بين ساعة وأخرى، تذبذبت أسعار النفط الجمعة عقب خسائر حادة تكبدتها هذا الأسبوع، وذلك مع ظهور خبر مطمئن هنا، وآخر مقلق من هناك. وفي الوقت الذي عارضت فيه منظمة الصحة العالمية فرض قيود على السفر والتجارة في إعلانها لحالة طوارئ عالمية بشأن تفشي فيروس كورونا الذي ظهر في الصين في العام الماضي، فإن توقعات انتشار المرض داخل الصين وأثره على حركة الطيران، دفعت الأسواق المترددة إلى العودة إلى الخسائر. وتراجعت أسعار النفط أربعة في المائة تقريبا حتى الخميس هذا الأسبوع، لتبلغ أدنى مستوى في ثلاثة أشهر، قبل أن تتعافى الجمعة، في ظل قلق المستثمرين والمتعاملين من كيفية تأثير انتشار الفيروس على الطلب على النفط ومنتجاته.
وقالت مارغريت يانغ محللة السوق لدى «سي.إم.سي ماركتس»: «قرار منظمة الصحة العالمية... الذي يعارض فرض قيود على السفر والتجارة ضد الصين عزز ثقة السوق، حتى على الرغم من إعلان المنظمة حالة طوارئ عالمية».
وقفزت العقود الآجلة لخام برنت 1.16 دولار إلى 59.45 دولار للبرميل بحلول الساعة 05:32 بتوقيت غرينتش، بعد أن انخفضت 2.5 في المائة في الجلسة السابقة. وما زال برنت منخفضا اثنين في المائة في الأسبوع. وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.06 دولار إلى 53.20 دولار للبرميل. وتراجع عقد الخام 2.2 في المائة الخميس وانخفض 1.8 في المائة حاليا في الأسبوع.
لكن الأسعار عادت مجددا للتراجع في وقت لاحق أمس، خاصة بعد أن قال خبراء إن تفشي فيروس كورونا في الصين قد يخفض الطلب على النفط بأكثر من 250 ألف برميل يوميا في الربع الأول من العام الجاري ويتسبب في انخفاض أسعار النفط المحاصر بالفعل بفائض من الإمدادات.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن تفشي فيروس كورونا في الصين، الذي أودى بحياة ما يزيد على 200 شخص هناك وانتشر إلى نحو 18 دولة، يشكل حاليا حالة طوارئ صحية عامة.
وقررت الحكومة الإيطالية تعليق جميع الرحلات الجوية بين إيطاليا والصين، وأوقفت شركات طيران من بينها إير فرانس وأميركان إيرلاينز والخطوط الجوية البريطانية تسيير رحلات إلى مدن صينية.
وتلقت الأسعار الدعم أيضا من تقارير ذكرت أن هناك مباحثات بشأن تقديم موعد الاجتماع القادم لأوبك لبحث سياسة الإنتاج إلى أوائل فبراير (شباط) من مارس (آذار) بعد هبوط أسعار النفط في الآونة الأخيرة.
لكن في مواجهة هذا الدعم، قال محللون ومتعاملون إن تفشي فيروس كورونا في الصين قد يخفض الطلب على النفط بأكثر من 250 ألف برميل يوميا في الربع الأول من العام الجاري ويتسبب في انخفاض أسعار النفط المحاصر بالفعل بفائض من الإمدادات.
وسيتلقى الطلب على وقود الطائرات في الصين أغلب الضرر، الذي يعادل طاقة مصفاة نفطية كبيرة، إذ إن الصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم كما أنها واحدة من أسرع أسواق الطيران نموا في العالم، وذلك بسبب قيود صارمة على السفر تحد من الرحلات المحلية، فيما تتجنب شركات طيران دولية البلاد.
