أسواق النفط تتذبذب بعد خسائر حادة

تباين بين الخبراء حول توجهات 2020

ما زالت أسواق النفط العالمية واقعة تحت ضغوط كبرى مع تفشي فيروس كورونا الجديد في الصين (إ.ب.أ)
ما زالت أسواق النفط العالمية واقعة تحت ضغوط كبرى مع تفشي فيروس كورونا الجديد في الصين (إ.ب.أ)
TT

أسواق النفط تتذبذب بعد خسائر حادة

ما زالت أسواق النفط العالمية واقعة تحت ضغوط كبرى مع تفشي فيروس كورونا الجديد في الصين (إ.ب.أ)
ما زالت أسواق النفط العالمية واقعة تحت ضغوط كبرى مع تفشي فيروس كورونا الجديد في الصين (إ.ب.أ)

بين ساعة وأخرى، تذبذبت أسعار النفط الجمعة عقب خسائر حادة تكبدتها هذا الأسبوع، وذلك مع ظهور خبر مطمئن هنا، وآخر مقلق من هناك. وفي الوقت الذي عارضت فيه منظمة الصحة العالمية فرض قيود على السفر والتجارة في إعلانها لحالة طوارئ عالمية بشأن تفشي فيروس كورونا الذي ظهر في الصين في العام الماضي، فإن توقعات انتشار المرض داخل الصين وأثره على حركة الطيران، دفعت الأسواق المترددة إلى العودة إلى الخسائر. وتراجعت أسعار النفط أربعة في المائة تقريبا حتى الخميس هذا الأسبوع، لتبلغ أدنى مستوى في ثلاثة أشهر، قبل أن تتعافى الجمعة، في ظل قلق المستثمرين والمتعاملين من كيفية تأثير انتشار الفيروس على الطلب على النفط ومنتجاته.
وقالت مارغريت يانغ محللة السوق لدى «سي.إم.سي ماركتس»: «قرار منظمة الصحة العالمية... الذي يعارض فرض قيود على السفر والتجارة ضد الصين عزز ثقة السوق، حتى على الرغم من إعلان المنظمة حالة طوارئ عالمية».
وقفزت العقود الآجلة لخام برنت 1.16 دولار إلى 59.45 دولار للبرميل بحلول الساعة 05:32 بتوقيت غرينتش، بعد أن انخفضت 2.5 في المائة في الجلسة السابقة. وما زال برنت منخفضا اثنين في المائة في الأسبوع. وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.06 دولار إلى 53.20 دولار للبرميل. وتراجع عقد الخام 2.2 في المائة الخميس وانخفض 1.8 في المائة حاليا في الأسبوع.
لكن الأسعار عادت مجددا للتراجع في وقت لاحق أمس، خاصة بعد أن قال خبراء إن تفشي فيروس كورونا في الصين قد يخفض الطلب على النفط بأكثر من 250 ألف برميل يوميا في الربع الأول من العام الجاري ويتسبب في انخفاض أسعار النفط المحاصر بالفعل بفائض من الإمدادات.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن تفشي فيروس كورونا في الصين، الذي أودى بحياة ما يزيد على 200 شخص هناك وانتشر إلى نحو 18 دولة، يشكل حاليا حالة طوارئ صحية عامة.
وقررت الحكومة الإيطالية تعليق جميع الرحلات الجوية بين إيطاليا والصين، وأوقفت شركات طيران من بينها إير فرانس وأميركان إيرلاينز والخطوط الجوية البريطانية تسيير رحلات إلى مدن صينية.
وتلقت الأسعار الدعم أيضا من تقارير ذكرت أن هناك مباحثات بشأن تقديم موعد الاجتماع القادم لأوبك لبحث سياسة الإنتاج إلى أوائل فبراير (شباط) من مارس (آذار) بعد هبوط أسعار النفط في الآونة الأخيرة.
لكن في مواجهة هذا الدعم، قال محللون ومتعاملون إن تفشي فيروس كورونا في الصين قد يخفض الطلب على النفط بأكثر من 250 ألف برميل يوميا في الربع الأول من العام الجاري ويتسبب في انخفاض أسعار النفط المحاصر بالفعل بفائض من الإمدادات.
وسيتلقى الطلب على وقود الطائرات في الصين أغلب الضرر، الذي يعادل طاقة مصفاة نفطية كبيرة، إذ إن الصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم كما أنها واحدة من أسرع أسواق الطيران نموا في العالم، وذلك بسبب قيود صارمة على السفر تحد من الرحلات المحلية، فيما تتجنب شركات طيران دولية البلاد.
