نتائج نمو باهتة في منطقة اليورو

TT

نتائج نمو باهتة في منطقة اليورو

أظهر تقدير أولي الجمعة أن نمو اقتصاد منطقة اليورو تباطأ عن المتوقع في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2019. بينما ارتفع التضخم في يناير (كانون الثاني) بما يتماشى مع التوقعات بفضل قفزة سجلتها أسعار الأغذية والمشروبات الكحولية والتبغ والطاقة.
وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إن الناتج المحلي الإجمالي في دول منطقة اليورو البالغ عددها 19 دولة ارتفع 0.1 في المائة على أساس فصلي مسجلا زيادة بنسبة واحد في المائة على أساس سنوي. وكان خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم توقعوا نموا 0.2 في المائة على أساس فصلي وزيادة سنوية نسبتها 1.1 في المائة.
ومن بين النتائج اللافتة أمس أن الاقتصاد الفرنسي انكمش بشكل غير متوقع للربع الرابع على التوالي، ليسجل أكبر تراجع في منطقة اليورو في نهاية عام 2019.
وقالت وكالة «بلومبرغ» إن إجمالي الناتج المحلي في ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، تراجع بنسبة 0.1 في المائة، وسط انخفاض في الصادرات والمخزونات. وكان جميع خبراء الاقتصاد، الذين استطلعت آراءهم وكالة بلومبرغ، قد توقعوا تحقيق نمو.
وتباطأ النمو في إنفاق المستهلك والاستثمار في الأعمال التجارية على حد سواء، مسجلين أقل ربع سنوي. وبقي اليورو عند مستوى منخفض بعد التقرير وتم تداوله بسعر 1.1023 دولار في الساعة السابعة و33 دقيقة صباحا بتوقيت باريس، بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة.
وهذا الانكماش يتناقض مع الأجواء الأكثر تفاؤلا التي سادت أوروبا مؤخرا. وكانت استطلاعات الرأي قد أشارت إلى أن النمو في منطقة اليورو يمكن أن يتحسن في عام 2020.
أيضا انكمش الاقتصاد الإيطالي بنسبة 0.3 في المائة في الربع الرابع من 2019 ليحقق نتيجة سيئة بصورة غير متوقعة بالنسبة لثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
وأصدر المعهد الوطني الإيطالي للإحصاء (إستات) الجمعة التقديرات المبدئية للنمو على أساس ربع سنوي. وكانت هذه أول بيانات فصلية سلبية في البلاد منذ أكثر من عام، وأكبر انكماش فصلي في إجمالي الناتج المحلي خلال ما يقرب من سبعة أعوام.
وقال المعهد الوطني الإيطالي للإحصاء إن الاتجاهات السلبية في الزراعة واستغلال الغابات وصيد الأسماك والصناعة والطلب المحلي أسهمت في انخفاض إجمالي الناتج المحلي، بينما كانت اتجاهات التصدير إيجابية. وكان المحللون في «يونيكريديت»، أكبر بنك في إيطاليا، يتوقعون نموا بنسبة 0.1 في المائة على أساس ربع سنوي.
وأشارت تقارير إلى أن الاقتصاد الإيطالي حقق نموا خلال عام 2019 كله بنسبة 0.2 في المائة. وتشهد إيطاليا ركودا منذ بداية القرن الجديد. وهي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي، باستثناء اليونان، التي لم يعد إجمالي الناتج المحلي فيها إلى مستويات أزمة ما قبل عام 2007.
وعلى نحو منفصل، قال يوروستات إن أسعار المستهلكين في منطقة اليورو انخفضت واحدا في المائة على أساس شهري في يناير (كانون الثاني) وسجلت زيادة 1.4 في المائة على أساس سنوي، مما يمثل تسارعا من معدل بلغ 1.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) وواحدا في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).
لكن ارتفاع التضخم العام يرجع بشكل أساسي إلى قفزة في الأسعار المتقلبة للأغذية والمشروبات الكحولية والتبغ التي صعدت 2.2 في المائة على أساس سنوي. كما زادت أسعار الطاقة 1.8 في المائة.
وباستثناء الأغذية غير المُصنعة والطاقة، أي ما يطلق عليه البنك المركزي الأوروبي التضخم الأساسي، تكون الأسعار نمت 1.3 في المائة على أساس سنوي، لتتباطأ من معدل 1.4 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).
وتأتي مؤشرات النمو والتضخم بعد ساعات من تقارير من المفوضية الأوروبية الخميس أفادت بأن المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو قفزت في يناير الجاري مع ارتفاع ثقة المصنعين إلى أعلى مستوياتها منذ أغسطس (آب) الماضي، في مؤشر على أن اقتصاد التكتل ربما يكون حقق بداية قوية للعام. وفي بيان منفصل، قال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) أيضا إن البطالة في منطقة اليورو هبطت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لأدنى معدلاتها في أكثر من عشر سنوات.
لكن رغم ذلك التفاؤل، فإن بيانات النمو تتماشى مع مسح الأسبوع الماضي أظهر أن نشاط قطاع الأعمال بمنطقة اليورو ظل ضعيفا في بداية العام. واستقرت القراءة الأولية لمؤشر آي.إتش.إس ماركت المجمع لمديري المشتريات في منطقة اليورو، الذي يعد مقياسا جيدا لمدى متانة الاقتصاد، عند 50.9 في يناير، بما يقل عن متوسط التوقعات في استطلاع أجرته رويترز البالغ 51.2. وأي قراءة فوق الخمسين تشير إلى نمو.
وتعثر المؤشر الرئيسي بفعل قطاع المصانع الذي ما زال يعاني. وظل مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي دون نقطة التعادل للشهر الثاني عشر، مسجلا 47.8 رغم أن ذلك يمثل تحسنا مقارنة مع قراءة ديسمبر (كانون الأول) البالغة 46.3 وتزيد عن توقعات استطلاع رويترز عند 46.8. وزاد مؤشر يقيس الإنتاج، يصب في مؤشر مديري المشتريات المجمع، إلى 47.5 من 46.1 وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس.
وبينما ظلت معظم المؤشرات المستقبلية لمؤشر مديري المشتريات في قطاع التصنيع تسجل قراءة سلبية، فإنها تتحرك في الاتجاه الصحيح. واستمرت مؤشرات الطلبيات الجديدة والتوظيف والأعمال قيد التنفيذ وكمية المشتريات دون مستوى الخمسين لكنها ارتفعت.
لكن كانت هناك دلائل على أن قطاع الخدمات المهيمن على المنطقة يتراجع إذ انخفض مؤشر مديري المشتريات للقطاع إلى 52.2 من 52.8. مما يخالف توقعات بعدم تسجيل تغيير.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.