عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء أمس الخميس، من موسكو وهو يحمل «هدية غير مجانية» من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، هي عبارة عن إطلاق سراح سجينة إسرائيلية، مقابل استجابة إسرائيلية لعدة طلبات روسية عينية. ويحاول نتنياهو استغلال هذا الحدث إلى أقصى حد، في معركته الانتخابية القادمة، فيظهر نفسه كمن يحرص على الإسرائيليين في الداخل والخارج ويقيم علاقات مميزة مع كبار الزعماء في العالم، الرئيس الأميركي يمنحه خطة سلام يضم فيها المستوطنات والرئيس الروسي يصدر عفوا عن شابة محكومة بالسجن 7.5 سنة. وكانت الشابة الإسرائيلية، نِعاما يسسخار، قد مرت في طريقها من الهند لإسرائيل عبر مطار موسكو يوم 12 أبريل (نيسان) 2019. فضبط بحوزتها على كمية 9.5 غرام من القنب. فاعتقلت وقدمت للمحاكمة. وفرض عليها حكم قاس بشكل خاص. واعتبر الحكم انتقاما من إسرائيل أولا لأنها ترفض استقبال زوار وسياح من الروس بالعشرات يوميا في مطار بن غوريون، وتعيدهم إلى بلادهم، ولأنها أيضا قامت بتسليم الهاكرز الروسي، ألكسي بوركوف، إلى الولايات المتحدة ورفضت طلبا روسيا بتسليمه. وأثار سجن الشابة يسسخار موجة من الانتقادات على نتنياهو، أدت إلى إثارة مخاوف أن تؤثر عليه في الانتخابات. فوعد بعمل كل ما يلزم في سبيل إطلاق سراحها. وتوجه عدة مرات إلى الروس وتكلم مع بوتين شخصيا حولها. ووافق بوتين على التقاء والدتها، خلال زيارته لإسرائيل في الأسبوع الماضي، ووعدها بإطلاق ابنتها قريبا. وتبين أن إسرائيل دفعت لروسيا ثمن هذا الإطلاق، بعدة إجراءات، بينها: الموافقة لأول مرة على أن تسجل روسيا ملكيتها لساحة ألكسندر، الواقعة في مجمع المسكوبية المحاذي لكنيسة القيامة في القدس المحتلة، والموافقة على تنظيم الملكية على ساحة سيرغي، في مجمع المسكوبية، ومنحها إعفاء من الضرائب، وتوقيع إسرائيل على اتفاق مع روسيا يقضي بأن تقلص بشكل كبير عدد السياح الروس الذين يصلون إليها، والتوقيع على اتفاق، يقضي بتبادل عمليات تبني أطفال، على أساس القوانين الروسية، التي تمنع عائلات مثلية من حق التبني. وقد نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية انتقادات لنتنياهو واتهمته بالمبالغة في موضوع يسسخار لأغراض حزبية. وقالت صحيفة «هآرتس»، إن هناك مئات الإسرائيليين الأبرياء معتقلون في سجون مختلفة في العالم، لكن نتنياهو لا يكترث لهم لأن ذويهم لا يثيرون ضجة. وهو يركز جهوده لإطلاق سجينة مخدرات، لأنه في عشية انتخابات.
الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.
وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.
وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.
وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.
انتهاكات مروّعة
وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.
وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».
ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.
وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.
ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.
وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.
وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.
وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.
إقبال على الهجرة
يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.
لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.
وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».
وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.
وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.
ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.
وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.