سلامة يطالب بقرار دولي لوقف «مستدام» للنار في ليبيا

TT

سلامة يطالب بقرار دولي لوقف «مستدام» للنار في ليبيا

حض غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أمس، الليبيين على الإفادة من «المظلة الدولية الواقية» التي تشكلت في مؤتمر برلين، وعبر عن أسفه لتجدد المعارك الضارية في محيط العاصمة طرابلس. مطالبا مجلس الأمن بإصدار قرار يدعم وقفاً مستداماً لإطلاق النار، وسط انتقادات واسعة لاستمرار انتهاك حظر الأسلحة، ولا سيما من قبل تركيا.
وقدم المبعوث الدولي إحاطة إلى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من العاصمة الكونغولية برازافيل، وذلك على هامش مشاركته في القمة الثامنة لرؤساء الدول الأعضاء في اللجنة الرفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي والمعنية بليبيا، وقال في كلمته إن ممثلي البلدان المعنية والمنظمات الإقليمية، وبعض من ساهم في تأجيج النزاع بشكل مباشر أو غير مباشر، وافقوا في مؤتمر برلين على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، والتزام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة. واعتبر أن قمة برلين «محاولة جادة لتوحيد المجتمع الدولي المتنافر، ولمنح الأمل لليبيين المشاركين في القمة»، داعيا إلى الإفادة مما سماه «المظلة الدولية الواقية» التي «ستسمح لليبيين باستعادة قدرتهم وسيادتهم».
ولاحظ سلامة أنه «بعد هدنة 12 يناير (كانون الثاني) الجاري، كان هناك انخفاض مبدئي في العنف، الذي وفر على سكان طرابلس الكبرى استراحة ماسة من معاناة الحرب». لكن التطورات الأخيرة على الأرض «تبعث على الأسف لأن الهدنة صارت بالاسم فقط»، مشيراً إلى «قتال ضار خارج طرابلس» بعدما «شن الجيش الوطني الليبي في 26 من يناير الحالي هجوماً على قوات حكومة الوفاق الوطني في منطقة أبو غرين بجنوب مصراتة، ما أدى إلى اشتباكات عنيفة أوقعت عشرات الضحايا من الجانبين».
في غضون ذلك، عبر سلامة عن «قلق عميق من التعزيزات العسكرية القادمة للجانبين، مما يثير شبح الصراع الأوسع الذي يمكن أن يجتاح المنطقة الأوسع». وأكد أن الأطراف المتحاربة «لا تزال تتلقى كمية كبيرة من المعدات المتقدمة، والمقاتلين والمستشارين من الرعاة الأجانب». كما انتقد «الوقاحة في انتهاك حظر الأسلحة، والتعهدات التي قدمها ممثلو هذه الأطراف في برلين». مبرزا أن هناك تعزيزات لقوات «الجيش الوطني الليبي» على طول الخطوط الأمامية في طرابلس، فضلاً عن «زيادة ملحوظة» في الرحلات الجوية إلى شرق ليبيا لنقل معدات عسكرية لـ«الجيش الوطني».
وتمنى سلامة أن «تغتنم الأطراف الليبية الزخم الذي نشأ في قمة برلين وفي برازافيل» أمس، داعياً إلى «إعطاء الليبيين بعض الأمل وإظهار أن المجتمع الدولي لم يتخل عنهم». كما طلب من أعضاء مجلس الأمن إصدار قرار يدعم مقررات برلين، لأن من شأن ذلك «توجيه إشارة حاسمة إلى الليبيين، ولكن أيضا إلى المفسدين المحليين والدوليين، على حد سواء، حول الجدية التي ينظر بها المجتمع الدولي إلى هذه العملية». ومع ذلك، عبر سلامة عن «غضبه وخيبة أمله العميقة مما حدث منذ برلين». وتحدث عن «لاعبين عديمي الضمير داخل ليبيا وخارجها، يسخرون ويومئون ويغمزون ضد الجهود المبذولة لتعزيز السلام... وفي الوقت ذاته يواصلون دعم الحل العسكري، الأمر الذي يثير الخوف من شبح صراع واسع النطاق»، معتبراً أن «هذا تجاهل صارخ لسيادة ليبيا والحقوق الأساسية للشعب الليبي، وانتهاك صارخ للإجماع الدولي والنظام الدولي القائم على القواعد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.