وقالت يوجياو لي من وود ماكنزي: «في الوقت الذي تركز فيه الإجراءات الوقائية بشكل أساسي على الطيران والنقل العام للركاب، سيكون وقود الطائرات الأكثر تأثرا... في الربع الأول من 2020 قد يتقلص طلب الصين على النفط بأكثر من 250 ألف برميل يوميا». وخفضت شركة استشارات الطاقة توقعاتها للطلب على النفط بواقع 500 ألف برميل يوميا لنفس الفترة. وأضافت: «سيكون الانتشار الحالي لفيروس كورونا على الأرجح حدثا استثنائيا، إذ أن تأثيره على طلب النفط يتركز بشكل أساسي على طلب (وقود) الطائرات، وبخاصة في الصين، وبدرجة أقل في شرق وجنوب شرقي آسيا».
وفرض الكثير من المدن الصينية قيودا صارمة على السفر، بينما أوقفت شركات طيران عالمية الرحلات المباشرة إلى المدن الرئيسية بالصين أو قلصتها. وقالت شركة الاستشارات جيه.إل.سي إن نشاط المصافي الصينية هوى بنسبة 15 في المائة في الأسبوع الماضي، وقالت وكالة صينية معنية بالتجارة الدولية الجمعة إنها ستقدم اعتمادات لفرض حالة القوة القاهرة للشركات غير القادرة على الوفاء بعقود نتيجة الفيروس.
وبدأ الذعر من الفيروس بالفعل في محاصرة أسواق النفط الخام ومشتقاته حول العالم. وقبعت هوامش ربح نشاط التكرير في آسيا من وقود الطائرات قرب أدنى مستوياتها في عامين ونصف العام، بينما تراجعت أسعار الطلب لأصناف من الخام من مصادر بعيدة مثل أنغولا، التي كانت يوما مرغوبة في السوق الصينية، لأدنى مستوياتها في حوالي عام.
وقدرت إف.جي.إي للطاقة التراجع في الطلب على النفط بما يصل إلى 840 ألف برميل يوميا في فبراير (شباط)، لكن السوق تبدو مقبلة على تأثير على الاقتصاد الأوسع نطاقا في حال فشل جهود احتواء المرض.
ومن جهة أخرى، خلص استطلاع رأي لـ«رويترز» اليوم الجمعة إلى أن أسعار النفط ستظل مدعومة قرب المستويات الحالية هذا العام، إذ تساعد المخاطر الجيوسياسية المتواصلة وقيود الإنتاج التي تقودها أوبك على تعويض تنامي الإمدادات من منتجين آخرين.
وتوقع المسح الذي شمل خمسين اقتصاديا ومحللا، وأجري أغلبه قبل انتشار فيروس كورونا، أن يبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي برنت 63.48 دولار للبرميل في 2020، يأتي ذلك بالمقارنة مع متوسط عند 63.76 دولار منذ بداية العام وتوقعات الشهر الماضي عند 63.07 دولار. وارتفعت توقعات عام 2020 لخام غرب تكساس الوسيط إلى 58.22 دولار للبرميل من 57.70 دولار في توقعات ديسمبر (كانون الأول).
وكانت أسعار النفط قد قفزت في وقت سابق من الشهر السابق بعد ضربة جوية أميركية بطائرات مسيرة قتلت قائدا عسكريا إيرانيا كبيرا، لكن عمر الزيادة كان قصيرا. والأسعار الآن قرب أدنى مستوياتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) بفعل مخاوف من أن يضر وباء فيروس كورونا بالنمو العالمي والطلب على النفط، لكن يفترض أن تضع تخفيضات الإنتاج من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حدا للنزول.
ويتوقع معظم المشاركين في الاستطلاع أن تمدد أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا، المجموعة المعروفة باسم أوبك+، اتفاقهم لكبح الإمدادات بعد الموعد النهائي المُتفق عليه في نهاية مارس. ويتوقع المحللون أن ينمو الطلب العالمي على النفط بما بين 0.8 مليون برميل يوميا و1.5 مليون برميل يوميا هذا العام، وذلك بالمقارنة مع توقعات وكالة الطاقة الدولية البالغة 1.2 مليون برميل يوميا.


