قبل قرابة أربعة أشهر سقطت قذيفة عشوائية على منزل بضاحية الفرناج بالعاصمة الليبية، فقتلت ثلاث طفلات وتسببت شظية في بتر ساق رابعة، في واحدة من المآسي الإنسانية التي يتعرض لها المدنيون باستمرار في طرابلس، وخاصة الأطفال بوصفهم الحلقة الأضعف في طاحونة الحرب، التي اندلعت قبل عشرة أشهر. وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مجدداً من أن استمرار الاقتتال في العاصمة «يمثل خطورة بالغة عن عشرات الآلاف من الأطفال»، مطالبة بتجنيبهم ويلات الحرب، والعمل على دمجهم سريعاً في العملية التعليمية.
وقال مسؤول بجمعية تعنى بالأطفال في ليبيا في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنهم «يرصدون عشرات الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في أحياء العاصمة»، مشيراً إلى أن الحرب المستمرة منذ أبريل (نيسان) الماضي، تسبب في «قتل عشرات الأطفال»، قبل أن يلفت إلى أن «المئات منهم أصبحوا مرضى نفسيين، وتنتابهم حالات دائمة من الهلع الدائم بسبب دوي أصوات القنابل، التي تهبط على المنازل كل مساء».
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن «منظمات دولية، ومنها الـيونيسف، رصدت أن آلاف الأطفال في المناطق التي تقع في طريق العمليات العسكرية، يتعرضون للخطر الدائم، إلى جانب أن أكثر من 90 ألفا منهم نزحوا عن ديارهم وتركوا مدارسهم».
ودعا المسؤول الحقوقي الليبي المنظمات الدولية «بسرعة إنقاذ الأطفال قبل ضياع مستقبلهم، أو قتل المزيد منهم (...) نحن أمام جيل من الأطفال الليبيين سيخرجون إلى الحياة وهم معقدون كلياً بسبب حرب مدمرة، أكلت حاضرهم ومستقبلهم».
وعكست حادثة الفرناج، التي كانت ضحاياها من أسرة واحدة، إلى جانب إصابة الأم والأب، مشهداً من فصول الحرب التي تدهس كل ما يعترض طريقها، بما فيهم الأطفال الذين يسددون فاتورة من الدم لا ذنب لهم فيها.
وسجلت منطقة الهضبة بالعاصمة أحدث عملية لاستهداف الأطفال، بعد مقتل ثلاثة أطفال، قبل أن تلحق بهم طفلة رابعة جراء إصابتها الخطيرة بعد قصف منازلهم جوياً في الثامن والعشرين من يناير (كانون الثاني) الجاري.
ومع تزايد اللجوء للطائرات المسيرة، زادت أعداد القتلى بين المدنيين، ومن بينهم أطفال، في قصف استهدف أيضاً مصحة النخبة، ومنازل في عمارات صلاح الدين، ونادي الفروسية بجنزور. وسبق لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة التحذير من «مخاطر الحرب على الأطفال في ليبيا»، ودعت العالم أجمع ألا يقبل بهذا الوضع، قبل أن تشير إلى أنها تلقت تقارير عن تعرّض أطفال إلى الإصابة بجراح أو القتل، بالإضافة إلى تجنيد الأطفال في القتال». لافتة إلى أن «هذا قد أجبر أكثر من 150 ألف شخص، 90 ألفا منهم من الأطفال، على الفرار من منازلهم ليصبحوا الآن في عداد النازحين».
وذكرت «يونيسف» أن 60 ألفا من الأطفال اللاجئين والمهاجرين الموجودين حالياً في المناطق الحضرية، هم أيضاً في غاية الهشاشة، خاصة الأطفال غير المصحوبين أو المحتجزين، والبالغ عددهم 15 ألف طفل، مشيرة إلى أن هؤلاء الأطفال كان لهم «وصول محدود لخدمات الحماية والخدمات الأساسية أصلاً، ما يعني أن النزاع المتصاعد قد زاد من المخاطر التي يواجهونها».
أطفال ليبيا يسدّدون بأرواحهم فاتورة حرب طرابلس
بعضهم مصابون بأمراض نفسية حادة
أطفال ليبيا يسدّدون بأرواحهم فاتورة حرب طرابلس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة