فنان الطعام الأردني عمر سرطاوي يتوصل إلى ابتكار نكهة {درب التبانة}

استبدل قشرة الباذنجان بجلد الحيوان في تصميم الحلي

عمر سرطاوي أثناء تحضيره التمثال القابل للأكل
عمر سرطاوي أثناء تحضيره التمثال القابل للأكل
TT

فنان الطعام الأردني عمر سرطاوي يتوصل إلى ابتكار نكهة {درب التبانة}

عمر سرطاوي أثناء تحضيره التمثال القابل للأكل
عمر سرطاوي أثناء تحضيره التمثال القابل للأكل

من بين كل الأسئلة الغريبة التي مرّت بخاطرك من قبل، هل تساءلت يوماً عن رائحة أو مذاق الكون؟ ربما لم تفعل، وتحرياً للأمانة، ولا نحن كذلك. لكن فنان الطعام الأردني عمر سرطاوي قد فعل ذلك بكل تأكيد.
وقبل بضعة شهور، مرّ الطاهي غير التقليدي على مقالة من صحيفة «الغارديان» تتناول اكتشافاً علمياً لم يسبق له مثيل، حيث زعمت مجموعة من علماء الفلك أنهم اكتشفوا مذاق الكون، وأنه يشبه طعم التوت إلى حد كبير!
وأثناء مواصلة البحث عن علامات للحياة على الكواكب الأخرى، صادف الباحثون مادة «فورمات الإيثيل» المسؤولة عن الروائح العطرة للفواكه والزهور، كما قال المراسل العلمي إيان سامبل الذي أضاف قائلاً: «لبنات الحياة المعروفة في قلب مجرة درب التبانة (المعروفة علميا باسم القوس باء 2) تحمل مذاقاً شبيهاً بالتوت بشكل يبعث على الغموض».
يتذكر عمر سرطاوي قائلاً: «باعتباري طاهياً مدرباً على فنون الطهي الجزيئي وعلوم الأغذية، كان ذلك أشبه بالحلم الذي يتحول إلى حقيقة؛ فلقد منحني الفرصة للعمل مع المكونات الكيميائية والجزيئات المختلفة للخروج بمنتج صالح للأكل من شأنه الجمع بين جميع الحواس من خلال فنون الطهي والفنون البصرية».
وفي وجود هذه الصيغة أو الوصفة بين يدي عمر سرطاوي، واصل عمله على فنون الطهي التي يتقنها لإعادة تكوين رائحة ومذاق مجرة درب التبانة.
ونشأ التحدّي الحقيقي أمام عمر سرطاوي في وقت لاحق، عندما تساءل بينه وبين نفسه كيف يمكنه تحويل المكتشف العلمي الفلكي إلى حقيقة ملموسة يمكن للجميع الوصول إليها. وقرر أن الورق هي أفضل الطرق لمنح الجمهور من حوله «قضمة من مذاق الكون».
وهو يقول عن ذلك: «يُعتبر الورق إحدى أكثر قنوات الاتصال العالمية التي يمكن للجميع الوصول إليها. وهو من الأشياء المادية التي يمكن للناس لمسها والإحساس بها. وعلى غرار جميع تصميماتي الأخرى، أردتُ أن أقدم تجربة كاملة للجمهور من حولي، تجتذب كثيراً من حواسهم الحية، وليس المذاق فقط».
وشرع عمر سرطاوي في العمل على تطوير ورقة «صالحة للأكل»، سوف تحمل في الوقت نفسه طعم ورائحة الكون من حولنا. التي تعكس تمثيلاً حقيقياً وواقعياً لمجرة «القوس باء 2» أو «درب التبانة».
وكان ذلك تجاوزاً لموهبة إبداعات فنون الطعام التي يتقنها الفنان الأردني عمر سرطاوي، الذي كشف النقاب عن أحدث تصاميمه الجديدة والمدهشة، وهي: «جلد الباذنجان». ولأنه يتسم بالمرونة والمقاومة كمثل الجلد الحيواني، فإن ابتكار عمر سرطاوي الجديد سوف يخدع أكثر نقاد الموضة والأزياء خبرة في مجاله. ويوضح عمر الأمر بقوله: «المادة مثيرة للذهول، فهي تشبه الجلد تماماً. ويمكن تمزيقها، وتمديدها، والعمل عليها كمثل الجلد، وهي دائماً ما تستعيد نسيجها ومظهرها الأصلي».
- مَن هو عمر سرطاوي؟
> عمر سرطاوي ليس مجرد طاه عادي؛ فهو حائز على سمعة دولية، بدأ حياته المهنية في مجال التشييد والبناء، وذلك بعد انتهاء دراسته الجامعية في مجال التصميم والهندسة. وبعد إدارته لعدد من المشروعات الإنشائية الكبرى في بلدان الخليج العربي، عاد عمر سرطاوي إلى مسقط رأسه في الأردن ليؤسس «بيت التصميم»، في حين يواصل شغفه القديم والكبير بالطبخ.
واستلهاماً مما تعلمه من والدته وجدته، انطلق عمر سرطاوي إلى عالم فنون الطهي اعتباراً من عام 2012، وذلك بافتتاح أول مطعم يملكه. وواصل تطوير وصفاته الخاصة من خلال التجريب المستمر وإيجاد الوصفات الجديدة، مع التركيز في غالب الأمر على التدريب في المطبخ الإيطالي والآسيوي. وفي عام 2013، افتتح عمر سرطاوي مطعم «فوود بوكس»، وهي شركة ومطعم إيطالي متخصص في المأكولات الإيطالية الآسيوية. ومنذ ذلك الحين، كان قد قام بتطوير كثير من المفاهيم، وافتتاح العديد من المواقع، مع اكتساب المزيد من الزخم والمكانة البارزة في جميع أرجاء المنطقة.
غير أن ذلك لم يكن كافياً بالنسبة للطاهي الأردني المبتكر، الذي رافقته الرغبة الأكيدة في دفع حدود الابتكار في عالم الطهي إلى أقصاها. وفي عام 2016، قرر عمر سرطاوي العمل على صقل مهاراته الفنية من خلال اعتماد منهج أكثر كلاسيكية حيال الطهي، مما سوف يسمح له بالحصول على الأسس التقنية لتلبية طموحاته. ومن ثم واصل الدراسة تحت أيدي الطهاة المخضرمين في فنون الطهي الكلاسيكية، وذلك قبل الانتقال إلى دراسة فنون الطهي الجزيئية، ثم الحصول على عدة شهادات في علوم الأغذية والكيمياء.