مقالات ذات صلة

الأسواق المالية العربية تشهد تحسُّناً... تزامناً مع تنصيب ترمب

الاقتصاد متعامل سعودي يراقب سوق الأسهم عبر شاشات في الرياض (رويترز)

الأسواق المالية العربية تشهد تحسُّناً... تزامناً مع تنصيب ترمب

تفاعلت معظم الأسواق المالية العربية إيجاباً مع تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لولاية جديدة، رغم تخوف بعض الدول من التعريفات الجمركية التي ينوي فرضها.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم متحدثاً في «دافوس 2024» (الشرق الأوسط)

وزير الاقتصاد السعودي: استقرار الشرق الأوسط حيوي للنمو العالمي

أكد وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم أن السعودية تتطلع إلى تعزيز التعاون مع إدارة ترمب الثانية في معالجة قضايا مهمة، بما في ذلك تحديات الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (دافوس )
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

التفاؤل يعم الأسواق مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض

يستعد المستثمرون للترحيب بتنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمرة الثانية، حيث يتوقعون الاستفادة من جدول أعماله المؤيد للأنشطة التجارية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد جانب من الجلسة الأولى لـ«البيت السعودي» في «دافوس 2025» (منصة إكس)

«البيت السعودي» في دافوس: المملكة ستضع معياراً عالمياً لتعريف المدن الصناعية

أكَّد مشاركون في الجلسة الأولى لـ«البيت السعودي» في «دافوس 2025» على أهمية التخطيط الحضري المستدام في مواجهة الزيادة السكانية العالمية.

«الشرق الأوسط» (دافوس)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي مشاركاً في إحدى جلسات دافوس العام الماضي (المنتدى)

وزير الاقتصاد السعودي: إعادة تشغيل محركات النمو العالمي تستلزم دليلاً اقتصادياً جديداً

دعا وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم إلى إعادة كتابة قواعد اللعبة الاقتصادية، من أجل إطلاق محركات جديدة للنمو العالمي.

«الشرق الأوسط» (دافوس)

الأسواق المالية العربية تشهد تحسُّناً... تزامناً مع تنصيب ترمب

متعامل سعودي يراقب سوق الأسهم عبر شاشات في الرياض (رويترز)
متعامل سعودي يراقب سوق الأسهم عبر شاشات في الرياض (رويترز)
TT

الأسواق المالية العربية تشهد تحسُّناً... تزامناً مع تنصيب ترمب

متعامل سعودي يراقب سوق الأسهم عبر شاشات في الرياض (رويترز)
متعامل سعودي يراقب سوق الأسهم عبر شاشات في الرياض (رويترز)

تفاعلت معظم الأسواق المالية العربية إيجاباً مع تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لولاية جديدة، رغم تخوف بعض الدول من التعريفات الجمركية التي ينوي رئيس البيت الأبيض فرضها، والتي يتوقع أن تؤثر على مسار التجارة العالمية والأسعار.