وقالت يوجياو لي من وود ماكنزي: «في الوقت الذي تركز فيه الإجراءات الوقائية بشكل أساسي على الطيران والنقل العام للركاب، سيكون وقود الطائرات الأكثر تأثرا... في الربع الأول من 2020 قد يتقلص طلب الصين على النفط بأكثر من 250 ألف برميل يوميا». وخفضت شركة استشارات الطاقة توقعاتها للطلب على النفط بواقع 500 ألف برميل يوميا لنفس الفترة. وأضافت: «سيكون الانتشار الحالي لفيروس كورونا على الأرجح حدثا استثنائيا، إذ أن تأثيره على طلب النفط يتركز بشكل أساسي على طلب (وقود) الطائرات، وبخاصة في الصين، وبدرجة أقل في شرق وجنوب شرقي آسيا».
وفرض الكثير من المدن الصينية قيودا صارمة على السفر، بينما أوقفت شركات طيران عالمية الرحلات المباشرة إلى المدن الرئيسية بالصين أو قلصتها. وقالت شركة الاستشارات جيه.إل.سي إن نشاط المصافي الصينية هوى بنسبة 15 في المائة في الأسبوع الماضي، وقالت وكالة صينية معنية بالتجارة الدولية الجمعة إنها ستقدم اعتمادات لفرض حالة القوة القاهرة للشركات غير القادرة على الوفاء بعقود نتيجة الفيروس.
وبدأ الذعر من الفيروس بالفعل في محاصرة أسواق النفط الخام ومشتقاته حول العالم. وقبعت هوامش ربح نشاط التكرير في آسيا من وقود الطائرات قرب أدنى مستوياتها في عامين ونصف العام، بينما تراجعت أسعار الطلب لأصناف من الخام من مصادر بعيدة مثل أنغولا، التي كانت يوما مرغوبة في السوق الصينية، لأدنى مستوياتها في حوالي عام.
وقدرت إف.جي.إي للطاقة التراجع في الطلب على النفط بما يصل إلى 840 ألف برميل يوميا في فبراير (شباط)، لكن السوق تبدو مقبلة على تأثير على الاقتصاد الأوسع نطاقا في حال فشل جهود احتواء المرض.
ومن جهة أخرى، خلص استطلاع رأي لـ«رويترز» اليوم الجمعة إلى أن أسعار النفط ستظل مدعومة قرب المستويات الحالية هذا العام، إذ تساعد المخاطر الجيوسياسية المتواصلة وقيود الإنتاج التي تقودها أوبك على تعويض تنامي الإمدادات من منتجين آخرين.
وتوقع المسح الذي شمل خمسين اقتصاديا ومحللا، وأجري أغلبه قبل انتشار فيروس كورونا، أن يبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي برنت 63.48 دولار للبرميل في 2020، يأتي ذلك بالمقارنة مع متوسط عند 63.76 دولار منذ بداية العام وتوقعات الشهر الماضي عند 63.07 دولار. وارتفعت توقعات عام 2020 لخام غرب تكساس الوسيط إلى 58.22 دولار للبرميل من 57.70 دولار في توقعات ديسمبر (كانون الأول).
وكانت أسعار النفط قد قفزت في وقت سابق من الشهر السابق بعد ضربة جوية أميركية بطائرات مسيرة قتلت قائدا عسكريا إيرانيا كبيرا، لكن عمر الزيادة كان قصيرا. والأسعار الآن قرب أدنى مستوياتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) بفعل مخاوف من أن يضر وباء فيروس كورونا بالنمو العالمي والطلب على النفط، لكن يفترض أن تضع تخفيضات الإنتاج من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حدا للنزول.
ويتوقع معظم المشاركين في الاستطلاع أن تمدد أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا، المجموعة المعروفة باسم أوبك+، اتفاقهم لكبح الإمدادات بعد الموعد النهائي المُتفق عليه في نهاية مارس. ويتوقع المحللون أن ينمو الطلب العالمي على النفط بما بين 0.8 مليون برميل يوميا و1.5 مليون برميل يوميا هذا العام، وذلك بالمقارنة مع توقعات وكالة الطاقة الدولية البالغة 1.2 مليون برميل يوميا.
أسواق النفط تتذبذب بعد خسائر حادة
تباين بين الخبراء حول توجهات 2020
أسواق النفط تتذبذب بعد خسائر حادة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة