جبريل: الأمل لا يزال موجوداً بإنهاء الصراع شرط توفر الإرادة

رئيس الوزراء الأسبق قال إن التدخل التركي «ربما قد تم بمباركة أميركا المنزعجة من التدخل الروسي»

TT

جبريل: الأمل لا يزال موجوداً بإنهاء الصراع شرط توفر الإرادة

قال رئيس الوزراء الأسبق السياسي الليبي البارز الدكتور محمود جبريل إن الأمل لا يزال موجوداً، رغم كل الدمار والتخبط الراهن في بلاده، شريطة توفر الإرادة لدى طرفي الصراع الراهن لإقرار السلام، معتبراً أن «الهدف الأساسي لمؤتمر برلين كان هو الخروج بتعهد بعض الدول بعدم التدخل بالشأن الليبي، وهو هدف غير منطقي، وغير واقعي في عالم السياسة، إذ كيف نتصور أو نصدق أن دولاً تقوم بالاستثمار في ليبيا منذ عام 2011، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، بل وبشرياً أيضاً، ثم ترحل هكذا ببساطة؟».
وأضاف جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في «المجلس الوطني الانتقالي» السابق رئيس تحالف «القوى الوطنية»، في حديث لوكالة الأنباء الألمانية أمس: «للأسف، رعاة المؤتمر لم يتطرقوا لإشكالية التدخل غير المباشر، فهناك اليوم في بلادنا كثير من المرتزقة من جنسيات عدة، والدول التي ينتمي إليها هؤلاء، أو تلك المسؤولة عن جلبهم، تقول إنه لا علاقة لها بهم، وإنهم مجرد متطوعين، لكن هذا الكلام لا يصدقه أحد».
وتابع: «لذلك نؤكد أن الدول التي لديها شركات وقنوات ومصالح لسنوات طويلة بأرضنا، بل باتت تتصارع وتعقد صفقات التسوية علينا، لن ترحل أو تلتزم بعدم التدخل، لكن ربما ستحاول فقط تفادي الاتهام بالاختراق عبر الاستعانة بأطراف ثالثة، أي أن المؤتمر لن يعيق التدخلات الخارجية، بل قد يزيدها. وبالفعل، فإن البعثة الأممية رصدت استمرار تدفق المرتزقة والسلاح لغرب البلاد وشرقها، قبل حتى أن يجف الحبر الذي وُقع به تعهد برلين».
وبخصوص التدخل التركي في الشأن الليبي خلال الفترة الأخيرة، اعتبر جبريل أنه «تطبيق لسياسة الدفع نحو الهاوية، بهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب»، مشيراً إلى أن هذا التدخل «ربما يكون قد تم بمباركة أميركية»، مستبعداً أن يكون التدخل التركي في ليبيا، ومساندة حكومة الوفاق الوطني «قد حدث دون تنسيق مع الولايات المتحدة التي لم يرُق لها التدخل الروسي في الملف الليبي».
وأضاف موضحاً: «تركيا استفزت أطرافاً ودولاً كثيرة بالمنطقة، ودفعت بالأوضاع إلى حافة المواجهة المباشرة للضغط عليهم، قصد تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية... لكن ذلك يعتبر في الوقت نفسه مغامرة ومخاطرة كبيرة جداً من قبلها، خاصة لو أن الأطراف المعارضة للتدخل التركي بادرت بإطلاق النار، فهنا قد تندلع حرب إقليمية».
وحول الدور الروسي في الأزمة الليبية، أوضح جبريل أن الروس «استطاعوا بالفعل تهدئة الوضع، عبر دعوة طرفي الصراع لإعلان هدنة... وقد تفاوضوا هم أيضاً مع الأتراك، وأقنعوهم بإمكانية استنساخ اتفاقياتهم وصفقاتهم المشتركة في سوريا ببلادنا، لكن ما يعيق للآن تنفيذ تلك الصفقة، وما يفسد أي مبادرة للحل داخل ليبيا، هو عدم توافر الإرادة لدى طرفي الصراع كي يقررا الدخول في مفاوضات سياسية».
وفي سياق ذلك، لمح جبريل إلى أن عدم توقيع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، مبادرة وقف إطلاق النار في موسكو «ربما يعود لرغبته في استكمال العمل العسكري». وقال بهذا الخصوص: «الرجل يرى أنه على بعد كيلومترات من مركز العاصمة، فلماذا يقبل بالتحول لمجرد لاعب ضمن لاعبين كثر في عملية الحل السياسي، بدلاً من أن يكون اللاعب الوحيد، أو ربما تخوف من أن يُفسر قبوله للحل السياسي بكونه هزيمة وفشلاً لعمليته العسكرية التي انطلقت لتحقيق ما وصفه بالفتح المبين ودخول العاصمة».
كما أوضح جبريل أن تحالفه (تحالف القوى الوطنية) دعا مؤخراً إلى «عقد ملتقى جامع لشخصيات تمثل كل التيارات السياسية وفئات المجتمع، ومن كل المناطق الليبية، بهدف صياغة رؤية شاملة لمستقبل البلاد تعكس إرادة الليبيين، وتوضع على طاولة التفاوض، إذا ما تمكن مسار جنيف من الاستمرار».
ورغم تأكيده وجود مطالب عادلة لأهل الشرق والجنوب، فيما يتعلق بتوزيع عائدات الثروة النفطية، وصف جبريل قيام القبائل بإغلاق حقول النفط الليبي منذ أسبوعين بكونه «عملية انتحار جماعي، وتطبيق للمثل الشهير (عليّ وعلى أعدائي)».
ورغم اتفاقه مع الآراء التي تعتبر قضية تفكيك التشكيلات العسكرية ونزع سلاحها بمثابة برميل بارود قد يفجر أي اتفاق، فإن جبريل يرى أن «هناك كثيراً من التحديات والأزمات التي ستنفجر بوجه الجميع إذا لم يتوقف الصراع العبثي، ويبدأ الجميع على الفور بمعالجة هذه التحديات».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.