وقد تقاطع تنصيب ترمب مع بدء هدنة بين إسرائيل و«حماس»، والتي يتوقع أن يكون لها وقعها الإيجابي على الأسواق.

وأكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن هدوء التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي في الأسواق العربية. وبناءً على هذه العوامل، يتوقعون تحسناً ملحوظاً بأداء الأسواق في المنطقة، وخاصة الخليجية، خلال الفترة القادمة؛ مما يعزز التفاؤل بالنمو الاقتصادي المستقبلي.

تعزيز سلاسل الإمداد

وقال الرئيس الأول لإدارة الأصول في «أرباح كابيتال»، محمد الفراج، إن التوقعات الدولية تُشير إلى تحسن ملحوظ في الاقتصاد العالمي بعد تنصيب ترمب.

وأرجع الفراج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، هذا التحسن إلى عدة عوامل رئيسة، أبرزها الاستقرار السياسي المتزايد، وتعزيز سلاسل الإمداد، فضلاً عن السياسات المالية والنقدية الداعمة التي اتبعتها الإدارة الأميركية الجديدة.

ومن المتوقع أن يكون للرفع التدريجي للرسوم على الواردات إلى الولايات المتحدة، تأثيرات كبيرة على سوق العمل والتضخم، وفق الفراج. وهو ما سيخلق بيئة اقتصادية أكثر استقراراً ونمواً في الأسواق العربية، خاصة الخليجية، وعلى رأسها السوق المالية السعودية (تداول).

نمو الشركات

من ناحيته، أكد المختص الاقتصادي والأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة لـ«الشرق الأوسط»، أن تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيؤدي إلى تحقيق الأسواق الأميركية مكاسب كبيرة، بسبب سياساته المحفزة لنمو الشركات. وسيؤثر ذلك إيجاباً على الأسواق المالية بشكل عام، وخاصة الخليجية.

كما ساهم هدوء التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى اتفاق غزة وتبادل الأسرى، في تعزيز الاستقرار الاقتصادي في الأسواق العربية، بحسب باعجاجة.

متداولون يراقبون الشاشات التي تعرض معلومات الأسهم في بورصة قطر بالدوحة (رويترز)

أداء الأسواق العربية

وأغلقت معظم أسواق الأسهم في المنطقة العربية والخليجية على ارتفاع بنسب متفاوتة، يوم الاثنين.

وأنهت سوق الأسهم السعودية الرئيسة (تاسي)، جلسة يوم الاثنين على زيادة بنسبة تقارب 0.40 في المائة، عند 12379 نقطة، لتلامس أعلى مستوياتها منذ 8 مايو (أيار) الماضي، بقيادة سهم «أكوا باور» الذي صعد 4.4 في المائة. وقد ثبت سهم «أرامكو»، الأثقل وزناً على المؤشر، عند 28.15 ريال دون تغيير.

وربح المؤشر القطري 0.40 في المائة ليغلق عند 10508 نقطة، بدعم من سهم شركة «صناعات قطر» للبتروكيميائيات الذي زاد 2.2 في المائة، في حين صعد مؤشر بورصة الكويت بنسبة 0.53 في المائة. وارتفعت سوق أبوظبي للأوراق المالية 0.08 في المائة.

أما مؤشر سوق دبي الرئيسة، فقد تراجع 0.30 في المائة، بعدما انخفض سهم شركة «سالك لرسوم التعرفة المرورية» 2.9 في المائة. كما نزل مؤشر بورصة البحرين 0.08 في المائة.

وخارج منطقة الخليج، خسر مؤشر الأسهم القيادية في مصر 0.37 في المائة، مع هبوط سهم البنك التجاري الدولي 0.9 في المائة. كما انخفض مؤشر بورصة الدار البيضاء 0.33 في المائة. في المقابل، سجل مؤشر بورصة مسقط ارتفاعاً طفيفاً بلغ 0.03 في المائة.