصف بأنها ما بعد الفرصة الأخيرة. فالفرصة الأخيرة هي التي أطلقت على حكومة سلفه عادل عبد المهدي، الذي لم يكمل سوى عام واحد، حتى ثارت في وجهه كل العواصف من كل الجهات والأطراف.
وحيث لم تعد أمام علاوي أي فرصة بعد أن تم استنفادها تماماً أثناء حكومة عبد المهدي، فإنه يتعين على هذا الرجل شديد التدين والنظيف اليد، مثلما يصفه خصومه قبل أصدقائه، خلق فرصته التي يستطيع من خلالها تعديل أكثر المسارات اعوجاجاً في الحالة العراقية الحالية. فالحراك الشعبي الذي قدم حتى الآن أكثر من 600 شهيد وأكثر من 23 ألف جريح، ولا يزال مستمراً ليس مقتنعاً به، أو بسواه من السياسيين العراقيين. لم تعد بعد 1/ 10/ 2019 تنفع لأي سياسي عراقي وصفة المشاركة في المعارضة العراقية التي أدت إلى إسقاط النظام السابق. حتى أميركا التي وقع عليها العبء الأكبر في إسقاط النظام لم تعد سوى احتلال يتعين إخراجه.
الأوضاع والمعطيات تغيرت. العراقيون يقولون نحن منحنا هذه الطبقة السياسية 16 عاماً من الحكم فتحولت إلى وصفة للفشل. لذلك فإن محمد علاوي الذي دخل المعترك السياسي مع ابن عمه إياد علاوي عام 2005، وأصبح عضواً في مجلس النواب عام 2006، ومن ثم وزيراً للاتصالات في العام نفسه بدا أنه احتاط للأمر حين أكد للمتظاهرين أنه لا يحمل عصا سحرية، وإنه في حال تدخل الآخرون في عمله سوف يخاطب المتظاهرين قبل الكتل السياسية. في العراق يبدو مثل هذا الانحياز سلاحاً بعدة حدود لا حدين فقط.



إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)

كثّف الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم، هذا الأسبوع، باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني في مناطق سيطرة الجماعة لجهة هشاشة الأوضاع المعيشية والخدمية وعدم القدرة على تحمل المزيد من الأزمات.

وتشنّ الجماعة هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى جانب هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وتبنى المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، الأربعاء، هجوماً باتجاه إسرائيل هو الخامس خلال أسبوع، إذ أعلن إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب زاعماً أنه حقق هدفه، مع وعيده باستمرار الهجمات.

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان اعتراض صاروخ أطلق من اليمن وعبر إلى الأراضي الإسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، مشيراً إلى تفعيل صفارات الإنذار بسبب احتمال سقوط شظايا من عملية الاعتراض.

وأوضح، في منشور على منصة «إكس»، أنه «للمرة الخامسة في أسبوع، سارع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ مع شن الإرهابيين الحوثيين في اليمن هجوماً صاروخياً».

إلى ذلك، قالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء)، في بيان، إنها تلقت تقارير عن إصابة نحو 9 أشخاص أثناء توجههم إلى الملاجئ.

تصاعد الهجمات

كانت الجماعة الحوثية قد تبنت، السبت الماضي، إطلاق صاروخ باليستي على وسط إسرائيل، ولم تتمكن الدفاعات الجوية من اعتراضه فسقط في ساحة وسط مبانٍ سكنية، وأدى إلى إصابات طفيفة طالت نحو 23 إسرائيلياً، وفق وسائل إعلام عبرية.

وفي وقت مبكر، الثلاثاء، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن صفارات الإنذار دوت في مناطق عدة بوسط إسرائيل بعد إطلاق صاروخ من اليمن، مؤكداً اعتراضه قبل أن يعبر إلى الأراضي الإسرائيلية.

عناصر حوثيون يحملون مجسما لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

ويوم الاثنين الماضي، قالت تل أبيب إن سلاح الجو اعترض طائرة مسيّرة، أُطلقت من اليمن قبل أن تخترق الأجواء الإسرائيلية، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرنوت».

وفي حين لم تسجل أي إصابة مباشرة خلال عمليتي الاعتراض، تحدثت خدمة الإسعاف الإسرائيلي عن إصابة أكثر من 20 شخصاً أثناء توجههم إلى الملاجئ، بعضهم أصيب بحالة هلع، بعد دوي صفارات الإنذار.

وعلى امتداد أكثر من عام، تبنى الحوثيون إطلاق نحو 370 صاروخاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي، وكذا تضررت مدرسة بشكل كبير جراء انفجار رأس صاروخ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر السبت الماضي 21 ديسمبر.

حفرة أحدثها صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات في 19 ديسمبر الحالي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 3 آخرين.

صورة جوية وزعها الجيش الإسرائيلي لاستهداف أحد المواقع الخاضعة للحوثيين (رويترز)

ومع تجاهل الحوثيين تهديدات نتنياهو المتكررة، كان الأخير قد أبلغ أعضاء الكنيست بأنه طلب من الجيش تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين. وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال نتنياهو: «وجّهت قواتنا المسلحة بتدمير البنى التحتية للحوثيين لأننا سنضرب بكامل قوتنا أي طرف يحاول إلحاق الضرر بنا. سنواصل سحق قوى الشر بقوة ومهارة، حتى وإن استغرق الأمر وقتاً».

وعلى وقع التصعيد المستمر يترقب اليمنيون بخوف عمليات الرد الإسرائيلية الانتقامية، خاصة أن ضربات تل أبيب لا تفرق بين ما هو هدف عسكري، وبين الأهداف الأخرى المتصلة بحياة السكان الخاضعين للجماعة بالقوة.