«مجتمع ورث» يحيي التراث السعودي برؤية عالمية

«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
TT

«مجتمع ورث» يحيي التراث السعودي برؤية عالمية

«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)

في إطار الاهتمام المتزايد بإحياء التراث السعودي وتعزيز الهوية الثقافية الوطنية، أطلق المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» مبادرته المتميزة «مجتمع وِرث»، في يوم 4 يناير 2025، وذلك في مقره الرئيسي بمدينة الرياض. يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان عام 2025 عاماً للحِرف اليدوية، ما يُجسد رؤية المملكة في دعم الفنون التقليدية وصونها وتطويرها لتكون جزءاً من الثقافة الحية التي تجمع بين الأصالة والحداثة.

ويهدف «مجتمع وِرث» إلى أن يكون المنصة الرائدة لإحياء وتطوير الحِرف اليدوية السعودية وربطها بالتصميم والتقنيات الحديثة. كما يسعى إلى تعزيز مشاركة المؤسسات والمجتمع المحلي في إبراز أهمية الفنون التقليدية في دعم الهوية الثقافية، إلى جانب تمكين الأفراد من استكشاف الإمكانات الكامنة في توظيف تلك الفنون عبر تقنيات معاصرة تشمل لقاءات وورش عمل تفاعلية مع نخبة من الخبراء والمختصين في مجالات الحِرف اليدوية والفنون التقليدية، مما يتيح فرصة استثنائية لتبادل الخبرات وإثراء المعارف وتطوير المهارات.

أنشطة تعليمية وحرفية يقدمها «مجتمع ورث» (الشرق الأوسط)

هذه الخطوة تمثل رؤية طموحًا تجمع بين الحفاظ على التراث وإعادة تقديمه بأساليب مبتكرة، فهي تعمل على دمج الحِرف اليدوية مع أدوات التكنولوجيا الحديثة مثل النمذجة ثلاثية الأبعاد، والطباعة الرقمية، والتصنيع الذكي، مما يسهم في تحويل المنتجات التراثية إلى أعمال عصرية تلبي متطلبات السوق المحلية والعالمية، مع الحفاظ على جذورها الأصيلة.

وتشمل فعاليات «مجتمع وِرث» مجموعة واسعة من الأنشطة التعليمية والحرفية والريادية التي تستهدف جميع المهتمين بالفنون التقليدية. ومن أبرز ورش العمل المقدمة، التدريب على تصميم المنتجات التراثية باستخدام البرامج الحديثة، وتطوير المهارات التسويقية للحرفيين عبر القنوات الرقمية، إلى جانب استراتيجيات دمج التصميم المعاصر مع الحرف اليدوية، كما يقدم المجتمع جلسات حوارية تضم خبراء ومتخصصين، وتركز على استكشاف تطورات هذا المجال وإيجاد حلول مبتكرة تحفز الإبداع والابتكار.

ويُعد المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» مؤسسة رائدة تسعى إلى الحفاظ على التراث الوطني السعودي وتعزيزه، من خلال تبنّي مشروعات وبرامج تُبرز الفنون التقليدية محلياً وعالمياً. ويسعى المعهد إلى دعم المتميزين في هذا المجال، سواء أكانوا من الحرفيين أم الممارسين أم المهتمين، من خلال توفير بيئة تعليمية وداعمة تحفز المواهب وتعمل على تطويرها. إلى جانب ذلك، يُولي المعهد اهتماماً خاصاً بتقدير الكنوز الحية التي تمثل رموزاً للإبداع الحرفي، وتشجيع الأجيال القادمة على تعلم وإتقان الحِرف التقليدية السعودية وتطويرها بما يتماشى مع روح العصر.

ويشكل إطلاق «مجتمع وِرث» جزءاً من رؤية استراتيجية تسعى لتحقيق أهداف «رؤية المملكة 2030» في مجال الثقافة والفنون، وذلك من خلال الجمع بين التراث والابتكار، حيث يسعى «المجتمع» إلى بناء جسور تربط الماضي بالحاضر والمستقبل، مما يضمن استمرار الحِرف اليدوية بوصفها عنصراً حيوياً في الهوية الثقافية السعودية يسهم في تعزيز مكانتها عالمياً.